
صناعةُ الشغفِ باتت صناعةً فلسطينيةً بَحتةً؛ يتميّزُ فيها فِئةُ الشبابِ بقطاعِ غزةِ، الذين يعانونَ بشكلٍ مباشرٍ جراّءَ أزماتِ القطاعِ المتكرِّرةِ، فبَينَ الفَينةِ والأُخرى يَطلُّ علينا خريجٌ اصطَفَّ في جيشِ البطالةِ بأحدِ الأفكارِ الرياديةِ للتغلّبِ على شبحِ البطالةِ، والبحثِ عن مصدرِ رزقٍ بعيدًا عن السنواتِ التي قضاها في تَخصُّصِه الجامعي.
“هناء الوكيل” واحدةٌ من صنّاعِ الشغفِ؛ تخصَّصتْ في عِلمِ البصرياتِ خلالَ دارستِها الجامعية، لم تسنَحْ لها الظروفُ في الحصولِ على فرصةِ عملٍ مناسِبةٍ؛ لِذا قرّرتْ افتتاحَ متجرٍ للحلوياتِ؛ يجمعُ بينَ حُبِّها للحلوياتِ، وأسلوبِها في الحياةِ بتناوُلِ الطعامِ الصحي؛ ليكونَ أولَ متجرٍ للحلوياتِ الصحيةِ؛ أسمتْهُ “البيتُ الصحيّ “؛ وهو المَحلُّ النوعيّ والوحيدُ في قطاعِ غزةَ، والذي يهتمُ بهذا النوعِ من الحلوياتِ الصحيةِ، والتي تحتوي على سُعراتٍ حراريةٍ قليلةٍ ، حلوياتٍ خاليةٍ من السُّكرِ، أو تحتوي على سُكّر “ستيفانا” وبروتينات؛ كي تكونَ مناسِبةً للرياضيينَ ومَرضَى السُّكري، والمُهتمّينَ بالأطعمةِ الصحيةِ.
شَغفٌ حقيقٌ
فقدتْ “هناء” عملَها خلالَ العدوانِ الإسرائيلي الأخيرِ على قطاعِ غزة؛ جرّاءَ استهدافِ “مقرِّ عيادةِ البصرياتِ” التي تعملُ بها؛ الكائنةِ بِبُرجِ الجوهرةِ وسطَ المدينةِ، تقولُ لـ “السعادة”:” بعدَ الاستيقاظِ من صدمةِ الحَدثِ أواخرَ مايو المُنصَرمِ؛ بدأتُ بالبحثِ عن عملٍ جديدٍ؛ لكنّ الظروفَ العامةَ في قطاعِ غزةَ آنَذاكَ؛ لم تُشجِّعْني حتى على مهمّةِ البحثِ في ظلِّ تشديدِ الحصارِ.
وتضيفُ: قرّرتُ البحثَ غن عملٍ جديدٍ يناسبُ اهتماماتي ورغباتي ، وأنا فِعليًّا مهتمّةٌ بالطعامِ والحلوياتِ الصحيةِ، كنتُ أبحثُ كثيرًا عن أماكنَ تقومُ ببيعِ الطعامِ الصحيّ؛ لكنّي كنتُ أجِدُ صعوبةً كبيرةً في الوصولِ إلى هدَفي؛ فخَطرَ بِبالي أنْ أكونَ أنا صاحبةَ هذا المكانِ، ” البيت الصحي” الذى يَجمعُ مختلفَ أصنافِ الحلوياتِ الصحيةِ الخاليةِ من السكرِ، والتي لا تعملُ على رفعِ نسبةِ “الكوليسترول”، وبالفعلِ بعدَ البحثِ الذي دامَ أربعةَ شهورٍ؛ وجدتُ موقعًا مناسبًا لافتتاحِ مشروعي؛ الذي يَضمُّ جميعَ أصنافِ الحلوياتِ التي تحتوي فقط على سُكّرِ (ستيفيا)؛ وهو عبارةٌ عن سُكرٍ طبيعيّ؛ لا يعملُ على رفعِ نسبةِ السكرِ في الدمِ؛ مِثلَ السكرِ الأبيضِ المتعارَفِ عليه”.
أمّا قصةُ الشغفِ الحقيقِ فتَكمُنُ في أنني ومنذُ ثمانيةِ أعوامٍ؛ اتَّبِعُ نظامَ الغذاءِ الصحيّ قَدْرَ المُستطاعِ، بحيثُ أتناولُ (80%) من الطعامِ الصحي، و(20%) من الأطعمةِ العاديةِ التي تطلبُها نَفسي، وخَوضي لهذه التجربةِ الصحيةِ الكاملةِ؛ كان يدفعُني للحديثِ مع المعارفِ والأصدقاءِ عن أهميةِ الطعامِ الصحيّ، وكنتُ أتمنَّى دومًا أنْ أجِدَ المَنصَّةَ التي من خلالِها أستطيعُ أنْ أَحُثَّ المجتمعَ فيها على أهميةِ اتّباعِ نظامِ الغذاءِ الصحي الذي ساعدَني بالوصولِ إلى الوزنِ المِثالي.
قائمةُ إنجازٍ
وهذا ما دفعَني إلى تصميمِ مطبوعةِ (قائمةِ طعامٍ) أسمَيتُها “إنجاز”؛ تُقدّمُ نصائحَ ومقترحاتٍ حولَ الأكلِ الصحي، علاوةً على تقديمِ جدولٍ يوضّحُ كلَّ صنفِ حلوياتٍ؛ وما يَحتويهِ من سعراتٍ حراريةٍ؛ بحيثُ يستطيعُ المُشتري تحديدَ الصّنفِ الذي يحتاجُه؛ بحيثُ لا يتعدَّى كميةَ السعراتِ التي يحتاجُها نظامُه الغذائيّ، أو الحِميةُ التي يحتاجُها؛ وبذلكَ نكونُ من خلالِ “انجاز” نَدفعُه لتحقيقِ نجاحِه المطلوبِ.
وتتابعُ: وما ساعدَني على التوَجُّهِ لهذا المجالِ؛ موهبتي بصناعةِ الحلوياتِ التي طالَما تميّزتُ بها منذُ الصغرِ، فلَدَيَّ _كما يقولونَ_ نَفَسٌ مميَّزٌ في صناعتِها، إضافةً لحُبي لتجريبِ كلِّ ما هو غريبٌ؛ وهذا عادةً يُعطي وصفاتي المزيدَ من الجمالِ.
مشيرةً: إنّ متجرَها يضمُ عدّةَ أصنافٍ من الحلوياتِ الباردةِ؛ مِثلَ “التشيز كيك، كيكاتِ طبقاتٍ، حلوَى تويكس وسنكرز، والنوتيلا، وزبدة الشوكولاتة بالمكسراتِ المتنوعةِ المصنوعةِ من العسلِ الطبيعي (100%)، وسُكر “ستيفانا”، كما يضمُ المَحلُّ قسمَ حلوياتِ “المَبشورة، والبسبوسة، وكيك الدونات، والكعكِ والمعمولِ، والتمرِ المَحشو بالمكسّراتِ، والبسكويتِ بجميعِ أنواعِه”.
الحُلمُ بالتوَسِّعِ
وتستدركُ الحديثَ معنا؛ وهي تُخرجُ من الفرنِ قالبًا من الكيكِ؛ لتبدأَ بتزيّينِه بعددٍ من حباتِ الكَرَزِ والفواكهِ المجفّفة:” إنّ أسعارَ الحلوياتِ في المتجرِ قريبةٌ من الأسعارِ الأخرى في المحلاتِ التي تبيعُ الطعامَ غيرَ الصحي؛ وذلكَ في محاوَلةٍ مِنّي لجعلِ هذه الأصنافِ في متناولِ الجميعِ، ولا يتردّدُ أحدٌ في شرائها؛ نتيجةَ ارتفاعِ أسعارِها على الرغمِ من أنّ حلوياتِ “الدايت” تكلفةُ إنتاجِها أعلَى من الحلوياتِ الشعبيةِ والعاديةِ.
وتواصِلُ: رغمَ أنّ المشروعَ لم يمضِ عليه وقتٌ طويلٌ؛ إلّا أنّ هناكَ إقبالاً جيدًا على الشراءِ من الزبائنِ الذين رحّبوا كثيرًا بالفكرةِ؛ ويقولونَ لي عباراتٍ تحفيزيةً داعمةً”، مُشيرةً إلى أنّ هناكَ العديدَ من المواطنينَ الذين يبحثونَ عن الحلوياتِ الصحيةِ الخاليةِ من السُّكرِ؛ كَونَها أفضلَ لجِسمِ الإنسانِ.
وتسعَى “الوكيل” في المستقبلِ إلى توسيعِ مشروعِها، وتعملُ على تشغيلِ خرّيجاتٍ عاطلاتٍ عن العملِ، إضافةً إلى تعزيزِ ثقافةِ تناوُلِ الحلوياتِ الصحيةِ.