Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
حوار

زيارتي لغزةَ أشعلتْ قناديلَ صمودي وحُبي للحفاظِ على الهويةِ المقدسيةِ

"إسراء الغبيش" مسؤولةُ ملفِ القدسِ في لجنةِ "مهندسونَ من أجلِ القدسِ وفلسطينَ"

 

حوار : السعادة

“إسراء الغبيش” اسمٌ يشرحُ معنى أنْ تكونَ فلسطينياً … فأنْ تكونَ فلسطينياً يعني أنْ تعشقَ وطناً تعرفُ اسمَه ولم ترَهُ، تكبرُ وأنت لا تعلمُ أين سوفَ تكونُ غداً، لأنكَ ممنوعٌ من الاستقرارِ، ومن التفكيرِ في المستقبلِ، وعليكَ أنْ تحاربَ نيابةً عن أُمّةِ الضاد، وباسمِ الشعوبِ العربيةِ؛ لأنكَ القوميُّ العربيُّ الأولُ، وأنْ تحاربَ نيابةً عن جميعِ المسلمينَ أينما تواجدوا، فأنتِ حامي الأقصى الشريفِ، وهو تكليفُكَ الذي خصَّكَ به ربُّ العزّةِ.

أنْ تكونَ فلسطينياً؛ يعني أنْ تكونَ مبادراً، وتحفظَ أسماءَ الشهداءِ منذُ ثورةِ فلسطينَ الكبرى، أعدادَ المعتقلينَ الفلسطينيينَ، وأسماءَ السجونِ، وصوَرَ وجوهِ أمهاتِهم، وتاريخَ اعتقالِهم ومدّةَ أحكامِهم، تحفظُ بواباتِ المساجدِ، وكنائسَ المدائنِ، وحواري الأزِقةِ، أنْ تسكُنَ ريحةُ الوطنِ كلَّ تفاصيلِك؛ فتَصِلَ إلى مرحلةٍ تعملُ لوطنٍ لا تراهُ.

وُلِدتُ في ضواحي “عمانَ” التي أعُدُّها الأقربَ لفلسطينَ،لاسيّما وأنّ الكثيرَ من سكانِ “عمان” تَعودُ أصولُهم إلى فلسطينَ؛ كما عائلتي التي تعودُ أصولُها إلى فلسطينَ، وتتسربُ كلُّ تفاصيلِ حياتِهم ونخوتِهم إلى مدنِ الأراضي المقدسةِ.

سُمّيتُ “إسراء” ولعلَّ حكمةَ اللهِ أنْ يكونَ هذا الاسمُ رابطاً بيني وبينَ القدسِ، إذِ اقتُبِسَ الاسمُ من رحلةِ الإسراءِ والمعراجِ؛ لتظلَّ هذه الرحلةُ معراجاً في حياتي، وأظلَّ مرتبطةً بالقدسِ والأقصى وسكانِ المدينةِ، درستُ جميعَ مراحلِ التعليمِ في مدارسِ الأردن؛ ثُم تخرّجتُ من كليةِ الهندسةِ المعماريةِ؛ بعدَها حصلتُ على دبلومٍ عالٍ في إدارةِ المشاريعِ.

عضوٌ في نقابةِ المهندسينَ الأردنيينَ، ومسؤولةُ ملفِ القدسِ في لجنةِ “مهندسونَ من أجلِ القدسِ وفلسطينَ”، عضوٌ في المجلسِ الأعلى للتأهيلِ والاعتمادِ المِهني الأردني، وعضوُ جمعيةِ خرّيجي مجموعةِ “طلال أبو غزالة”، عضوٌّ في عددٍ من الجمعياتِ الأهليةِ والمجتمعيةِ.

عملتُ في عدّةِ أماكنَ؛ لكنّ البداياتِ الحقيقةَ تبدأُ مع الفردِ؛ عندما تُربطُ أيُّ بدايةٍ بشغفِه واهتمامِه وهواياتِه، انضممتُ عامَ (2012) إلى لجنةِ “مهندسونَ من أجلِ فلسطينَ والقدسِ” كعضوٍّ عاديٍّ، وشاركتُ في إعدادِ الفعالياتِ والبرامجِ والأنشطةِ المتنوعةِ، والمبادراتِ المختلفةِ التي عمّقتْ علاقتي بأعضاءِ اللجنةِ وطبيعةِ عملِها، ثُم بفلسطينَ كوطنٍ وقضيةٍ ورسالةٍ ومقاومةٍ.

التقيتُ خلالَ بداياتي الشغوفةِ الأولى بالعديدِ من الشخصياتِ الفلسطينيةِ وغيرِ الفلسطينيةِ، التي تعملُ ليلَ نهارَ لنصرةِ القضيةِ الفلسطينيةِ في كُلِّ أماكنِ تواجدِها؛ حيثُ هناك أشخاصٌ يعملونَ لنصرةِ القدسِ والمسجدِ الأقصى، وهناك أشخاصٌ يعملونَ لإغاثةِ القطاعِ المحاصَرِ، وهناك آخَرونَ يعملونَ لدعمَ وتعزيزِ صمودِ أهالي الضفةِ الغربيةِ، وآخَرونَ يعملونَ للمحافظةِ على الإرثِ الفلسطينيّ في الداخلِ المحتلِّ، وآخَرونَ يعملونَ لتظلَّ فلسطينُ مرتبطةً بقلبِ كلِّ فلسطينيِّي الشتاتِ بالعالمِ.

في عامِ (2013) انطلقتُ مع قافلةِ “خطوات محبة عربية ” لكسرِ الحصارِ المفروضِ على قطاعِ غزةَ عبرَ معبرِ رفحَ؛ برئاسةِ المهندسةِ “فدوى أبو غيداء” رئيسِ لجنةِ المهندساتِ العربياتِ، وبمشاركةِ حوالي (30) مهندسةً عربيةً؛ وكانت هذه أولَ قافلةٍ عربيةٍ هندسيةٍ نسويةٍ تدخلُ قطاعَ غزةَ رافعةً شعارَ كسرِ الحصارِ عن الشعبِ البطلِ في غزةَ.

وأستطيعُ القولَ أنّ هذه الزيارةَ جعلتني أقربَ إلى فلسطينَ بكُلِّ أنشطتي، وكان عامُ (2014) عاماً حافلاً بالكثيرِ من الأعمالِ والمبادراتِ والأنشطةِ، كان أبرزَها حملةُ “فلنشعلْ قناديلَ صمودِها” بالتعاونِ مع إذاعةِ “حياة أف أم”، والتي أفردتْ برامجَها كاملةً لدعمِ الحملةِ الشعبيةِ وسطَ مشاركةٍ فاعلةٍ من المواطنينَ الأردنيينَ.

وهدفُ “فلنشعلْ قناديلَ صمودِها” الحفاظُ على الهويةِ المقدسيةِ؛ وهي امتدادٌ لمرحلةٍ سابقةٍ من عدّةِ مشاريعَ؛ حيثُ قدّمتْ التبرّعاتِ على شكلِ بناءِ وترميمِ وحداتٍ سكنيةٍ، ومنشآتٍ تعليميةٍ، واستفادَ منها (1110) مواطنينَ مقدسيينَ، و(150) طالباً في مراحلِ التعليمِ المبكرةِ والتعليمِ الأساسي من أهالي البلدةِ القديمةِ، فضلاً عن مشاريعِ البِنى التحيةِ في المدينةِ، وبالتعاونِ مع الجهاتِ الفلسطينيةِ.

وفي العامِ (2015) أصبحتْ مسؤولةَ ملفِ القدسِ في لجنةِ “مهندسون من أجلِ القدسِ وفلسطين”؛ التي تأسّستْ عامَ (2007)، وكانت مختصّةً في البدايةِ في قضيةِ القدسِ، حيثُ كان اسمُها “مهندسون من أجل القدس”، وفي عام (2012) دُمجتْ وأصبحتْ بمُسمّاها الأخيرِ “لجنة مهندسون من أجل فلسطين والقدس”.

وتسردُ الغبيش لـ “السعادة” طبيعةَ عملِ اللجنةِ فتقول:” تُعنى اللجنةُ بعدّةِ ملفاتٍ، وهي: ملفُ القدسِ بشكلٍ رئيسٍ، وملفُ الأسرى، وملفُ اللاجئين، وحق العودة، وملفُ الإعلامِ، بالإضافةِ إلى التفاعلِ مع المناسباتِ الخاصةِ بالقضيةِ، كما تعدُّ اللجنةُ رائدةً في العملِ المقدسي والفلسطيني في المنطقةِ.

فهي تهدفُ إلى دعمِ القضيةِ الفلسطينيةِ بجميعِ الوسائلِ المشروعةِ، ونشرِ الوعي الثقافي والتراثِ الفلسطيني، والمقدسي، وتوعيةِ المهندسينَ، وعائلاتِهم، والمجتمعِ الأردني بتاريخِ فلسطينَ والقدسِ، وصمودِ أهلِها، ونشرِ فكرةِ الانتماءِ إلى قضيةِ الأُمةِ المحوريةِ، والعملِ على فضحِ المخططاتِ الصهيونيةِ ضدّ الفلسطينيينَ، وتبيانِ خطورةِ ما يرتكِبُه الكيانُ الغاصبُ من اعتداءاتٍ بحقِّ الأسرى والمقدّساتِ، كما تعملُ على إعدادِ الدراساتِ دعماً للمشاريعِ التنمويةِ، والهندسيةِ، والتعليميةِ في فلسطينَ كافةً، والقدسِ بشكلٍ خاص، وذلكَ من خلالِ التعاونِ مع الجهاتِ الرسميةِ والشعبيةِ المهتمةِ بالقضيةِ الفلسطينيةِ، ودعمِ القدسِ، والمقدساتِ.

وتتابع “الغبيش” حديثَها حولَ فلسطين قائلةً: ” القدسُ وفلسطينُ قضيةٌ أحببتُها منذُ صغري، وكلما تابعتُها أكثرَ تعلّقتُ بها أكثرَ، فهي قضيةٌ عقَديةٌ ومحوريةٌ تجتمعُ الأُمّةُ عليها ولا تفترقُ، فكلما كانت القدسُ عزيزةً حُرّةً؛ كانت الأُمةُ العربيةُ والإسلاميةُ بأفضلِ حالٍ، فنحن قومٌ أعزَّنا اللهُ بالإسلامِ، ودونَه لن نجِدَ سِوى المَذلّةِ.

وتضيفُ: وجودي في لجنةِ القدسِ  جعلني أتابعُ القضيةَ الفلسطينيةَ عن كثبٍ، وأرى ما يتعرضُ له الشعبُ الفلسطيني من تنكيلٍ وتعذيبٍ وظلمٍ من عدوٍّ غاشمٍ محتلٍّ متغطرسٍ؛ زادت من شعلةِ الغضبِ بداخلي، وأصبحتُ أدركُ أنّ الحملَ علينا ثقيلٌ، وأننا يجبُ أنْ نَذودَ عن أهلِنا في أرضِ الرباطِ، فواجبُ النصرةِ لن يسقطَ عنا، وأنَّ الدفاعَ عن مسجدِنا الأقصى؛ أولَى القِبلتين، ومسرى نبيِّنا محمدٍ _صلى الله عليه وسلم_ الذي يتعرّضُ لانتهاكٍ شِبهِ يومي من صهاينةٍ حاقدينَ جزءٌ من عقيدتي، وهويتي الإسلاميةِ، أضِفْ إلى ذلك ما يتعرضُ له المرابطونَ والمرابطاتُ من تنكيلٍ، وتعذيبٍ، وسَجنٍ، وسحبِ هوياتٍ، وهدمِ بيوتٍ؛ وذلك لذَودِهم عن مسرَى نبيّنا.

عقيدةُ القدسِ التي أؤمنُ بها؛ دفعتْني لأكونَ جزءاً أساسياً من العديدِ في المشاريعِ والمبادراتِ الخادمةِ لأهلِ القدسِ تحديداً أبرزُها: مشروعُ إعادةِ إعمارِ وترميمِ البيوتِ في البلدةِ القديمةِ في القدسِ، والتي تشكّلُ خطَّ الدفاعِ الأولِ عن المسجدِ الأقصى، بما يساهمُ في دعمِ صمودِ أهلِ البلدةِ القديمةِ، والتي يسعى الاحتلالُ الصهيوني إلى تفريغِها من أهلِها، وتغييرِ “ديموغرافيا” المنطقةِ؛ سعياً منه إلى طمسِ هويتِها العربيةِ، والإسلاميةِ، والمعماريةِ، كما أنّ هذا المشروعَ يهدفُ إلى تشغيلِ الأيدي العاملةِ، وتحريكِ العَجلةِ الاقتصاديةِ في القدسِ.

ثُم جاء المشروعُ الآخَرُ؛ وهو المشروعُ الإعلاميُّ؛ والذي ابتدأنا العملَ عليه منتصفَ تشرين الثاني من العامِ               ( 2016)؛ ويهدفُ إلى وضعِ القدسِ في مكانِها الصحيحِ في وسائلِ الإعلامِ المحليةِ والعربيةِ المختلفةِ، وإعدادِ كوادرَ إعلاميةٍ تخدمُ قضيةَ القدسِ، وتفضحُ الاحتلالَ الصهيوني، من خلالِ وضعِ إستراتيجيةٍ إعلاميةٍ متكاملةٍ تعودُ بالقدسِ إلى مكانِها الصحيحِ، في ظِلِّ المحاولاتِ الصهيونيةِ إلى الاستيلاءِ عليها، ومحاولاتِ التهويدِ، والقمعِ التي تمارسُها سلطاتُ الاحتلالِ مع أهلِنا في القدسِ.

علاوةً على تركيزِ اللجنةِ على تطويرِ حالةِ الوعي العربيةِ تُجاهَ القدسِ_ خاصةً لمواطنين الأردن_ حيثُ كنتُ جزءاً لا يتجزأُ من فعالياتِ الكثيرِ من الدوراتِ وورشاتِ التوعيةِ التي حملتْ عناوينَ مهمةً ومختلفةً؛ منها دوراتُ المعارفِ المقدسيةِ، ودوراتِ حقوقِ اللاجئ الفلسطيني، ودوراتِ اللغةِ العبريةِ، بهدفِ معرفةِ ثقافةِ العدوِّ، وكيفيةِ تفكيرِه، وتضيفُ: إنجازاتُ اللجنةِ كانت متعدّدةً وغيرَ متوقّفةٍ، وشاملةً لكُلِّ أوجُهِ المبادراتِ والمشاريعِ تُوِّجتْ بإعدادِ مجسّمٍ كاملٍ للبلدةِ القديمةِ والمسجدِ الأقصى، وتنظيمِ الملتقى الشبابي المقدسي لأجلِ الأسرى.

وتتابعُ: المهمةُ لم تكنْ سهلةً؛ فكُلنا يعلمُ أنّ المعيقاتِ كثيرةٌ، ومنها: القيودُ الأمنيةُ، وضعفُ الدعمِ المادي، وقلةُ الكوادرِ المتخصصةِ في العملِ المقدسي، وعدمُ استمراريةِ الكوادرِ لاختلافِ الظروفِ، بالإضافةِ إلى عدمِ تفرُّغِهم للعملِ في اللجنةِ؛ لكنْ مَهما كان الطريقُ صعبًا وشائكًا، ومَهما كلَّفنا من تَحمّلِ صعابٍ ومِحَنٍ، فما نقدّمُه أقلَّ القليلِ، وندعو اللهَ أنْ يُعينَنا على الاستمرارِ وخدمةِ هذه المدينةِ التي تمثّلُ أحدَ أهم معالمِ الدّينِ الإسلامي على مستوى العالمِ، إضافةً إلى حضارتِها وتراثِها.

تختمُ “الغبيش” لقاءَها معنا بحُلمٍ وطموحٍ ينمُّ عن مدَى الارتباطِ بينَ هذه المهندسةِ؛ وبينَ القدسِ كمدينةٍ مقدّسةٍ، إذْ تسعى إلى تكرارِ تجربةِ لجنةِ القدسِ في نقابةِ المهندسينَ الأردنيينَ؛ لتصبحَ تجربةً يعتزُّ فيها كلُّ بلدٍ عربي من خلالِ تصديرِ أفكارِ المشاريعِ إلى المهندسينَ الشبابِ في كافةِ أنحاءِ الوطنِ؛ حتى تتّسِعَ دائرةُ المشاركةِ في خدمةِ بيتِ المقدسِ، ومن المشاريعِ التي نأملُ أنْ تتبنّاها الدولُ؛ مشروعُ ترميمِ البيوتِ في البلدةِ القديمةِ؛ حيثُ إنّ عددَ المباني التي بحاجةٍ إلى ترميمٍ يزيدُ عن (3000) عقارٍ، وهذا يتطلبُ تضافُرَ الجهودِ وتعاونَها، وأيضاً المشروعُ الإعلامي المقدسي، فنحن نسعَى إلى إعدادِ إستراتيجيةٍ إعلاميةٍ متكاملةٍ لِخَوضِ المعركةِ الإعلاميةِ مع الاحتلالِ، وبكُلِّ لغاتِ العالمِ؛ حتى نحرّكَ العالمَ مع القضيةِ الفلسطينيةِ وقضيةِ القدسِ.

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى