Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
مقالات

حُبٌّ كافٍ

تَعجَّبَ بعضٌ من صديقاتِ ابنتي؛ حينَما رأَوا تسجيلَ فيديو لوالدِها؛ وهو يحتضِنُها في إحدى مناسباتِ نجاحِها، فتَعجَّبتْ ابنتي من تَعَجُّبِهِنَّ !!

وتذكَّرتُ وقتَها مقولةً رائعةً للكاتبةِ السودانيةِ إسراء رفعت :”  ‏البنتُ التي لم يُخبِرْها والدُها أنها جميلةٌ، راحتْ تسألُ حتى المارّةَ،  إنْ كانت زينتُها تكفي!

أجلْ وَجبَ على الأبِ أنْ يُحِبَّ أبناءَه؛ ولكنْ وجبَ عليه أيضًا إظهارُ هذا الحبِّ؛  لأنّ معظمَ الآباءِ يَعرِفونَ الحبَّ؛ لكنهم لا يَعرفونَ الطريقةَ التي وجبَ عليهم من خلالِها التعبيرُ..، حتى تكبرَ الفتياتُ؛ ويتزوَّجنَ وهنَّ لا يَعلَمنَ ما إذا كُنَّ محبوباتٍ، جميلاتٍ، ذكياتٍ ، أَم لا !!

وفي هذا العالَمِ المَليءِ بالكراهيةِ والعنفِ المُسَرَّبِ إلينا من المَدرسةِ والرفاقِ والمجتمعِ، الذي جُبِلَ على القسوةِ من كثرةِ ما رأى من أهوالٍ؛ أصبحتُ أخافُ أنْ يتعوّدَ أطفالي على مَشاهدِ العنفِ، ويألَفوها؛ ثُم لا يَفتقِدونَ مَشاهدَ الحبِّ والحنانِ، ويألَفوا غيابَها؛ لذلك أعبِّرُ عن الحبِّ بطريقةٍ دائمةٍ لا تنقطعُ أبدًا. لماذا؟! لأنه من المُفترَضِ أنْ يكونَ المعلّمُ والأبُ والأمُّ، هم مَصدرُ الحبِّ الأولِ للطفلِ.

ومن المُهمِّ أنْ يعبِّرَ الأبُ للأمِّ؛ والعكسُ عن حُبِّهِما للآخَرِ؛ لأنّ أجملَ ما يمكنُ أنْ يقدِّمَه الأبُ لأبنائه؛ أنْ يُعلِّمَهم كيف يحبّونَ أُمَّهم، ولعلَّ أجملَ ما يُمكِنُ أنْ تقدِّمَه الأمُّ أنْ تعلِّمَهم كيف يُحبّونَ والدَهم؛ حتى لو وصلَ الأمرُ بينَهما لخلافٍ أو طلاقٍ .

يقولُ ابنُ خَلدون: “مَن كان مُرَبَّاهُ بالعَسفِ والقهرِ؛ سَطا به القهرُ، وضَيَّقَ على النفسِ في انبساطِها، وذهبَ بنشاطِه، ودعاهُ إلى الكَسلِ، وحَملَه على الكذبِ والخُبثِ، والتظاهرِ بغَيرِ ما في ضميرِه؛ خوفًا من انبساطِ الأيدي بالقهرِ عليه.

أجَلْ، كلُّ كلمةٍ قالَها “ابنُ خلدون” صادقةٌ، أضِفْ إليه أنّ الابنَ أو البنتَ المُفتَقِدَينِ لعلاقةِ الحُبِّ مع والدَيهِما؛ سيَبحثانِ عنها في أيِّ مكانٍ، ويُصدِّقانِها من أيِّ أحدٍ، ويُمكِنُ أنْ يتعرّضا للابتزازِ؛ وهذا  حَدثَ كثيرًا خصوصًا بينَ الفتياتِ المراهقاتِ! اللواتي يَركُضْنَ بَحثًا عن الحُبِّ والعلاقاتِ العاطفيةِ مع الجنسِ الآخَرِ! ليس لأيِّ شيءٍ؛  سِوى أنهنَّ يَفتقِدْنَ الحُبَّ والاهتمامَ.

أَشبِعْ ابنَكَ من حبِّكَ، كُن له الحبيبَ الأولَ، اربطْهُ بعلاقةِ حُبِّ لا تنتهي، ولا تكونُ مَرهونةً بعُمرٍ، حتى يَكبرَ وهو مُتشَبِّعٌ عاطفيًا؛ وبالتالي سيكونُ إنسانًا سَوِيَّا، وتَذكّرْ أننا جميعًا مَهما كبرْنا؛ نحتاجُ للحبِّ .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى