Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
تقارير

مبادراتٌ متتابعةٌ لتحويلِ وادي غزة من بؤرةِ تلوُّثٍ إلى مَحميّةٍ طبيعيةٍ

رغمَ التحدّياتِ المُلِحَةِ

لسنواتٍ طويلةٍ كان مُجرَدُ مرورِكَ في منطقةِ وادي غزةَ؛ يُحتّمُ عليكَ أنْ تكتمَ أنفاسَكَ لفترةٍ من الوقتِ؛ خوفًا من استنشاقِ الروائحِ الكريهةِ؛ حيثُ ظلَّ الوادي مكرهةً صحيةً تتجمَّعُ فيها المياهُ العادمةُ، وتتكاثرُ فيها القوارضُ والحشراتُ لسنواتٍ طويلةٍ.

مع مرورِ الوقتِ بات وادي غزة “بؤرةَ تلوّثٍ”؛ على الرغمِ من أنه نهايةُ مجرًى مائيٍّ طويلٍ يبلغُ طولُه (77) كم، وينبعُ من جبالِ النقبِ والمرتفعاتِ الغربيةِ لجبالِ الخليلِ؛ ويمتدُّ انتهاءً إلى البحرِ الأبيضِ المتوسطِ؛ ويبلغُ طولُ الوادي داخلَ القطاعِ (9) كم.

ويُعدُّ الوادي أحدَ المعالمِ الطبيعيةِ الرئيسةِ في القطاعِ، وقد أعلنتْهُ السلطةُ الفلسطينيةُ عامَ (1994) مَحميّةً طبيعيةَ؛ وهو المكانُ الوحيدُ في غزةَ الذي يمكِنُ أنْ تشاهدَ فيه الطيورَ المائيةَ؛ ويمكِنُ اعتبارُ المساحةِ المائيةِ    لـ (1250) دونمًا من المناطقِ المُحالةِ، والكثبانِ الرمليةِ المتحركةِ، والشواطئِ؛ إضافةً لـ (2000) دونمٍ من المناطقِ المجهولةِ والنباتاتِ المحيطةِ.

إحياءُ الحياةِ

يُعاني الوادي من تغييرٍ عميقٍ بسببِ عَقدينِ من انخفاضِ تدفُقِ المياهِ العذبةِ إليه، والتطوّرِ الحَضري والبنيانِ الزاحِف، إلى جانبِ التلوثِ البيئي، والاستخدامِ المكثَّفِ لمبيداتِ الأعشابِ، ومبيداتِ الآفاتِ، فيما تُجرى المُحاوَلاتُ لاستردادِ قِيَمِ الوادي الأصيلةِ والتاريخيةِ، من التنوّعِ البيولوجي فيه، إلى كونِه مَحميةً للحيواناتِ والطيورِ المُهاجِرةِ والنباتاتِ، بغَرضِ الحفاظِ على البيئةِ، وإنهاءِ كافةِ أشكالِ تلوّثِ الوادي.

من جانبِه يقولُ “زهدي العرير”، مديرُ عام المشاريعِ بوزارةِ الحُكمِ المَحلي: “إنّ المياهَ الحاليةَ التي تجري في أرضِ الوادي هي مياهٌ نظيفةٌ؛ حيثُ بدأتْ المحطةُ بالعملِ في شهرِ “آذار” كمرحلةٍ تجريبيةٍ، وبدأنا بإدخالِ مياهِ الصرفِ الصحي من غزةَ والمناطقِ الوسطَى، والتي لا تقلُّ عن (60) ألفَ مترٍ مُكعبٍ يومياً”.

ويُضيفُ: نطمحُ الآنَ لإعادةِ هذه المنطقةِ إلى ما كانت عليه سابقًا، وإعادةِ إحياءِ الحياةِ الطبيعيةِ من جديدٍ، وذلكَ من خلالِ مُعالجةِ المياهِ عبرَ أحواضِ ومحطاتِ التحليةٍ المُتمركِزةِ شرقَ المُحافظةِ الوسطَى، متوَقّعًا أنْ تُسهم مياهُ الأمطارِ القادمةُ في تطهيرِ الوادي من المُخلّفاتِ، وتحسينِ جودةِ المياهِ الجوفيةِ.

ويشيرُ إلى أنّ الوادي أصبح الآنَ أكثرَ قبولاً؛ لأنه بيئةٌ مناسِبةٌ لأصنافٍ كثيرةٍ من الحيواناتِ والنباتاتِ، ولدَيهِ القدرةُ على أنْ يكونَ منطقةً ترفيهيةً؛ تجذبُ الناسَ من مناطقَ مختلفةٍ.

فيما يقولُ “منذر شبلاق”، مديرُ عام مصلحةِ مياهِ بلدياتِ الساحلِ، :” إنّ محطةَ المعالجةِ أُنشئتْ «بتمويلٍ من بنكِ الائتمانِ الألماني للتنميةِ (KFW)، وبتنفيذٍ وإشرافٍ من مصلحةِ مياهِ بلدياتِ الساحلِ، ويلفتُ إلى وجودِ مشروعٍ مُكمّلٍ لمحطةِ المعالجةِ؛ وذلك من خلالِ قيامِ مؤسساتٍ دوليةٍ وأهليةٍ، بمُساندةِ الحملاتِ الشعبيةِ، بتنظيفِ مجرى الوادي”.

فترةُ الفيضانِ

ويأملُ “شبلاق” أنْ يكونَ المشروعُ مصدرًا لإنشاءِ العديدِ من المنتجعاتِ السياحيةِ على مقربةٍ من الوادي، إضافةً إلى ممارسةِ الأنشطةِ الزراعيةِ كافةً، منوِّهًا أنّ الوادي يواجِهُ عدّةَ تحدّياتٍ أبرزُها فترةُ الفيضانِ؛ بسببِ فتحِ السدودِ من الاحتلالِ؛ ما يُعرّضُ السكانَ المَحليّينَ للخطرِ، وغيابُ الاهتمامِ الرسمي والمؤسساتِ، وشُحُّ المواردِ التي تساهمُ بتدهورِ الوضعِ البيئي فيه؛ بسببِ الزحفِ العمراني، وجعلِه مَصبًّا لمياهِ الصرفِ الصحي غيرِ المعالَجةِ؛ علاوةً على تحدّي الالتزامِ بجعلِ الوادي خاليًا من القُمامةِ بمُختلفِ أنواعِها.

من جانبِه يقولُ “محمد أبو شعبان”، منسّقُ قسمِ المتابعةِ والتقييمِ في برنامجِ UNDP)) الأممِ المتحدةِ الإنمائي، ومنسّقُ حملةِ التوعيةِ بأهميةِ وادي غزة؛ تحتَ شعارِ “نحتاجه الآن”؛ إنّ وادي غزةَ يشهدُ اهتمامًا منذُ عامينِ، عبرَ خُطةٍ شاملةٍ للتنميةِ فيه، واستهدافِ البنيةِ التحتيةِ والبيئيةِ الحيويةِ بمحيطِه؛ ما يساهمُ في تحسينِ المشهدِ العام للوادي وللمنطقةِ، وخلقِ فُرصِ عملٍ للمواطنينَ، وأماكنَ ترفيهيةٍ للزوارِ.

ويضيفُ “أبو شعبان”: إنّ المشروعَ الجديدَ باسمِ “برنامجُ تطويرِ وتنميةِ منطقةِ وادي غزة الساحليةِ الرطبةِ”، قد جاءَ بعدَ تدَهورِ منطقةِ الوادي والمَحميةِ الطبيعيةِ منذُ أكثرَ من (10) سنواتٍ، حيثُ سيُكلّفُ المشروعُ (66) مليونَ دولار، بثلاثِ مراحلَ لإعادةِ تأهيلِه تدريجًا.

مهمّةٌ وطنيةٌ

أمّا الدكتور “أحمد حلّس”، رئيسُ المعهدِ الوطني للبيئةِ والتنميةِ؛ الذي دعا خلالَ نشاطِه البيئي مراتٍ عدّة إلى حمايةِ الوادي، فيوضّحُ أنّ المُخططَ المُقامَ لتطويرِ مجرَى وادي غزة؛ هو ركيزةٌ وطنيةٌ بيئيةٌ؛ إذْ يمرُّ الوادي بشكلٍ متعرّجٍ بستةِ أحياءٍ فلسطينيةٍ؛ وهي مناطقُ غيرُ موصولةٍ بشبكاتٍ للصرفِ الصحي، وكان يتمُّ التخلّصُ من هذه المياهِ في مجرَى الوادي.

ويضيفُ: تتفاقمُ الأزمةُ مع ازديادِ أعدادِ السكانِ، وغيابِ الاهتمامِ والوعيِ والتمويلِ، كما أنّ كمّيةَ المياهِ غيرِ المُعالَجةِ التي كانت تصرَفُ باتّجاهِ الوادي؛ تقدّرُ بنحوِ (25) ألفَ مترٍ مكعبٍ، في حين قامَ الاحتلالُ ببناءِ عدّةِ سدودٍ على مسافةٍ تتراوحُ بين (2 و3) كلم من القطاعِ؛ لحَجبِ مياهِ الأمطارِ العذبةِ التي كانت تأتي من أوديةِ (الشعريةِ، والرشراشِ، والسَّمُوع، والخليل)، وتُقدّرُ كمّيتُها بـ (25 إلى 30) مليونَ مترٍ مُكعبٍ خلالَ فصلِ الشتاءِ وما بعدَه من التدفُّقِ نحوَ الوادي وتغذيةِ الخزانِ الجوفي.

ويتابعُ: يمتلكُ وادي غزة المقوّماتِ البيئيةَ والجغرافيةَ الفريدةَ، التي تَجمعُ أكثرَ من بيئةٍ من الصعبِ أنْ تلتقيَ في منطقةٍ واحدةٍ لتؤهِلَه لأنْ يكونَ محميةً طبيعةً، ومكانًا للتنوّعِ الحيوي الكبيرِ، مشيرًا إلى أنّ الحراكَ الحاصلَ لتطويرِ الوادي، وإعادةِ الحياةِ إليه مهمّةٌ وطنيةٌ تُلقَى على عاتقِ المختصينَ والوطنيينَ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى