في الثامنِ من آذار بيوتُ الغزيِّينَ لها نساؤها

تحقيق : السعادة
تعملُ النساءُ على مستوى العالمِ لأسبابٍ عدّة؛ من بينِها زيادةُ الرفاهةِ الاجتماعيةِ؛ وتلبيةُ احتياجاتِها الشخصيةِ؛ كَنوعٍ من الاستقلالِ الماديّ والنفسيّ؛ الذي يجِّسدُ هدفًا أساسًا في حياةِ النساءِ، أمّا في قطاعِ غزةَ فتَطرُقُ النساءُ أبوابَ العملِ؛ للبحثِ عن لُقمةِ عيشٍ لصغارِها؛ حيثُ تَضعُها ظروفُ غزةَ المُتدَهوِرةُ على فَوهةِ بُركانٍ، ويُطالِبُها المحيطُ الاجتماعي؛ ويَدفعُها الحنانُ الأُنثَويُّ لأنْ تجدَ حَلّاً لأيِّ مشكلةٍ لعائلتِها؛ حتى وإنْ كان الحلُّ في أنْ تأخذَ دَورَ الرجلِ؛ ففي هذه الحالةِ يَنحَني كثيرٌ من الرجالِ؛ لتأخُذَ المرأةُ دَورَها في العملِ؛ وتَحمِلَ مسؤوليةَ البيتِ بشكلٍ كاملٍ.
شعورُ العَجزِ
سُمية “44 عامًا”، تعملُ مدرّسةً لدَى وزارةِ التربيةِ والتعليمِ، تقولُ لـ “السعادة”: تزوّجتُ قبلَ (25) عامًا من أحدِ أقربائي؛ الذي كان يعملُ خيّاطًا آنَذاكَ؛ لكنْ شاءتْ الأقدارُ أنْ يتوَقَّفَ عن عملِه فترةً من الزمنِ؛ ظنَنتُ في البدايةِ أنها فترةٌ بسيطةٌ؛ وتَتَحسَّنُ الأمورُ؛ لكنها طالتْ جدًّا.
وتضيفُ: قُمتُ بِبَيعِ ذهبي؛ والتحقتُ بالجامعةِ تَخصُّص “تعليمٍ أساسي”؛ وتميّزتُ في دارستي لأنني كنتُ أضعُ هدفَ انتشالِ عائلتي من الفقرِ والعَوزِ والحاجةِ؛ التي عِشناها لسنواتٍ؛ واستطعتُ التخرّجَ بثلاثِ سنواتٍ؛ وسرعانَ ما تقدّمتُ للوظيفةِ؛ وكانت رعايةُ اللهِ تَحفُّني؛ ونجحتُ وأصبحتُ مدرّسةً.
ومنذُ تلكَ اللحظةِ؛ رَكنَ زوجي عن العملِ! ولم يَعُدْ يَعنيهِ أمرُ البيتِ! وتوَلّيتُ أنا المسؤوليةَ بشكلٍ كاملٍ؛ حتى مُتطلباتُه الشخصيةُ الكاملةُ بِتُ أنا مَن يوفِّرُها، أنا أفكّرُ كيف نَبني..، كيف نُعَلّمُ..، كيف نُزوّجُ..، متى نزورُ العائلةَ..، ماذا نأكلُ.. ماذا نشربُ..، ماذا نشتري..
وتُتابعُ _بضحكةٍ بائسةٍ_: لم أكنْ أحلمُ بهذه الحياةِ؛ فأنا كبَقيةِ النساءِ؛ أحبُّ حياةَ الدلالِ والرفاهةِ؛ أحبُّ أنْ تكونَ طلباتي مُجابةً؛ لكنّ الحياةَ وضَعتْني في اختبارٍ قاسٍ؛ عندما تَنَحَّى زوجي عن مسؤوليةِ البيتِ؛ فنجحتُ أنا في إدارتِه، يَدرسُ ثلاثةٌ من أبنائي اليومَ داخلَ الجامعاتِ في تخصُّصاتٍ مختلفةٍ.
