Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
مقالات

تَمامًا كالأنبياءِ

قرأتُ قبلَ أيامٍ عن عادةٍ ينتَهِجُها أهالي سَلطنةُ “عُمان”؛ حيثُ يَهدونَ أبناءَهم جِرارًا فَخَّاريةً كلَ عامٍ؛ لِيَجمعوا فيها أموالًا يقتطِعونَها من مصروفِهم اليومي، وحينما يأتي شهرُ شعبانَ؛ يجتمعُ الأطفالُ وعائلاتُهم في طقسٍ يُشبِهُ الاحتفالَ؛ حيثُ يجلسُ الأطفالُ مُتراصِّينَ؛ ويبدأونَ بِكَسرِ الجرارِ؛ واستخراجِ أموالِهم للتبرُّعِ فيها لإفطارِ صائمٍ، أو للصدَقةِ في رمضانِ، قبلَ أنْ يستلِموا جِرارَهم الجديدةَ لِيَبدأوا الادّخارَ من جديدٍ للعامِ القادمِ، وبِنفسِ الطريقةِ.

وأنا أعرفُ أننا جميعَنا نُحبُّ العطاءَ؛ ولكننا نتجاهلُ ولا نهتمُّ بأنْ يشارِكَنا أبناؤنا هذا العطاءَ، فمن الجميلِ أنْ تُعطيَ ابنَك طبقًا من الطعامِ؛ ليأخُذَه إلى الجيرانِ، أو تُحَمِّلَه صندوقَ زجاجاتِ ماءٍ؛ ليأخذَها إلى المسجدِ في رمضانَ.

إنَّ أكثرَ شيءٍ مُحبَّبٍ لقلبِ ابنتي “حبيبة”؛ هو أنْ أقترِحَ عليها فِعلًا فيه الخيرُ؛ لأنّ الخيرَ والعطاءَ فطرةٌ في القلوبِ، يحبُّ كلٌّ مِنا أنْ يُعطيَ..، بل إنَّ السعادةَ الحقيقةَ وجدتُها في مساعدةِ أحدِهم في: حلِّ مشكلةٍ، شراءِ هديةٍ، إطعامِ طعامٍ؛ كلُّ ذلكَ من شأنِه أنْ يعطيكَ طاقةً إيجابيةً كبيرةً.

فعلتْ “حبيبة” كما فعلَ أطفالُ سَلطنةِ “عُمان”؛ وجمعتْ في حصّالتِها مالًا زهيدًا طفوليًّا وشارَكتْ في إطعامِ أسرةٍ مُتعَفِّفةٍ، وكم كانت سعيدةً، وكانت سعادتي أكبرَ.

ولْتَعلَمْ عزيزي الأبُ أنَّ العطاءَ هو أسهلُ الطرُقُ لامتلاكِ قلوبِ الناسِ، العطاءُ بالفعلِ أو بالكلمةِ الطيبةِ؛ وفي ذلك أَذكُر قولَ الشيخِ “راتب النابلسي”: الحقيقةُ أنَّ كلمةَ “عطاء” تُذكِّرُني بموضوعٍ دقيقٍ جدًّا؛ هو أنْ يقعَ على رأسِ الهرمِ البشريِّ زُمرتانِ كبيرتانِ؛ الأنبياءُ والأقوياء؛ الأنبياءُ أعطوا ولم يأخذوا، والأقوياءُ أخذوا ولم يُعطوا، فالنبيُّ أعطَى ولم يأخذْ، القويُّ أخذَ ولم يعطِ، النبيُّ مَلَكَ القلوبَ، والقويُ مَلَكَ الرقابَ، وشَتّانَ بينَ أنْ تملكَ رقبةَ الإنسانِ، وبينَ أنْ تملكَ قلبَه.

عوِّدْ ابنَكَ أنْ يمتلكَ القلوبَ، تمامًا كالأنبياءِ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى