Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
تقارير

الرحِمُ الفلسطينيُّ في مواجهةِ الاحتلالِ؛ صراعٌ مستمرٌّ ..

يخوضُ الفلسطينيون حربًا طويلةً في ساحةٍ مختلفةٍ مع الاحتلالِ؛ تتشكّلُ في أرقامٍ يتربّعُ على عرشِها الفلسطينيونَ في نهايةِ كلِّ عام، يصِفُها المختصونَ بـ “الحرب الديمغرافية”، بينما يصارعُ فيها نحن لأنها قضيةُ البقاءِ، ففي مقابلِ تفوّقِ الإسرائيليينَ بعُدّتِهم، ينافسُهم الفلسطينيونَ بعَددِهم في معركةٍ ديموغرافية قد تستغرقُ عقودًا طويلةً لحَسمِها.

تتصاعدُ باستمرارٍ بينَ اليهودِ موجةُ الخوفِ من النموِّ الديموغرافي الفلسطيني؛ خاصةً داخلَ الأراضي المحتلةِ عامَ (1948)؛ إذْ يخشونَ من أنّ احتفاظَهم بالأغلبيةِ في إسرائيلَ؛ح قد لا يستمرُّ كثيرًا؛ ما ينذِرُ بتحوّلِها على المدَى الطويلِ إلى دولةٍ إسلاميةٍ تضمُّ أقليةً من اليهودِ؛ لذا كان الحلُّ هو رفعُ معدلاتِ الولادةِ بأيّ ثمنٍ؛ وفي سبيلِ ذلك تمَّ تجييشُ الكُتابِ والمفكرينَ الصهاينةَ، ووسائلِ الإعلامِ؛ لترغيبِ اليهودياتِ في إنجابِ أكبرِ عددٍ ممكنٍ من الأطفالِ.

موازنةُ الخصوبةِ

طائفةُ اليهودِ المتدينينِ «الحريديم»، كانت الأسرعَ استجابةً؛ فوصلَ معدّلُ الخصوبةِ لدَى نسائهم إلى( 7.5) ولادةً لكلِّ امرأةٍ، ومؤخرًا أصبحت النسبةُ (6.5)؛ ما جعلَ أعدادَهم تنمو مرتينِ أسرعَ من إجمالي الإسرائيليينَ، بينما تنخفضُ معدلاتُ خصوبةِ العربِ المقيمينَ في أراضي الداخلِ المحتلِّ تدريجًا، حتى أنّ اليهودَ احتفوا في عامِ ( 2018) بتجاوزِ معدّلِ خصوبةِ نسائهم للعربِ للمرةِ الأولى في تاريخِ البلادِ؛ بعدَ أنْ بلغتْ النسبةُ بينَهنَّ (3.05) مقابلَ (3.04) للعربياتِ، ووصلتْ النسبةُ في عام (2020) إلى (3.1)، إذْ تمَّ رصدُ استجابةِ نسبةٍ معتبرةٍ من اليهودياتِ غيرِ المتديناتِ لجهودِ موازنةِ الخصوبةِ العربيةِ.

وبحسبِ مركزِ الإحصاءِ الفلسطيني منتصفَ عام (2021)، فإنّ عددَ الفلسطينيينَ في العالمِ بلغَ (13.350) مليونَ فلسطيني؛ منهم (5.039) ملايين في دولةِ فلسطينَ حاليًا، و(1.597) مليونَ في أراضي الداخلِ الفلسطيني المحتلِّ، و(5.986) ملايين في الدولِ العربيةِ، ونحوِ (727) ألفًا في الدولِ الأجنبيةِ.

بحسبِ التقريرِ، فإنّ عددَ الفلسطينيينَ الذين يعيشونَ في الضفةِ الغربيةِ؛ بلغَ (3.020) مليون نسمة، و(2.019) مليونَ في قطاعِ غزة، ويشكّلُ اللاجئونَ الفلسطينيونَ (42%) من السكانِ الفلسطينيينَ، (26%) منهم في مخيماتٍ في الضفةِ و(66% )في غزة.

تشيرُ تقديراتُ الإحصاءِ، إلى وجودِ تراجُعٍ في معدّلِ الخصوبةِ الكُلي لدَى الفلسطينياتِ؛ تتناقصُ هذه النسبةُ بمرورِ الوقتِ؛ فقد هبطَ معدّلُ الخصوبةِ الكُلية إلى( 3.8) مولودٍ، مقارنةً مع نسبةِ (4.6) عامَ (1999)؛ بواقعِ ( 3.8) مولودٍ في الضفةِ، و(3.9) مولودٍ في القطاعِ، في المقابلِ ارتفعَ معدّلُ الخصوبةِ الكُلي للمرأةِ الفلسطينيةِ بالخارجِ، تحديدًا المقيمةُ في الأردن (3.3) مولودٍ عامَ (2010)، مقابلَ (2.5) مولود في سوريا عامَ (2010) و(2.7) مولودٍ للفلسطينياتِ في لبنانَ عام (2017).فيما بلغَ معدّلُ المواليدِ في العام (2019) في فلسطين (30.2) مولودٍ لكُلِّ (1000) من السكانِ، منهم( 27.7) مولودٍ في الضفةِ ك و(34.0) مولودًا في غزة.

تراجُعٌ ملحوظٌ

من جهتِه يقولُ مديرُ جمعيةِ الجليلِ للبحوثِ الصحيةِ والاجتماعية، أحمد الشيخ، إنّ العَقدَ الأخيرَ شهدَ تراجُعًا ملحوظًا في معدلاتِ الإنجابِ لدَى العائلاتِ الفلسطينية، وعزا ذلك إلى السياساتِ العنصريةِ، وحربِ الديموغرافيا التي شنّتْها المؤسسةُ الإسرائيليةُ ضد فلسطينيي (48)، وحرمانِهم الأرضَ للبناءِ والمسكنِ، للإبقاءِ على تفوّقِ عددِ اليهودِ داخلَ الخطِّ الأخضر؛ حيثُ يسكنُ قرابةُ مليونَي فلسطيني مع أهلِ القدسِ المحتلةِ.

ويضيفُ: تخوضُ إسرائيلُ حربًا ديموغرافيةً؛ وإنْ بدا أنها حسمَتْها داخلَ الخطِّ الأخضرِ، بتطويعِ الأسرةِ الفلسطينيةِ، وإجبارِها على إنجابِ ما معدّله (3) أولادٍ، بينما الأسرةُ اليهوديةُ يصلُ المعدّلُ إلى (4) أولادٍ، بَيدَ أنها تعيشُ هواجسَ الديموغرافيا في فلسطينَ التاريخيةِ؛ وذلكَ بسببِ التساوي في إجمالي عددِ السكانِ اليهودِ والفلسطينيينَ بين البحرِ والنهرِ.

وعمدتْ السياساتُ الإسرائيليةُ لإفقارِ الفلسطينيينَ؛ إذْ تشيرُ إحصائياتُ مؤسسةِ التأمينِ الوطني الإسرائيليةِ إلى أنّ           (50%) من العائلاتِ العربيةِ تعيشُ تحتَ خطِّ الفقرِ، وحوالي (60%) من الأطفالِ والفتيةِ فقراءُ، في حين تبلغُ معدّلاتُ البطالةِ بين القوى العاملةِ (7%)، كما أنّ (13%) من الأُسرِ العربيةِ تعجزُ عن توفيرِ احتياجاتِها الشهريةِ، وأخرى لا تنجحُ بتغطيةِ قسمٍ من هذه الاحتياجاتِ بنسبةِ (34%).

ودفعَ الوضعُ الاقتصادي الاجتماعي المنخفضُ لفلسطينيّي (48) المرأةَ العربيةَ إلى الخروجِ لسوقِ العملِ لمساعدةِ زوجِها، الأمرُ الذي ساهمَ أيضًا في انتشارِ ثقافةِ تحديدِ النسلِ، وتقليلِ الإنجابِ؛ لضمانَ العيشِ الكريمِ والمستقبلِ للأولادِ بالتعليمِ الأكاديمي والسكنِ.

حربٌ مستمرّةٌ

وفي سياقِ الحربِ الخفيةِ على الأرحامِ؛ يقولُ مراقبونَ إنّ إسرائيلَ حفزتْ -تحتَ ذريعةِ تمكينِ المرأةِ- خروجَ المرأةِ العربيةِ في الداخلِ إلى سوقِ العملِ بعيدًا عن التجمعاتِ العربيةِ، وأيضًا على التعليمِ والانخراطِ بالكُلياتِ والجامعاتِ منعًا للزواجِ المبكّرِ، وصرفِها عن الإنجابِ وتشكيلِ أسرةٍ كبيرةٍ، مثلَما كان سائدًا حتى تسعينياتِ القرنِ الماضي.

أمَّا الأسبابُ التي دفعتْ العائلةَ الفلسطينيةَ بالداخلِ لتحديدِ النسلِ، وللمرأةِ بالاكتفاءِ بالإنجابِ ولدَين إلى (3) أولادٍ، التشريعاتُ العنصريةُ المتعلقةُ بتقليصِ المخصصاتِ، وضمانِ الدخلِ والتأمينِ الوطني، ومخصصاتِ الأولادِ للعائلةِ التي لا تخدمُ بالجيشِ، وبالمقابلِ منحِ امتيازاتٍ للعائلةِ اليهوديةِ التي تخدمُ بالجيشَ والأجهزةِ الأمنيةِ، كان محفزًا لتحديدِ النسلِ، خاصةً مع عدمِ توفّرِ أراضي البناءِ للزواجِ، وغيابِ الاستقرارِ المجتمعي في ظِلِّ تكاليفِ المعيشةِ الباهظةِ”.

منذُ أيامٍ قليلةٍ صادَقتْ اللجنةُ الوزاريةُ للتشريعِ بالكنيست الإسرائيلي، على مشروعِ قانونٍ صاغتْهُ وزيرةُ الداخليةِ الإسرائيليةِ، “أييليت شاكيد”، الذي يَحظرُ لمَّ شملِ العائلاتِ الفلسطينيةِ، وحظيَ القانونُ بدعمِ جميعِ أعضاءِ اللجنةِ من الائتلافِ الحكومي؛ ما يعني أنّ الحربَ الديموغرافيةَ تشتدُّ مع مرورِ الوقتِ.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى