الأمهات ورمضان فرص لا تعوض
يُحكى أنَّ طفلةً سألتْ أُمَّها، لماذا تضعينَ السمكةَ في المقلاةِ بهذهِ الطريقةِ يا أمي؟ ردّتْ ستُّ الحبايبِ؛ بأنها سألتْ أمَّها ذاتَ يومٍ ذاتَ السؤالِ، وكانت إجابةُ الجدّة “هيك لقيت أمي بتسوي”.
القصةُ السابقةُ تؤكّدُ مدَى تأثيرِ العاداتِ والتقاليدِ علينا، ولا أكونُ مبالغًا لو قلتُ بأنّ أغلبَ المتأثّرينَ والممارسينَ والناقلينَ للكثيرِ من العاداتِ والتقاليدِ؛ هم من الجنسِ اللطيفِ، وأنّ قلّةً من الناسِ من يعرفُ أصلَ الحكايةِ، وأغلبَهم يردّدونَ المأثورَ كما هو،، ولسانُ حالِهم يقول ” قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَٰلِكَ يَفْعَلُونَ”. الشعراء 74
قد يسألُ أحدٌ ما، ما علاقةُ المقدمةِ بالعنوانِ ؟ طوّل بالك شوية عليا يا عزيزي.
وبالعودةِ إلى العنوانِ، وبما أننا في شهرِ رمضانَ؛ هذا الشهرُ المختلفُ بكُلِّ ما فيه، فقد اختلفتْ طُرقُ استقبالِنا له، وفقَ نظرتِنا له، بعضُنا يراهُ شهرَ التقربِ إلى اللهِ أكثرَ، والتطهُرِ أكثرَ من الذنوبِ، وغسلِ نفوسِنا وأجسادِنا ما علقَ بها في الأشهرِ الماضيةِ ( يعني زي الساونا) تطلع منه كما ولدتكَ أمُّك، وبعضُنا يراه شهرَ الأفلامِ والمسلسلاتِ والسهرِ حتى مطلعِ الفجرِ، وآخَرونَ يرونه موسمًا تجاريًّا، وكُلٌّ يغني على ليلاهُ في رمضانَ، وقد ربحَ من أحسنَ استثمارَه.
ومن الأخطاءِ التي تقعُ فيها أغلبُ الأُسرِ هو “البذخُ والإسرافُ” في الأكلِ، فالأولادُ في النهارِ يشتهونَ الأطعمةَ الكثيرةَ، فيُدخلون أمهَم في حالةِ طوارئ، فهذا يرغبُ بشيء، وآخَرُ يرغُب بشيءٍ آخَرَ، والكُلُّ عامل فيها (أفندي)، وهذا ما يرفعُ صوتَها وضغطَها، وما أن يُرفعَ الآذانُ؛ ونبدأَ بتناولِ الطعامِ؛ حتى نشعرَ بالشبعِ ويزيدَ كثيرٌ من الطعامِ عن الحاجةِ، ويكونَ في أغلبِ الأحوالِ مأواهُ” القمامة”.
وهنا أوجّهُ رسالةً للأختِ (حواء)؛ لأنها تملكُ قدرةَ تأثيرٍ عاليةً على أفرادِ الأسرةِ؛ بدءًا من تسميةِ الجنينِ الذي في بطنِها؛ إلى اختيارِ بدلةِ فرحِ ابنتِها، وقدرة عجيبة رهيبة في ضبط ايقاع مدرسة المشاغبين في بيتها، وتسييره وفق أشرعتها دون أن يفتح أحد منهم “بقه” بكلمة أو يقول “بم”.
عزيزتي حواء اعلمي أنّ ما تفعليه أمام أولادِك؛ هو مقدّس لديهم، وسيفعلونه حينما يكبرون، ويقولون” هيك كانت أمنا بتسوي”.
* فلا تحوّلي رمضانَ لشهرِ الطعامِ والشرابِ، اصنعي ما يكفي يومَكم؛ فليس كلُّ ما تشتهيهِ النفسُ يجبُ أنْ تأكلَه، فالإنسانُ الصائمُ يشتهي كثيرًا ويأكلُ قليلاً.
* شجّعي أولادَكِ على التعاملِ مع رمضانَ وفقَ الفلسفةِ الربانيةِ القائمةِ على التقربِ إلى اللهِ، وأنّ الصيامَ ليس تجويعًا؛ بل تهذيبً وتأديبًا وإصلاحًا للجسمِ والنفسِ.
* رمضان فرصةٌ لتعلّمي أطفالَك كيف يشعرونَ بالفقراءِ والمحتاجينَ، فتذكّري _وأنت تُكثرينَ من المأكولاتِ_ الكثيرَ ممن يفتقدونَ لِما فاضَ عن حاجتِك، فلا تنسي من يستحقُّ التذكُرَ من الأهلِ والجيرانِ.
* اعلمي وعلّمي أولادَك أنّ الإسرافَ في الأكلِ يسببُ الأمراضَ، وأنّ الاعتدالَ، يجعلُهم شخصياتٍ قنوعةً.
* صناعةُ الكثيرِ من الأطعمةِ؛ يخلقُ شعورًا لدَى أطفالِك بأنّ الصيامَ عذابٌ وإرهاقٌ.
وبعيدًا عن النصائحِ المتعلقةِ بالطعامِ، أنصحُكِ:
* خطِّطي برفقةِ أُسرتِك في أفضلِ الطرُقِ والأفكارِ لاستثمارِ رمضان .
* لا للسهرِ على البرامجِ والمسلسلاتِ الفاسدةِ المفسدةِ.
* لا تحوّلي رمضانَ لشهرِ المشترياتِ، فهو شهرُ عبادةٍ بالدرجةِ الأولى.
* رمضانُ فرصةٌ لإشراكِ أطفالِك في العملِ، وتشجيعِهم على معاونتِك.
وأختمُ برسالةٍ إلى “سي السيد”؛ لا تنسَ أنّ زوجتَك مِثلُك صائمةٌ ومرهَقةٌ ومتعَبةٌ و” زهقانة حالها”، فلا داعي لأنْ تُرهقَها بمطالبِك، فكُن عونًا لها في أعمالِ البيتِ، وقّدرْ جهدَها، وأشكُرها أمامَ الأولادِ، ولا تزعلْ لو نامت على سجادةِ صلاةِ العشاءِ، فكلمة “الله يسلّم إيدك ياحبيبتي” تزيلُ همومَها ولو كثرتْ.