في حين، تقولُ “أم ماجد”:” تزوّجتُ من رجلٍ لا يتحملُ أيَّ مسؤوليةٍ في الحياةِ، في السنواتِ الأولى كانت معاناتي كبيرةً وجَوهريةً؛ لكنّ أحدًا لم يقِفْ إلى جانبي! حتى زوجي لم يُحاوِلْ تصحيحَ مفاهيمِ حياتِه! عائلتُه أخبروني؛ أنه منذُ صغرِه وهو بهذهِ الحالِ، ورغمَ ذلكَ لم تَقفْ عائلتُه إلى جانبي في أيٍّ من أشكالِ الحياةِ!
مرّتْ السنواتُ الأولى على صغاري صعبةً وقاهرةً ؛ كنتُ أعيشُ فيها شعورَ العجزِ الكبيرِ؛ إلى أنْ وجدتُ نفسي مُطالَبةً بإيجادِ حلٍّ.. كلُّ المحيطِ الاجتماعي يُطالِبُني بطريقةٍ لإيجادِ حلٍّ لحياتي؛ لاسيَّما في حالِ الانفصالِ عن زوجي؛ فإنّ أربعةَ أطفالٍ _هم ثَروتي في الحياةِ_ سيَكونون في كارثةِ الضياعِ.
ميزانُ النساءِ
خرجتُ من منزلي إلى مؤسساتِ المجتمعِ والمرأةِ؛ وطالبتُهم بإيجادِ حلٍّ لحياتي ومُعاناتي؛ حتى وصلتُ إلى مؤسِّسةٍ تُعطي قروضًا لمشاريعَ نسائيةٍ؛ فساعَدوني بكثيرٍ من التفاصيلِ؛ وقمتُ بافتتاحِ مكتبةٍ للقرطاسيةٍ؛ لاسيَّما وأنّ منزلي يقعُ مقابلَ مدرسةٍ؛ فاقتطعتُ جزءًا من المنزلِ؛ وحوّلتُه إلى مكتبةٍ.
في البدايةِ استطعتُ توفيرَ جزءٍ من مصروفِ البيتِ؛ وبعدَ ثلاثِ سنواتٍ؛ صارَ مشروعي ناجحًا؛ وكانت إدارةُ منزلي في غايةِ الدِّقةِ، وقد سَعيتُ أنْ أجعلَ أبنائي أشخاصًا مختلفينَ عن أبيهم بشكلٍ مُطلَقٍ؛ فقد علَّمتُهم حِسَّ الشعورِ بالمسؤوليةِ والعملِ والتفاني فيه، كانوا يجلسونَ الى جواري في المكتبةِ؛ حتى تشرَّبوا المِهنةَ بكُلِّ تفاصيلِها.
اليومَ وبعدَ أكثرَ من (15) عامًا؛ يمتلكُ ابني الكبيرُ مكتبةً مقابلَ إحدى الجامعاتِ؛ بينَما افتَتحَ الثاني مَحلّاً كبيرًا للهدايا والقرطاسيةِ في منطقةٍ راقيةٍ، ويمتلكُ الصغيرُ مكتبةً أمامَ إحدى المدارسِ الثانويةِ، والحقيقةُ إنّ إدارةَ جميعِ هذه المكتباتِ؛ أُشرِفُ عليها أنا؛ وأتابعُ كلَّ صغيرةٍ وكبيرةٍ فيها.
بتنهيدةٍ كبيرةٍ رُبما سمعَ صداها الحيُّ، تقولُ أم سليمان “66 عامًا؛ تعملُ مزارِعةً منذُ أكثرَ من ” 45 عامًا “:” تَضَعُنا الحياةُ في أماكنَ لا نُحِبُّها؛ لكنّ فطرتَنا الأُنثويةَ تَجعلُنا نَقبلُ ونتحمّلُ.. ففي ميزانِ النساءِ؛ العائلةُ والأبناءُ كفَّتُهم راجحةٌ، تُوفِّيَ زوجي تاركًا لي تسعةَ أطفالٍ؛ كان أكبرُهم آنَذاكَ (13) عامًا؛ وأصغرُهم توأمًا لم يولدْ بعدُ، بعدَ وفاتِه بفترةٍ بسيطةٍ حاولتْ عائلةُ زوجي التدَخُلَ في حياتِنا بشكلٍ مباشرٍ؛ ليس من بابِ الحبِّ؛ وإنما من بابِ الطمعِ فيما تَرِكَةِ زوجي؛ حيثُ كان يمتلكُ دونماتٍ كبيرةً من الأراضي.
