Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
مقالات

أُمُّ البناتِ مَجبورةُ البالِ والخاطرِ

أخبَرتْني صديقةٌ عن كلمةِ “الله يعوّض عليكِ”؛ الكلمةُ التي تَسمعُها عشراتِ المراتِ يوميًّا .. ويصِلُ تعدادُها إلى ألفِ مَرّةٍ شهريًّا ..تَسمعُها من القريبينَ؛ إذا بادرتَ بالاتصالِ عليهم مطمئنّةً… من حماتِها إنْ صنعتْ لها كوبًا من الشاي، أو أهدتْها شالًا مُطرّزًا بالوردِ… من زميلاتِها إذا ألقتْ عليهنّ تحيةَ الصباحِ ..، ممّن تزورُهُنَّ أو يزُرْنَها مُهنئاتٍ، معزياتٍ، مبشِّراتٍ، تسمعُها في المناسباتِ العامةِ والخاصةِ والعائليةِ والأعيادِ الرسميةِ، أحيانًا يكتبُها أصدقاؤها في التعليقاتِ؛ حينَ تضعُ صورةَ إحدى بناتِها على “الفيسبوك”. 

تسمعُها من الغرباءِ الذين يشاهدونَها تسيرُ مع صغيراتِها في المنتزهاتِ.. أو تركبُ مواصلةً عموميةً .. ويُبادرونَها بالسؤالِ: هؤلاءِ بناتُكِ؟ فَترُدُّ بفَخرِ الأمهاتِ “نَعم”..؛ وبعدَها تقرأُ صدَمتَهُنَّ بثلاثِ بناتٍ في مجتمعٍ ذكوريّ بَحتٍ؛ يرى أنّ المرأةَ أنجبتْ إذْ أنجبتْ ذكرًا فقط، ومَهما أنجبتْ من الإناثِ؛ عليها أنْ تعيدَ الكَرّةَ مرّاتٍ ومراتٍ؛ حتى تنجحَ في صنعِ الذرّةِ .. “الطفلُ الذَّكرُ”.

تسمعُها من الجيرانِ بوضوحٍ؛ وأحيانًا بِتَمتمَةٍ؛ فهي بنظرِهم تلكَ الحزينةَ البائسةَ التي لم تَنجبْ ذَكرًا!  يا الله على هَولِ الكارثةِ التي تعيشُها!  يا الله على هَولِ الفاجعةِ! ماذا ستَفعلُ أمامَ مصيبتِها! إنها لم تُنجبْ ذَكرًا!  بل ماذا سيَفعلُ زوجُها بكارثتِه؟ إنه أبو “البنات”!

متى سيُدركُ الجميعُ أنّ خاطرَ أمِّ البناتِ مجبورٌ _ومن سابعِ سماءٍ_ وأنّ عوَضَ اللهِ وكرَمِه قد شملَها؛ يومَ تحرّكتْ أولُ طفلةٍ في أحشائها،  متى سيُدركونَ أنّ مشاعرَ الأمومةِ لا تُفرّقُ بينَ ذكرٍ وأنثى! وأنّ التربيةَ مهمّةٌ شاقّةٌ وصعبةٌ لا يمكنُ السيرُ فيها والنساءُ؛ يقاتِلنَ داخلَ أكشاكِ الولادةِ وعلى أَسِرَّتِها؛ لعلَّهُنَّ يُنجِبنَ ذكرًا … حتى لو إسمًا!

متى سيُدركُ المجتمعُ أنّ ذكورَه وإناثَه يأخذونَ من الأمِّ جهدًا وتربيةً ومَشاعرَ متساويةً!  متى سيُدرِكونَ أنّ أمَّ البناتِ لا تشعُرُ بنقصٍ أبدًا!  متى سيَعرفونَ أنّ خاطرَهنَّ مَجبورٌ! وقلوبَهنَّ مجبوراتٍ حدَّ التشَبُعِ بنعمةِ الأمومةِ! متى يتوَقّفون عن قولِ “الله يعوّض عليكِ”؛ حتى وهم يباركونَ بقدومِ طفلةٍ رابعةٍ!

متى ستَتوَقفُ النساءُ عن عرضِ نصائحِهنَّ للأُخرياتِ؛ بأنْ يُجرِّبنَ الإنجابَ مرّةً أخرى؛ مُبشرَاتٍ بأنهنَّ سيُنجِبنَ الذَّكرَ الذي بِتنا نشعرُ أنه سيُحرّرُ القدسَ؛ رُبما من كثرةِ الإلحاحِ على وجودِه من قِبلِ الأُخريات! متى ستزولُ الصدمةُ عن وجوهِنَّ؛ وحينَ تُخبِرُهُنَّ أمُّ البناتِ أنها اكتفتْ بِخَلَفِ البناتِ؛ وأنها غيرُ مهتمّةٍ بإنجابِ “ذكرٍ”!

لماذا يتناسَى المجتمعُ _برُمَّتِه_ نِعمةَ البناتِ! وكيف أنها نعمةٌ يَجدُ العبدُ ثمرتَها في الدنيا والآخِرة؛ في الدنيا بِسِعَةِ الرزقِ، والحنانِ والبِرِّ الذي يَجدُه الآباءُ والأمهاتُ من بناتِهم، وفي الآخِرةِ بالشفاعةِ ودخولِ الجنةِ؛ بنَصِّ حديثِ المعصومِ _صلى الله عيه وسلم_؛ بسببِ تربيتِهِنَّ حتى يَبلُغنَ سنَّ الرشدِ، أو يَتزوجْنَ، سواءٌ كُنَّ ثلاثًا، أو اثنتَينِ، أو واحدةً.

و إنّ الشخصَ الذي لدَيه ابنتانِ؛ وقامَ بتربيتِهما حتى يَبلُغا؛ يُدخِلانِه الجنةَ؛ لقولِ النبيّ _صلى الله عليه وسلم_ عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” مَن عالَ جاريتَينِ حتى تَبلُغا جاءَ يومَ القيامة أنا وهو هكَذا ، وضمَّ أصابعَه”، وقال ” من كَانَ لَهُ ثَلاثُ بَنَاتٍ فَصَبَرَ عَلَى لأْوَائِهِنَّ وضَرَّائِهِنَّ وَسَرَّائِهِنَّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ إِيَّاهُنَّ، فَقَالَ رَجُلٌ أَوْ ثِنْتَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَوْ ثِنْتَانِ فَقَالَ رَجُلٌ أَوْ وَاحِدَةٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَوْ وَاحِدَةٌ”.
 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى