فَشـــةُ غِــــلٍّ
“جَبرُ الخواطر” … كلمتانِ قد لا يُدركُ كثيرونَ المعنَى العميقَ لهما..؛ لكنهما قد تشكّلانِ سبَباً لتغييرِ حياةِ إنسانٍ أو شخصٍ كان بحاجةٍ لهما.
كلمةٌ واحدةٌ فيها “جبر للخاطر”، أو فعلٌ غيرُ متوَقَّعِ، أو موقفٌ تُجاهَ إنسانٍ؛ يبقَى محفورًا بالذاكرةِ؛ ويشكّلُ بصمةً واضحةً في الحياةِ، ذلكَ الأثرُ الذي يترُكُه الشخصُ الذي يَجبُرُ خاطِرَ صديقٍ أو قريبٍ أو حبيبٍ..
جَبرُ الخواطرِ خُلُقٌ إسلاميٌّ عظيمٌ؛ يدلُّ على سُمُوِّ نفسٍ، وعظَمةِ قلبٍ، وسلامةِ صدِر ورجاحةِ عقلٍ؛ يجبرُ المسلمُ فيه نفوسًا كُسِرتْ، وقلوبًا انفَطرتْ، وأجسامًا أُرهِقتْ، وأشخاصًا أرواحُ أحبابِهم أُزهِقتْ، فما أجملَ هذه العبادةَ!
صدِّقْني، لن تستطيعَ أنْ تَجبُرَ خواطرَ مَن حولَكَ؛ إذا كنتَ تمتلكُ لصفةِ الأنانيةِ وحُبِّ الذاتِ؛ ففي ذلكَ الوقتِ سوفَ تشعرُ بأنكَ فوقَ الجميعِ، ولا أحدَ يرتقي أنْ تتحدّثَ معه، وتشعرُ بأنكَ تعيشُ في دُنيا لا يوجدُ فيها أحدٌ غيرَكَ! أنتَ الوحيدُ المُستحِقُّ فيها أنْ تعيشَ سعيدًا؛ وهذا يجعلُكَ تقلّلُ من مشاكلِ وأزماتِ الآخرينَ؛ لأنك لن ترَى سِوَى نفسِكَ؛ لذا عليكَ بالتخلِّي عن هذهِ الصفاتِ اللعينةِ، والتحَلِّي بالتواضعِ كي تستطيعَ خدمةَ الآخَرينَ بمحبةٍ.
علي الزوجِ أنْ يعيَ جيدًا أهميةَ أنْ يقومَ بجَبرِ خاطرِ زوجتِه؛ حتى وإنْ كانت هي المخطئةَ، فطبيعةُ الإنسانِ التي تتذكّرُ دائمًا الشيءَ الجيِّد،َ الذي قامَ الآخَرُ بفِعلِه؛ ستَجعلُها تتذكّرُ دائمًا ذلكَ الموقفِ منكَ، وستُبادِلُه لكَ لا مَحالَةَ؛ لِذا يجبُ أنْ تجعلَها تشعرُ بتقديرِكَ لِما تقومُ بفعلِه يوميًا لكَ ولأولادِكَ بأيٍّ من كلماتِ الشكرِ، والأبناءُ أيضًا عليهم بتطيّيبِ خاطرِ والدتِهم؛ فهي مَن قامت بفِعلِ الكثيرِ من أجلِهم، ومستعدّةٌ لفِعلِ أكثرَ من ذلكَ؛ لِذا فهي مستحقةٌ أنْ تسمعَ كلماتٍ تُشعِرُها بمدَى تقديرِنا لذلكَ العطاءِ والحُبِّ، فكلماتُ الشكرِ التي يمكنُ قولُها عندَ تقديمِ الطعامِ _على الرغمِ من صغرَها لِما تقدِّمُه هي_ ولكنّ أثرَهَا جيدٌ عليها؛ فهي لا تريدُ من أبنائها أكثرَ من ذلكَ ، لكبارِ السنِّ حقٌّ في هذا الجبرِ ، كما أنّ للصغيرِ اليتيمِ كلَّ الحقِّ في جبرِ الخاطرِ .
ولا شكَّ أنّ كلَّ إنسانٍ منّا؛ قد حُفرَ في ذاكرتِه أشخاصٌ كان لهم الدورُ الفاعلُ والعملُ الدؤوبُ بمواقفَ سُطّرتْ وحُفظتْ؛ سواءٌ بالقولِ أو الفعلِ، أو رسالةٍ أو فكرةٍ أو كلمةِ خيرٍ جبرتْ نفوسًا، وأثلجتْ صدورًا، فهذه المواقفُ تُحفَظُ ولا تُنسَى.
أهل زمان قالوها: كسرٌ العظمِ ولا كسرُ الخاطرِ؛ لأنّ كسْرَ العظمِ يمكن يتجبَّر، لكنْ كسْرَ الخاطرِ يمكنُ بعمرها ما راح تتجبّر، كسرة الخاطر جبّارة وموجِعة، وما إلها وصف يداويها ، هي باختصار خُلُقٌ سيئٌ، وتصرُّفٌ ذميمٌ؛ يُنبِئُ أنّ صاحبَها هزيلُ الإيمانِ والدّينِ، إيّاكَ تكون سبب بحزن أي شخص ، وإنْ لم تستطعْ أنْ تُسعِدَه بكلمةٍ؛ لا تكسِرْ خاطره حتى لو بنظرة .
ما تتردَّدوا بجبرِ الخواطر، وراعوا المشاعرَ، وانتقوا كلماتِكم، وتلَطفوا بأفعالِكم، وتذكّروا العِشرة، ولا تؤلِموا أحداً، وقولوا للناس حُسْناً، وعيشوا أنقياءَ أصفياءَ؛ فهذا نهجُ الأنبياءِ، وأخلاقُ النبلاءِ، لأنّ النفسَ العزيزةَ لو انكسرتْ صعب نجبرها؛ ولو اجتمعتْ كل قوة الدنيا.
خُذها نصيحةً من القلبِ للقلبِ؛ عندما ترى شخصًا على حافــةِ الانهيارِ، قرِّبْ منه أكثرَ؛ لأنه يحتــاجُ للحنــانِ أكثــرَ مـن حاجتـِـه للنصــائحِ والعتَــبِ.
جبرُ الخواطرِ حاجة حلوة كثير؛ تُدلِّل على سمُوِّ النفسِ، وعظمةِ القلبِ، وسلامةِ الصدرِ، ورجاحةِ العقلِ..
أدْعُوا اللهَ لكم ولِغيرِكم سِرًّا، وما في داعي للتسوُّل العاطفي، رَحِمَ اللهُ امرَأً عرفَ حدَّه فوقفَ عندَه
و#سلامتك_وتعيش..