عمودُ البيتٍ
دعُونا نتخيّلُ أنْ يكونَ هناك بيتٌ بدونِ امرأةٍ ؛ بالتأكيدِ سيكونُ الحالُ صعبًا للغايةِ؛ لسببٍ بسيطٍ وهو المرأةُ بشكلٍ عام تُعدُّ عمودَ البيتِ، ووجودُها أساسٌ لاستقرارِ الحياةِ ، كيف لا وهي التي تُضحّي من أجلِ بناءِ الأُسرةِ وبناءِ المجتمعِ؛ لذلكَ أصبح البعضُ يطلِقُ عليها “نِصفَ المجتمعِ”، والنصفُ الآخَرُ يقولُ بأنها المجتمعُ كلُّه؛ لذلكَ هناك من يتَّهِمونَ هذه الفئةَ “بالمبالغةِ”؛ إلّا أنني أؤكّدُ بأنّ الأُسرةَ المسلمةَ تحديدًا؛ ما يميِّزُها بالاستقرارِ والهدوءِ والتضحيةِ؛ هو وجودُ المرأةِ المسلمةِ التي يُمكِنُ أنْ تكونَ أُمًّا، أو أختًا، أو عمَّةً، أو جدّةً، أو زوجةً ، المرأةُ هي الحبُّ والحنانُ، وهي رمزٌ للعطاءِ، المرأةُ هي الأمُّ، التي تغرسُ في قلوبِ أبنائها المودّةَ، وهي مَدرسةٌ تنشئُ أجيالاً ووطنًا، هي التي صنعتْ من التضحياتِ والبطولاتِ حياةً مليئةً بالفخرِ للأبناءِ، هي الوردةُ النرجسيةُ، التي تَنشرُ عبقَ الحُبِّ والطَّمأنينةِ في أرجاءِ الحياةِ، المرأةُ هي أمُّ الإنسانيةِ جمعاءَ؛ وبدونِها يبقَى المجتمعُ كالعدمِ، فهي الحِضنُ الدافئ.
وقد قالَ جلال الدين الرومي:” إنَّما المرأةُ من نُورِ اللهِ ، فهي ليستْ مُجرَّدَ حبيبةٍ، أو حتَّى مخلوقةٍ؛ بل إنَّها خلّاقةٌ.”
ولَطالَما كُرِّمتْ المرأةُ من دينِنا الإسلاميِّ الحنيفِ، الذي أكّدَ على حقوقِها في أكثرَ من موقفٍ؛ وأعطَى للمرأةِ ما يَحفظُ كرامتَها ويصونُها في كلِّ المراحلِ، وقد كان الرسولُ _صلى الله عليه وسلم_ خيرَ قدوةٍ في هذا الأمرِ؛ عندما قالَ” قال أوصيكُم بالنساءِ خيرًا”، وقال أيضًا “النساءُ شقائقُ الرجالِ”. وقد وصَفَ الرسولُ _صلى الله عليه وسلم_ نساءَ قريشٍ بأنهنُّ خيرُ النساءِ؛ عندَما قال سعيد بن الْمُسَيِّبِ؛ أنّ أبا هريرةَ _رضيَ اللهُ عنه_ قال: سمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((نِساءُ قُرَيْشٍ خَيْرُ نِساءٍ رَكِبْنَ الإبِلَ، أَحْنَاهُ على طِفْلٍ وأَرْعاهُ على زَوْجٍ في ذاتِ يَدِهِ)).
كلُّ هذا يجعلُ المرأةَ المُسلمةَ فخورةً بأنها كُرّمتْ في كلِّ في العامِ؛ وليس فقط في الثامنِ من آذارَ، الذي جاءَ بعدَ مُطالَبةِ النساءِ المُضطَّهداتِ، اللواتي خرجنَ بثورةٍ للحصولِ على حقوقِهنَّ؛ التي لا توجَدُ إلّا في الديانةِ الإسلاميةِ؛ لذلكَ كان حَرِيٌّ بالمرأةِ المسلمةِ أنْ تفتخرَ بإسلامِها؛ الذي قدَّرَها وساعدَها في رَسمِ مُستقبلِها . كيف لا، وهي التي أنجبتْ الأبطالَ؛ وربّتْ الرجالَ؛ وحَفّزتْ الهِمَمَ من أجلِ الوطن.
فكان صِدقًا ما يُقالُ بأنّ المرأةَ هي الَّلبِنةُ الأولَى في بناءِ المجتمعِ وتَقدُّمِه .