Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
مقالات

الزواجُ والجمالُ

يميلُ الإنسانُ بطبيعتِه نحوَ الجمالِ، والإعجابِ بالمَظهرِ؛ وهو الذي يرسمُ الانطباعَ الأَوَّلي، والصورةَ الأُولى للعلاقاتِ بينَ الناسِ، فعندَما يبدأُ الرجلُ في البحثِ عن زوجةٍ وشريكةِ حياةِ، يتصدّرُ الجمالُ قائمةَ الشروطِ لاختيارِ الزوجةِ، وقد أقَرَّ الشرعُ الإسلاميُّ ذلكَ من خلالِ النظرةِ الشرعيةِ عندَ رؤيةِ الخاطبَينِ لبعضِهما، وقد قالَ رسولُ اللهِ _صلى الله عليه وسلم_: “خيرُ فائدةٍ أفادَها المرءُ المسلمُ بعدَ إسلامِه؛ امرأةٌ جميلةٌ، تَسرُّهُ إذا نظرَ إليها، وتطيعُه إذا أمرَها، وتَحفظُه في غَيبتِه ومالِه ونَفْسِها”.

فإذا اختارَ الشابُّ الجمالَ؛ عليهِ أنْ يُراعيَ أنْ يكونَ جمالُها لبَيتِها ولزوجِها، وليس مَبذولاً للعمومِ، وألَّا تكونَ الفتاةُ مفتونةً بجمالِها، مُفتَخِرةً بشكلِها؛ لِما يترتبُ على ذلكَ من مشاكلَ مستقبليةٍ، وأنْ يكونَ جمالُها محفوظًا بدِينِها وتقواها؛ وإلّا كان خطرًا عليها وعلى زوجِها.

لكنْ الجمالَ يُعَدُّ مِعيارًا مَغلوطًا؛ إذا لم يأخذْ الرجلُ في الوقتِ عينِه مَعاييرَ أُخرى مُهمّةً لزواجٍ ناجحٍ، وعلينا ألَّا نَنسَى أنّ مقاييسَ الجمالِ اليومَ؛ باتتْ مختلفةً عن الماضي؛ ذلكَ أنّ الفتاةَ باتت قادرةً على تجميلِ نفسِها من خلالِ مساحيقِ التجميلِ المُتطوِّرةِ؛ أو باللجوءِ إلى عملياتِ التجميلِ، الأمرُ الذي يتيحُ لأيِّ فتاةٍ أنْ تتمتّعَ بجمالٍ صارخٍ؛ وبسهولةٍ شديدةٍ لو أحبَّتْ ذلك.

إنّ الزواجَ المبنيَّ على شرطِ الجمالِ وحدَه لا يَكفي، فمع مرورِ الوقتِ سوفَ يعتادُ جمالَ زوجتِه؛ ويراها عاديةً وغيرَ لافتةٍ؛ كما كان يراها سابقًا، فالكثيرُ من الزيجاتِ التي اعتَمدتْ على الجمالِ فقط؛ فشِلتْ وانهارَ الزواجُ؛ لِذا فإنّ التوافقَ الروحيَّ بينَ الرجلِ والمرأةِ أهمُّ ما يَجمَعُهما في الزواجِ.

إنّ الجمالَ المَعنويّ الذي يَحملُ الكثيرَ من القيَمِ؛ التي يجبُ أنْ يتحلَّى بها الرجلُ والمرأةُ؛ قد يكونُ سبَبًا رئيسًا في نجاحِ الزواجِ؛ كالعِفّةِ، والحياءِ، وغَضِّ البصرِ، والكلامِ الجميلِ والحَسَنِ، ولينِ الجانبِ، ويُسرِ العِشرةِ، والتجاوزِ عن الخطأِ والإساءةِ، ويقالُ: (الأخلاق أرزاق).

كثيرًا ما نرَى رجلاً متزوجًا بامرأةٍ ذاتِ جمالٍ أقلَّ من العاديِّ؛ لكنّ زواجَهما ناجحٌ جدًا بسببِ تفاعُلِهما الروحيّ إلى حدٍّ كبيرٍ.

فجمالُ الروحِ، وجمالُ الطِّباعِ، والتألّقُ النفسيّ، وطيبةُ القلبِ، وصفاءُ السريرةِ، وإرادةُ الخيرِ للناسِ؛ ينعكسُ على الجسدِ فيَجعلُه جميلاً؛ أمّا جمالُ الجسدِ فلا يُغني؛ إذا ساءتْ الروحُ أو الطِّباعُ، ورُبَّ مَلكةِ جمالٍ لا يطيقُ زوجُها أنْ ينظرَ إليها؛ لسوءِ أخلاقِها وطباعِها، والنفسُ تحبُّ ألوانَ الجمالِ جميعًا، فالماديُّ يلفتُها؛ لكنّ الروحيَّ يخطفُها ويأسِرُها.

إنَّ من أكثرِ الأخطاءِ التي يقعُ فيها المُقبلونَ على الزواجِ؛ هو عدمُ أخذِ المشورةِ من أهلِ الاختصاصِ، ومن أهلِ الخبرةِ في الحياةِ العمليةِ، سواءٌ من الأهلِ أو الأصحابِ، كذلكَ عدَمُ إعطاءِ نصائحِهم قِيمةً في هذا الصَّدَدِ؛ مع أنّ مِثلَ هذه النصائحِ إذا أُخِذتْ في الحسبانِ؛ فإنها سوفَ تَمنعُ الكثيرَ من المشاكلِ التي قد تَطرأُ بسببِ وجودِ تنافُرٍ في الطباعِ، ويتمُّ التغاضي عنه تحتَ تأثيرِ العاطفةِ والرغبةِ في إتمامِ الزواجِ.

لذلكَ من الضروري قبلَ الإقدامِ على الزواجِ؛ أنْ يضعَ كلُّ طرَفٍ نُصبَ عينَيهِ الأساسياتِ التي يريدُها في شريكةِ حياتِه، أي أنْ يكونَ من عائلةٍ كريمةٍ ومتعلمةٍ، يتمتعُ بأخلاقٍ حسَنةٍ، وقادرٍ على تَحمُّلِ مسؤوليتِه في تربيةِ الأولادِ وإدارةِ البيتِ، كما يجبُ أنْ تَجمعَ بينَهما كيمياءُ الحبِّ والتوافقِ والاحترامِ والتفاهمِ.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى