Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
مقالات

في آذارِها دَعوها تَبوحُ..”بَوحُ امرأةٍ “

أعلنتْ السيدةُ مريمُ العذراءُ (إني نَذرتُ للرحمنِ صومًا) فلم تُكلّمْ حينَها إنسِيًّا ،   وتركتْ  لسانَ  مُعجِزةِ اللهِ في أرضِه مُحاميًا وحاميًا .

فكثيرًا ما نَدَعُ المجالسَ؛ ونُغلقُ الأبوابَ؛  نُشيحُ وَجهَنا عن الوجوهِ؛ ونُعلِنُ صومَنا عن الكلامِ ؛ ليس ضَعفًا في حُجّةٍ، ولا ترَهُلاً في مَنطِقٍ؛ ولكنّ البوحَ له زمانُه ومكانُه. في يومِها في آذارِها الجميلِ المُورِدِ بجمالِ روحِها  وطبعِها ، جمالِ إنجازاتِها،

 ستَبوحُ وستَخلقُ من أيامِ آذارَ لها مساحةً للبَوحِ؛ ستُعلِنُ أنّ أمواجَ بحرِ الحياةِ العاتيةَ؛ قَذفَتْها إلي صَحارٍ بورٍ، وبِمَعيةِ اللهِ صنعتْ منها واحةً خضراءَ .

ستَبوحُ أنها رغمَ الفقرِ وقِلّةِ اليدِ؛  حفرتْ بتلكَ الأيادي،  ورَسمتْ  طريقَها؛ فلَم تَقفْ على النواصي؛ بل  سارتْ وسارتْ  حتى وصلتْ..  فكانَ لها حضورُها ومقامُها المُجتمعي.

ستَبوحُ أنها ودّعتْ الزوجَ  شهيدًا؛  ورَبّتْ ابنَهُما الوحيدَ على ذاتِ الطريقِ؛ لِيُوَدّعَ قلبَها وعالَمَها؛ ويَلحَقَ بشهيدِها الأولِ، فَتُصارِعَ حُزنَها، وتُكابرَ ألمَها، ترسمُ من صبرِها ابتسامةً،  وتُشاركُ مَن حولَها  فرحَهم وتَرَحَهم؛ وكأنها أقوَى مَن خَلقَ ربُّها، وكلُّ أمانِيها لقاءٌ يُداوي جروحَ السنواتِ الشِّدادِ .

ستَبوحُ أنها شمّرتْ لِتُسَرِّعَ عَجَلةَ هِمّتِها، فساعاتُ يومِها أقلُّ بقليلٍ من مَهامِّها  ، عملتْ في بيتِها وخارجَه؛ ليكونَ  خَراجُ عملِها عاملَ حياةٍ أو رَفاهيةٍ في عالمِ أسرتِها.

ستَبوحُ أنها رغمَ الحصارِ والطَّوقِ الطويلِ الذي وُضعَ على عنُقِ مَدينَتِها؛ إلّا أنها استطاعتْ

أنْ تحصدَ جوائزَ عالميةً،  وشهاداتٍ فخريةً، وبراءاتِ اختراعٍ.

ستَبوحُ بأنها تَذبُلُ في سجنِ المحتلِّ؛ بل تُقتَلُ بِبُطءٍ وسطَ  الظلمِ  والظلماتِ،  وقِلّةِ الرعايةِ،  وانعدامِ الاهتمامِ الصحي، لِيترَبصَ بِجَسدِها الأمراضُ وسِياطُ الانتظارِ؛ التي تَدُكُّ في قلبِها ليلَ نهارَ .

ستَبوحُ بأنها الفقيرةُ المريضةُ، التي لا حولَ لها ولا قوةً؛ اجتمعَ عليها _عَنوَةً_

المَرضُ والعَوَزُ؛  ولكنّها لم تَنكَسِرْ، تُهدهِدُ حاجاتِ أبنائها ” راح يِفرِجها رَبُّنا ” فيَقينُها بأنَّ  الخيرَ في قادمِ الأيامِ .

ستبوحُ بأنها  ربّتْ أبناءَها بحبّاتِ عَرقِها وقلَقِها و حِرصِها ودعواتِها ودموعِها على سجّادةِ صلاتِها، وبعدَ مَعيَّةِ اللهِ وَجَدتْ جيلاً وازِنًا؛  كان فرحةً لقلبِها وعُلُوًّا لرأسِها .

ستَبوحُ بأنّ حبّاتِ عِقدِ عُمرِها  تتساقطُ أمامَها؛ وهي في محطةِ انتظارِ حبيبِها  الذي رسمَ أسمُه ورَسمُه في سويداءِ قلبِها، قبلَ أنْ يضعَ المحتلُّ سوارَ القهرِ والظلمِ على مِعصِمه .

ستَبوحُ بأنها الابنةُ البارّةُ التي تُعَدُّ أنبَلَ مَن أنجبَ أبوها ، فتَمَثلتْ  بلسمًا يداوي جُرحَ كِبَرِ والدَيها  حينما  بلغا عندَها الكِبَرَ .

ستبوحُ بأنها حبيبةُ زوجِها القريبةُ الصديقةُ لأبنائها، رسمتْ لوحاتِ الوفاءِ بعِنايةٍ ورعايةٍ ، فحافظتْ على جَبهتِها، وشيّدتْ سكنَها بذكاءِ أنثَى، فَصانتْهُ من الاختراقِ .

ستبوحُ  انها أدارتْ أعمالاً و مشاريعَ ومنظوماتٍ،  وقادتْ جموعَ الرجالِ والنساءِ، وعاشتْ معهم ذِروَةَ الإنجازِ .

ستبوحُ بأنهم قاتلوا أمومتَها، و حاربوا عاطفتَها؛  فسَحلوا أبناءَها من بينِ يدَيها ، فقد كُتبَ على ورقةِ هُويّتِها “مُطلّقة” ، ظلمَها ذاكَ الرجلُ الذي كان يومًا شريكًا، وظلمتْها القوانينُ وفي قصصِ بعضِهم ، قد أفسدوا عقولَ أبنائها فزادَ ظلمُهم لها .

لا تَصمتي عن البوحِ يا سيدتي ، فآذارُ لكِ وكلُّ فصولِ العامِ،  والورَقُ والحبرُ لك،  والحاضرُ يجبُ أنْ يكونَ لكِ،  والقادمُ سيُجيرُه نفَسُكِ الطويلُ بأنه لكِ .

كلُّ آذار والعالمُ يتعلمُ منكِ يا سيّدَتي..

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى