احفظوا أسرار بيوتكم
تَمرُّ الحياةُ الزوجيةُ بالعديدِ من المراحلِ والتغيّراتِ؛ التي من شأنِها أنْ تزيدَ أو تَقلِّلَ من قوَّتِها ومَتانتِها؛ لكنّ هناكَ مجموعةً من التصرُّفاتِ أو الأخطاءِ التي إنْ قامَ بها أحدُ الأزواجِ؛ فإنها تؤثّرُ بشكلٍ سَلبيٍّ للغايةِ على علاقتِها الزوجيةِ؛ ومن هذه الأخطاءِ مشكلةُ إفشاءُ الأسرارِ الزوجيةِ.
ما أجملَ أنْ تكونَ بيوتُنا منوِّرةً وعامرةً بالحُبِّ والسعادةِ والرِّضا بينَ الزوجينِ دائمًا؛ وأن يكونَ التفاهمُ رَكيزةً أساسيةً في الحياةِ الزوجيةِ منذُ بدايتِها؛ حتى تَستمرَّ بحُبٍّ ورِضا ، فالعَقدُ الزوجي هو ميثاقٌ غليظٌ بينَ الأزواجِ؛ يجبُ الحفاظُ عليه لِيَسهُلَ علينا استقبالُ أسرةٍ مسلمةٍ سليمةٍ تساهمُ في بناءِ المجتمع .
لكنْ في وقتِنا الحالي؛ ومع وجودِ تَغيُّراتٍ وتطوّراتٍ وزيادةٍ كبيرةٍ في استخدامِ وسائلِ التواصلِ الاجتماعي والأسري؛ بدأَ معظمُ الأزواجِ يشتكونَ من مشكلةِ كشفِ أسرارِهم الزوجيةِ من طرَفٍ ما؛ وهذا يسبِّبُ حدوثَ مشاكلَ بينَهما على إثرِ ذلك .
فغالبًا ما يَنتجُ ذلك من قِبلِ الزوجِ أو الزوجةِ؛ ويفعلونَ ذلكَ تحتَ بندٍ ما نُسمِّيهِ ب(الفَضفَضة) لِمَن حولَهم؛ فيقومونَ بإفشاءِ بعضِ الأسرارِ الزوجيةِ _بقَصدٍ أو بدونِ قصدٍ_ للدائرةِ الأُولَى المقرَّبةِ منهما؛ سواءٌ (الأمُّ، الأخوةُ أو الأخواتُ ، الأصدقاءُ و الصديقاتُ) فيؤدِّي ذلكَ لحدوثِ مشاكلَ، وتَدَخُّلٍ في حياتِهم؛ وغالبًا ما تنتهي الحياةُ الزوجيةُ بينَهم لهذا السببِ .
فالخصوصيةُ بينَ الزوجينِ من أعظمِ ركائزِ السعادةِ؛ وهي إحدى الأركانِ الأساسيةِ فيها؛ إذْ تشملُ حِفظَ الأسرارِ الداخليةِ مَهما كانت بسيطةً .
إنّ الشريعةَ الإسلاميةَ حرّمتْ إفشاءَ أسرارِ الحياةِ الزوجيةِ، ويجبُ عدمُ الحديثِ بها، وحِفظُها لحمايةِ الأسرةِ وتَماسُكِها، وقد بيّنَ اللهُ _عزَّ وجلَّ_ في كتابِه الثناءَ على النساءِ الصالحاتِ؛ و شدَّدَ على حفظِ أسرارِ الحياةِ الزوجيةِ، بقَولِه تعالى ( فالصالحاتُ قانتاتٌ حافظاتٌ للغَيبِ بِما حَفِظَ اللهُ) سورة النساء ، آية 34 .
وقد جاءَ القرآنُ الكريمُ والسُّنةُ النبويةُ الشريفةُ للتأكيدِ علي ضرورةِ المحافظةِ على خصوصيةِ العلاقةِ الزوجيةِ؛ حتى تتَمكَّنَ من الاستمرارِ في مَحبّةٍ ووِئامٍ واستقرارٍ، ولكُلِّ بيتٍ أسرارٌ؛ وكثرةُ الثرثَرةِ والحديثِ في الأمورِ الزوجيةِ للآخَرينَ؛ يؤدِّي إلى إشعارِ قُربِ انهيارِها وضياعِها؛ ولن تعيشَ طويلاً بسببِ تسرُّبِ أسرارِها؛ خصوصًا إذا كان الزوجانِ يتمتعانِ بالتفاهمِ والسعادةِ؛ ما يوَلِّدُ ذلكَ لدَى البعضِ الحِقدَ والغيرةَ من هذه العلاقاتِ الزوجيةِ الناجحةِ، والتعمُّدُ لتدميرِها من خلالِ نشرِ الشائعاتِ والكذبِ حولَهما، والتدَخُلِ في شؤونِها، وزرعِ الشقاقِ بينَهما؛ ما يؤثِّرُ على علاقتِهما.
لذلكَ عزيزتي الزوجة، إليكِ هذه النصيحةَ؛ إنْ كان زوجُكِ يفشي أسرارَكم لأهلِه مثلاً؛ فحرِصي أنْ لا تتكلَّمي عن أهلِه إلاّ بخيرٍ؛ فمن الأفضلِ أنْ ينقلَ لهم الكلامَ الحسَنَ؛ بدَلاً من أنْ ينقلَ عنكِ الكلامَ السيئَ .
العلاقةُ الزوجيةُ يجبُ أنْ يكونَ أساسُها الاحترامَ والمودةَ والمحبةَ ، فالحياةُ الزوجيةُ ليستْ مِثاليةً؛ فلا تَخلو من المشاكلِ؛ ولكنها تبقَى صغيرةً إذا بقيَتْ داخلَ جدرانِ البيتِ؛ أمّا إذا خرجتْ خارجَ دائرةِ الأسرةِ؛ ستُصبِحُ أكثرَ تعقيدًا.. ويَصعُبُ حَلُّها.