وتضيفُ: بدأوا بالتضيّيقِ عليَّ؛ بأنْ أتركَ الأمورَ كاملةً لهم؛ هم يُديرونَ شكلَ الحياةِ؛ ويُحدِّدونَ المبلغَ الذي أعيشُ به مع صغاري؛ إذْ حدَّدوا لي مبلغَ (500) شيكلٍ كَمصروفٍ لبيتي؛ لم تكنْ تكفي لإعالتي أسبوعًا واحدًا، وبدأ أسلافي حينَها الضغطَ عليَّ للزواجِ بأحَدِهم؛ لكنَّ بعضَ المقرَّبين قاموا بتَوعيَتي بما يَملكُ زوجي؛ وأنّ هناكَ مُخطَّطًا ليأخذوا أملاكَ أبنائي.
صعوبةٌ بالغةٌ
استَفقتُ من صدمةِ الفقدانِ؛ وذهبتُ إلى مختارِ العائلةِ؛ وطالبتُه بمُساعدتي في حمايةِ مالِ أبنائي، وذهبتُ إلى مؤسَّساتٍ نسويةٍ طالبةً التوعيةَ بِحقوقي؛ حتى أعرفَ ماذا عليَّ أنْ أفعلَ، رفضَ أخوتي وأبى مساعدتي؛ لأنهم كانوا مَعنيِّينَ بعلاقاتِ القرابةِ؛ بل إنهم ضغطوا عليَّ للتنازلِ في مرّاتٍ عديدةٍ.
لكنّ كِفّةَ أبنائي الراجحةَ؛ جعلتْني أقوَى امرأةٍ عرفتُها؛ تحمّلتُ على عاتقي إدارةَ العمالِ؛ شراءَ المحاصيلِ؛ تسويقَها؛ تَضمينَ الأراضي؛ شراءَ الأسمدةِ والمعدّاتِ؛ متابعةَ المزروعاتِ، وكلَّ ما يَخطرُ ولم يَخطرْ على بالِ أحدٍ؛ فعلتُه من أجلِ أبنائي، كانت السنواتُ العشْرةُ الأولى في غايةِ الصعوبةِ؛ بكيتُ فيها لياليَ متواصِلةً؛ لكنْ ما يلِيها كان خيرًا كبيرًا أشاهدُه في أبنائي، وأحفادي، ونجاحي، وسمعةِ عملي التي تغطِّي قطاعَ غزة.
أمّا “أم أحمد” فتقولُ لـ “السعادة”: كنتُ أمًّا لسِتةِ أطفالٍ؛ حينَ اعتقلَ الاحتلالُ زوجي في بدايةِ الثمانينيّاتِ، وكنتُ حينَها في بدايةِ العشريناتِ _في المفاهيمِ العامةِ_ طفلةً لم تَتزوّجْ بعدُ، وكان لازمًا عليَّ أنْ أُربِّيَ أبنائي؛ أنْ أقومَ بزيارةِ زوجي؛ أنْ أُكملَ البوتقةَ الاجتماعيةَ التي أعيشُ فيها؛ حيثُ كنتُ أسكنُ في غرفةٍ داخلَ بيتِ العائلةِ.
وتضيفُ: يقفُ بجوارِكِ الأهلُ والأصدقاءُ ولا يُقَصِّرونَ؛ لكنْ في حالِ طالتْ السنواتُ؛ فإنّ كلَّ شخصٍ له حياتُه واهتماماتُه وهمومُه التي تكفيهِ؛ وبالتالي في مرحلةٍ معيّنةٍ وجدتُ نفسي في مهبِّ الريحِ؛ إمَّا أنْ أطيرَ؛ وإمّا أنْ أبقَى راسخةً لإكمالِ دَورٍ مشترَكٍ؛ أكونُ فيه الأبَ والأُمَّ.
شاءتْ مَعيَّةُ اللهِ والأقدارُ؛ أنْ أنجحَ بتربيتِهم وَحدي، بنيتُ المنزلَ، ربّيتُ الأولادَ، علّمتُهم في الجامعاتِ، زوّجتُهم جميعًا، وقفتُ إلى جانبِ زوجي وقضيتِه العادلةِ، مثّلتُ أهالي الأسرى، لسنواتٍ طويلةٍ لم أَغِبْ يومًا _على مدارِ أربعينَ عامًا_ عن الوقوفِ أمامَ الصليبِ الأحمرِ للمُطالبةِ بالإفراجِ عن الأسرى؛ حتى بعدَ تَحرُّرِ زوجي بصفقةِ “وفاء الأحرار”؛ كنتُ له الداعمةَ كي يعودَ للانضمامِ للمجتمعِ.. فقد قضَى( 28) سنةً داخلَ الزنازينِ.
يُعرِّضُها للاستغلالِ
من جانبِها، تقولُ “اعتماد أبو جلالة”، عضوُ لجنةٍ تنفيذيةٍ في الاتحادِ العام لنقاباتِ عمالِ فلسطينَ:” تزدادُ أهميةُ مشاركةِ المرأةِ في المجالِ الاقتصادي بشكلٍ مضاعَفٍ في فلسطينَ؛ ويعودُ ذلك إلى ضعفِ الاقتصادِ الفلسطيني؛ وارتباطِه بدَولةِ الاحتلالِ من جهةٍ؛ وإلى نسبةِ البطالةِ المرتفعةِ التي بلغتْ (40%)؛ مُقابلَ (23%) بينَ الرجالِ للعامِ (2020)، في حين كان هذا المُعدّلُ (54%) بينَ الشبابِ من حَمَلةِ شهادةِ الدبلومِ المتوسطِ فأعلَى؛ بواقعِ (69%) للإناثِ؛ مقابلَ (39%) للذكورِ؛ الأمرُ الذي يؤدّي إلى ارتفاعِ نسبةِ الفقرِ؛ لاسيَّما أنّ هناكَ (11%) من الأُسرِ في الضفةِ والقطاعِ؛ تترأَسُها نساءٌ بحَسبِ الجهازِ المَركزي للإحصاءِ الفلسطيني، وهذه الأُسَرُ هي الأكثرُ عرضةً للفقرِ؛ حيثُ قفزتْ مُعدّلاتُ الفقرِ، ونصيبُ الأسرةِ التي ترأَسُها امرأةٌ من الفقرِ (54 %) في غزةَ .
وتضيفُ: مُشاركةُ المرأةِ في القُوى العاملةِ؛ تأتي تأكيدًا على حقِّها في المشاركةِ الفاعلةِ في الاقتصادِ؛ وبالتالي تنعكسُ تأثيراتُها الإيجابيةُ على المجتمعِ بشكلٍ مباشرٍ، وتُقلِّلُ من الضغطِ المجتمعي والاقتصادي. وقد لا يواجِهُ خروجُ المرأةِ من المنزلِ لحاجةٍ اقتصاديةٍ؛ إشكاليةً كبيرةً في المجتمعِ الفلسطيني؛ إذْ نرَى أنّ أكثرَ من نِصفِ الفلسطينيينَ يَعُدُّونَ أنّ عملَها له مَردودٌ اقتصادي، ولكنْ هناكَ ضعفٌ في الحمايةِ القانونيةِ والتشريعيةِ؛ يُعرِّضُ المرأةَ للاستغلالِ من قِبلِ أربابِ العملِ.
وتُتابعُ: على الرغمِ من الجهودِ المبذولةِ، سواءٌ كانت رسميةً أو مجتمعيةً؛ تُجاهَ مشاركةِ المرأةِ الفلسطينيةِ في القُوَى العاملةِ؛ إلّا أنّ نتيجةَ هذه الجهودِ لم تنعكسُ على أرضِ الواقعِ؛ إذ لا تزالُ النسبةُ مُتدَنّيةً جدًا؛ حيثُ انخفضتْ نسبةُ المشاركةِ لكُلٍّ من النساءِ والرجالِ عامَ (2020)؛ نتيجةَ جائحةِ “كورونا”؛ مقارَنةً مع الأعوامِ السابقةِ، فقد بلغتْ نسبةُ مشاركةِ النساءِ في القُوى العاملةِ ( 16%) من مُجمَلِ النساءِ في سنِّ العملِ.
وتؤَكّدُ “أبو جلالة” أنّ هناكَ خلَلًا في توزيعِ النساءِ على مختلفِ المِهنِ؛ حيثُ تَضَمنَ التصنيفُ العالمي للمِهنِ (118) مِهنةً؛ وجدَ أنّ (20) مهنةً لم تُمارِسْها النساءُ، وحوالي (60) مهنةً تضَمُ أقلَّ من (100) أُنثى، وأكثرَ من (60 %) من النساءِ اللواتي سبقَ لهنَّ العملَ؛ صُنِّفْنَ في سِتِ مِهَنٍ تفصيليةٍ؛ وهي عاملاتٌ في التعليمِ الأساسي – عاملاتٌ في النسيجِ وصناعةِ الملابسِ – سكرتيراتٌ وعاملاتٌ في التعليمِ الثانوي – سكرتيراتٌ وعاملاتٌ بلَوحاتِ مفاتيحِ طباعةٍ -مزارعاتٌ عاملاتٌ في رياضِ الأطفالِ ودُورِ الحضانةِ
تَحدّياتٌ ومُعوِّقاتٌ
من جانبِها تقولُ “فداء المدهون”، عضوُ المجلسِ البلدي في غزةَ:” إنّ النساءَ على الرغمِ من أدوارِهنَّ الناجحةِ في قيادةِ بيوتِهنَّ؛ بسببِ الظروفِ المختلفةِ؛ إلا أنهنَّ ما زِلنَ يواجِهنَ تحدّياتٍ ومعوّقاتٍ جمّةٍ؛ تَحدُّ من أدوارِهنَّ؛ وتشكّلُ ضغطًا عليهنّ؛ أبرزُها التقاليدُ والمعتقداتُ الاجتماعيةُ التي تُركّزُ على أنّ دَورَ النساءِ يَنحصِرُ في الدَّورِ الإنجابي، وإدارةِ أمورِ البيتِ، في حينِ لو كانت عاملةً؛ فإنّ عليها أنْ تعيشَ ازدواجيةَ الأدوارِ بين العمل والإنجابِ والتربيةِ على حسابِ صحتِها الجسديةِ والنفسيةِ؛ على قاعدةِ أنها اختارتْ أنْ تكونَ عاملةً.
وتضيفُ: الكثيرُ من جهودِ المرأةِ لا تُحسَبُ في الإحصاءاتِ الرسميةِ، التي تعترفُ غالبًا بأنواعٍ مُحدَّدةٍ من النشاطاتِ الاقتصاديةِ ذاتِ المردودِ النقدي؛ كما أنّ نتائجَ مُسوحِ القوَى العاملةِ؛ أثبتتْ أنّ النساءَ اللواتي يَنخرِطنَ في سوقِ العملِ؛ يَخرُجنَ منه بسرعةٍ متناهيةٍ بسببِ الزواجِ، أو الإنجابِ، أو ضعفِ منظومةِ الرعايةِ، وضعفِ التزامِ أصحابِ العملِ بتطبيقِ قانونِ العملِ الذي يَضمنُ تطبيقَ الحدِّ الأدنَى من حقوقِ إجازاتِ الأمومةِ والرضاعةِ والراتبِ، في ظِلِّ استمرارِ غيابِ تطبيقِ القوانينِ والتشريعاتِ التي تُعزّزُ تمكينَها الاقتصادي.
داعيةً الجهاتِ المختصّةَ إلى ضرورةِ تطبيقِ قانونِ العملِ؛ وتعديلِه لتحفيزِ الإجراءاتِ العمليةِ لمشاركةِ المرأةِ، واتخاذِ إجراءاتٍ لازمةٍ لِجَسْرِ الفَجوةِ في الأجورِ بينَ الرجالِ والنساءِ؛ بتطبيقِ الحدِّ الأدنَى للأجورِ دونَ تمييزٍ؛ مع عدمِ تركيزِ تعليمِ المرأةِ على المِهنِ التقليديةِ؛ كالصحةِ والتعليمِ، والتركيزِ على التدريبِ المِهني، وزيادةِ التخصُّصاتِ الجامعيةِ التي تَدخلُها النساءُ، وأهميةُ ربطِ التخصُّصاتِ بسوقِ العملِ؛ الأمرُ الذي يوسِّعُ فُرَصَهُنَّ في المُشاركةِ.