عباس يغازل النساء ويقصيهن فى آن واحد
انعقدَ المجلسُ المركزيّ الفلسطينيّ وسطَ مقاطعةِ فصائلِ منظمةِ التحريرِ، وتغييبٍ لحركَتي (حماس، والجهاد الإسلامي، وفصائلِ المقاومةِ)، وكان الاجتماعُ تحتَ عنوانِ: دورةُ تطويرِ وتفعيلِ منظمةِ التحريِر، واستكمالِ الشواغرِ في اللجنةِ التنفيذيةِ نتيجةَ استقالةِ بعضِ الأعضاءِ أو وفاتِهم.
لكنّ اللافتَ في نتائجِ الاجتماعِ، وفي إعادةِ توزيعِ المناصبِ القياديةِ داخلَ المجلسِ المركزيّ واللجنةِ التنفيذيةِ؛ هو إقصاءُ المرأةِ، و غيابُ تمثيلِها كما كلِّ مكوّناتِ المجتمعِ الفلسطيني؛ حيثُ هيمنتْ عصابةٌ من أصحابِ المصالحِ الشخصيةِ على القرارِ الفلسطيني؛ بضربةٍ قاسمةٍ لكُلِّ جهودِ المؤسساتِ المهتمةِ بقضايا المرأةِ، والتي تَغنّتْ بالدعمِ الرئاسي غيرِ المسبوقِ للمرأةِ وقضاياها ، وقد صرّحَ الرئيسُ في إحدى خطاباتِه المتلفزةِ؛ أنّ المرأةَ هي نصفُ المجتمعِ الفلسطيني؛ واعترفَ بأنها النصفُ الأحلَى والأشطرِ، في مغازلةٍ واضحةٍ لاستقطابِ التأييدِ النسوي؛ دونَ منحِها أيَّ امتيازاتٍ واقعيةٍ تلامسُ احتياجاتِها، وتَحلُّ مشكلاتِها، وتراعي خصوصيتَها، وتكافئُ تضحياتِها في كافةِ مراحلِ النضالِ الفلسطيني، والغريبُ والمُستهجَنُ هو ادّعاءُ نُصرَتِها في وقتٍ لاحقٍ؛ حيثُ انضمَ الرئيسُ؛ ووقّعَ على مجموعةٍ من المعاهداتِ والاتفاقاتِ الدوليةِ ، و أقرَّ قانونَ حمايةِ الأسرةِ ، و قرارَ (1325) والذي ينُصُّ على القضاءِ على كافةِ أشكالِ التمييزِ ضدّ المرأةِ، كما أصدرَ مجموعةً من القراراتِ والمراسيمِ الرئاسيةِ لزيادةِ تمثيلِ النساءِ في مراكزِ صُنعِ القرارِ؛ وخاصةً التعديلَ على قانونِ الانتخاباتِ لعامِ (2021)م، في المادةِ (5) والذي يزيدُ نسبةَ النساءِ في القوائمِ الانتخابيةِ من (20% إلى 26%) ، والتي تمَّ تأجيلُها.
كما أنّ هذا الغيابَ لتمثيلِ المرأةِ جاءَ منافيًا لِما أقرَّه المجلسُ المركزي في جلستِه العام (2018)، والذي قرّرَ وضْعَ الآلياتِ التي تَضمنُ تمثيلَ المرأةِ بنسبةٍ لا تَقِلُّ عن (30%) في المنظمةِ.
فعلى سبيلِ المثالِ، تتكونُ لجنةُ الدستورِ من( 7) أعضاءَ، بينَهم امرأةٌ واحدةٌ؛ وهي “فدوَى البرغوثي”، عضوُ المجلسِ الثوري لحركةِ فتح، وفي اللجنةِ التنفيذيةِ امرأةٌ واحدةٌ؛ وهي “حنان عشراوي”، وقد قاطعتْ الاجتماعَ بسببِ عدمِ الالتزامِ بالأنظمةِ واللوائحِ الداخليةِ لمنظمةِ التحريرِ، وطالبتْ بإجراءِ إصلاحاتٍ في منظمةِ التحريرِ، وإعادةِ الاعتبارِ لصلاحياتِها ومَهامِّها.
الجديرُ بالذّكرِ أنّ عددَ النساءِ بلغَ في المجلسِ المركزي في الدورةِ (23) المنعقدةِ العامَ (2009) خمسةَ أعضاءٍ من أصلِ (129)، أمّا فيما يتعلقُ بحصّةِ النساءِ في المجلسِ المركزي للعامِ (2018)م؛ فقدْ أُعلنَ عن (3) نساءٍ، بالإضافةِ إلى (3) أُخرياتٍ أعضاءً في المجلسِ بحُكمِ مَناصبِهِنَّ، وهنّ: “حنان عشراوي”، بصفتِها عضوًا في اللجنةِ التنفيذيةِ، و”زهيرة كمال”، بصفتِها الأمينَ العامِّ لحزبِ فِدا، و”انتصار الوزير” بصفتِها ممثِلةً عن الاتحادِ العام للمرأةِ الفلسطينيةِ.
كما بلغتْ نسبةُ تمثيلِ المرأةِ في دورةِ المجلسِ الوطني للعامِ (1996)، التي عُقدتْ في مدينةِ غزة (7.5%)، بواقعِ (56) امرأةً من أصلِ (730) عضوًا، في حين بلغتْ النسبةُ (12 %) في دورةِ العامِ (2018)م وقد خَلا مكتبُ رئاسةِ المجلسِ الوطني _المكوّنُ من خمسةِ أعضاءَ: الرئيسُ ونائباه، والمديرُ العام، وأمينُ السرِّ_ من أيِّ تواجُدٍ نسويّ.
لذلكَ يجبُ على كلِّ المؤسساتِ والمنظماتِ والنساءِ المهتماتِ بقضايا المرأةِ التوَحُدَ في وجهِ هذا الإقصاءِ، ورفضَه، وتشكيلَ جسمٍ نسويٍّ قادرٍ على طرحِ قضايا النساءِ واحتياجاتِها؛ بما يتناسبُ مع نضالِها ومعاناتِها وتضحياتِها، وضمانِ حقوقِها السياسيةِ في المشاركةِ السياسيةِ، والوصولِ لمراكزِ صُنعِ القرارِ، بعيدًا عن الاستقطابِ الحزبيِّ.