Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
تقاريررياديات

“ريم رمضان” ريشةٌ تُجسِّدُ القضايا الوطنيةَ عبرَ لوحاتِها

حينَ يجتمعُ الطبُّ والفنُّ..

 

جمعتْ بينَ طبِّ الأسنانِ والرسمِ؛ فتحاولُ أنْ ترسمَ الابتسامةَ على وجهِ الناسِ عبرَ لوحاتِها؛ درستْ الطبَّ ونمّتْ موهبتَها بالرسمِ؛ وجعلتْ للوطنِ نصيبًا ضِمنَ لوحاتِها؛ فجمالُ الديارِ والأرضِ تجسَّدَ عبرَ ريشتِها؛ ولم تنسَ الشخصياتِ الفلسطينيةَ ضِمنَ لوحاتِها؛ لترويَ تاريخَ كلٍّ منهم.

“ريم رزق رمضان”؛ طبيبةُ أسنانِ؛ عملتْ في المجالِ الأكاديميّ في جامعةِ فلسطينَ؛ وتعملُ في وزارةِ الصحةِ؛ وُلدتْ في عائلةٍ أفرادُها أطباءُ والدُها رحمَه اللهُ كان طبيبًا؛ د.” رزق عيد رمضان”؛ ووالدتُها طبيبةُ نساءٍ؛ ولدَيها خمسةُ إخوةٍ جميعُهم أطباءُ؛ وأخوها الكبيرُ مهندسٌ.

ترَعرَعتْ في عائلةٍ تدعمُ العلمَ والموهبةَ، اكتشفَ والدُها أنها موهوبةٌ في الرسمِ؛ ولكنها اختارتْ تخصُّصَ طبِّ الأسنانِ؛ لأنه يعتمدُ على الفنِّ والموهبةِ والعلمِ؛ ففي تعريفِ طبِّ الأسنانِ باللغةِ الإنجليزيةِ يقالُ (art and science).

تقولُ: “لم أُجبَرْ على دراسةِ طبِّ الأسنانِ؛ بل كان هناك توجيهّا من قِبلِ الأهلِ؛ حيثُ يعدُّ أفضلَ مجالٍ يحملُ صفةً إنسانيةً؛ فيهِ العطاءُ ومساعدةُ الآخَرينَ في العلاجِ بأبسطِ التكاليفِ، فوجدتُ نفسي في رسمِ الابتسامةِ على الورقِ، وعلى وجوهِ الناسِ في عملي؛ وهي ضدُّ مقولةِ “أنّ الطبَّ مقبرةُ المواهبِ”؛ بل هو منبعُ المواهبِ.

حبُّ الوطنِ

وتُتابعُ:”لم أدرُسْ الفنَّ أكاديميًا؛ وقمتُ بتطويرِ موهبتي وهوايتي المُفضّلةِ، وإمكاناتي الفنيةِ من خلالِ الممارسةِ بشكلٍ مستمرٍّ، ومتابعةِ كلِّ ما هو جديدٌ من خلالِ “الإنترنت”، وقراءةِ كلِّ ما هو متعلّقٌ بالرسمِ والفنِّ لأصِلَ إلى مستوى أفضلَ من الاحترام.

وتواصلُ: إنها من خلالِ دراستِها الجامعيةِ نظّمتْ بثلاثةَ معارضَ فنيةٍ في القاهرةِ؛ وفيها أخذتْ المركزَ الأولَ على مستوى الجامعةِ، ولاقتْ الكثيرَ من التشجيعِ والإعجابِ من قِبلِ الأطباءِ، والمحاضرينَ، والزملاءِ، والفنانينَ بمصرَ.

تتابعُ:”كانت أغلبُ رسوماتي تتحدّثُ عن فلسطينَ، وحُبِّ الوطنِ والديارِ، عشِقتُ القدسَ؛ فرسمتُ لها.. وأثّرتْ عليَّ الحروبِ، وظهرتْ في رسوماتي؛ مع أني وُلدتُ وترعرعت خارجَ فلسطينَ، وكانت دراستي الجامعيةُ في مصرَ؛ لكنني كان دائمًا قلبي مُعلّقًا بالقضيةِ وعبقِ فلسطينَ، وأتابعُ الأخبارَ والأحداثَ.

وتضيفُ: “بخصوصِ القضيةِ الفلسطينيةِ فقد رسمتُ شخصياتٍ مُهمّةً بارزةً في الساحةِ الفلسطينيةِ؛ كالرئيسِ الراحلِ “أبو عمار”، وفي وقتِ الحربِ برزتْ شخصيةُ “أبو عبيدة” الناطقِ باسمِ كتائبِ القسّامِ فرسمتُها، ورسمتُ لوحاتٍ أخرى تعبّرُ عن كتائبِ الأقصى والجهادِ، وحربِ العصفِ المأكولِ، والبنيانِ المرصوصِ، والقدسِ، وعن الشقيقةِ النازفةِ سوريا “.

بعدَ جائحةِ “كورونا” والحَجرِ؛ وجدتْ ملجأً من الضغوطِ اليوميةِ في الزراعةِ؛ وحوّلتْ منزلَها من جدرانٍ باردةٍ إلى حديقةٍ؛ فأصبحَ لديها هوايةُ جمْعِ النباتاتِ المنزليِ، والعنايةِ بها؛ حتى أنها أصبحتْ تفكّرُ بدراسةِ الزراعةِ في الجامعةِ.

كَسْرُ الروتينِ

ففي زاويةٍ داخلَ منزلِها؛ تشعرُ بالدفءِ والتألّقِ والتميّزِ؛ وعلى طولِ الحائطِ تتعانقُ أوراقُ الشجيراتِ المتلاصقةِ؛ التي تزهو كلُّ واحدةٍ منها بعُمرٍ ولونٍ مختلفٍ؛ يمتدُّ بصرُكَ قليلًا نحوَ الزاويةِ ذاتِها؛ فتفاجأُ بلوحاتٍ تمازجتْ بينَ رصاصٍ وألوانٍ زيتيةٍ، تناثرتْ على الحائطِ بدونِ ترتيبٍ مُعيّن، كأنما تُعطي المساحةَ لعشّاق الفنِّ كي يبدأوا التمعّنَ.

تَكسرُ “ريم” روتينَ الحياةِ المُمِلَّ في هذه الزاويةِ فتقولِ:”الطبيبُ يكرّرُ الإجراءاتِ مرارًا؛ ويقابلُ المَرضى ذاتَهم؛ ويستمعُ إلى الشكاوَى نفسِها كلَّ يومٍ! هنا تَجدُ نفسَها التي تضيعُ في زحمةِ العملِ حتى كادتْ لا تَجِدَها إلّا في رائحةِ المُعقِّماتِ، والبنجِ، وأصواتِ حفّاراتِ الأسنانِ وحشواتِ العصَبِ.

تُتابعُ: “للطبيبِ روحٌ يجبُ أنْ يعتنيَ بها أولًا؛ كي يستطيعَ مواصلةَ العطاءِ _ثُم تُكمِلُ_ وقد شبكتْ أصابعَ يدَيها أمامَ صدرِها في محاولةٍ لوصفِ شعورٍ لا يمكنُ أنْ تَحصُرَه كلماتٌ: “لِشَغفِك عليكَ حقٌّ، هذه حقيقةٌ، فالألوانُ التي تلطّخُ يديَّ خلالَ رسمِ اللوحةِ؛ هي في الحقيقةِ صابونٌ لِقلبي؛ تنظّفُ عنه ضغطَ العملِ”.

من يتأمّلْ لوحاتِ “ريم”؛ يفهمْ التدرّجَ الذي اعتمدَتْهُ في تطويرِ نفسِها وقدراتِها ولوحاتِها وطبيعةِ ما ترسمُه؛ ما بينَ رصاصٍ؛ مرورًا بالفحمِ؛ ووصولًا إلى ألوانِ الزيتِ التي تجعلُ اللوحةَ تنطقُ بالحياةِ، فالفنُّ إسقاطٌ واضحٌ على مهنتي، فأخذتُ أتعاملُ مع الأسنانِ كَلَوحةٍ فنيةٍ كاملةٍ: مساقطُ الضوءِ، الظلالُ، التمويهُ..

تفاصيلُ حياةٍ

ولأنّ الفنانَ حالمٌ، والمزارعَ فنانٌّ؛ فإنّ الطبيبَ إذا دمجَ بينَ الاثنينِ؛ خرجَ بقلبٍ عريقِ الأثرِ. “ريم” ما زالت تحلمُ بأنْ يغيّرَ الناسُ فكرتَهم عن عياداتِ الأسنانِ؛ “إذْ ليستْ بالضرورةِ أنْ تغرقَ في تفاصيلِ العصريةِ، والعمليةِ، يمكنُ أنْ يُنشئَ أحدُهم عيادتَه في بيتٍ قديمٍ؛ تحيط به حديقةٌ مورِقةٌ مَثلاً..”.

وعن طبيعةِ الموادِ والألوانِ التي تستخدِمُها في رسمِ لوحاتِها توضّح د. “رمضان” بأنها ليس لدَيها نوعيةٌ معيّنةٌ من الورقِ؛ ولكنها تفضّلُ الرسمَ بالفحمِ وبالألوانِ الزيتيةِ، وتركّزُ في لوحاتِها على رسمِ الأشخاصِ، والوجوهِ “البورتريه”، والعيونِ، والتفاصيلِ الصغيرةِ الدقيقةِ؛ باعتبارِها أمورًا تعبّرُ عن مكنوّناتِ النفسِ الداخليةِ؛ وما تَختلِجُه من انفعالاتٍ وعواطفَ؛ سواءً في الحزنِ أو الفرحِ وغيرِها.

أمّا عن اللوحاتِ التي تعبّرُ عن الطبيعةِ، وصفتْها د. “رمضان”؛ بأنها ليستْ من اهتمامِها؛ باعتبارِها رسوماتٍ سهلةً وبسيطةً، وبدَتَ عيناها لامِعتَينِ لتقولَ:”أنا أحبُّ أنْ أرسمَ اللوحةَ التي تحكي عن حالِها؛ وكلُّ واحدٍ يفهمُها على كَيفِه وبطريقتِه، وأستمتِعُ بالشيءِ الذي يوجدُ فيه تحدِّي”.

وتوضّح د.” ريم” بأنّ المُدّةَ التي تستغرقُ فيها رسمَ اللوحةِ الواحدةِ؛ تَرجِعَ حسبَ الشخصيةِ؛ فالمشاهيرُ تستغرقُ اللوحةُ وقتًا أطولَ؛ قد يصلُ لخمسةِ أيامٍ؛ حيثُ تحتاجُ إلى الكثيرِ من الدّقةِ والتفاصيلِ.

تقولُ وعلاماتُ الفخرِ والاعتزازِ باديةٌ على وجهِها:”يردّدُ الكثيرونَ عبارةَ “أنّ الطبَّ مقبرةُ المواهبِ”؛ إلّا أنني أقولُ بالعكسِ؛ فالطبُّ منبعُ المواهبِ؛ فهناكَ الكثيرونَ من الأطباءِ نجحوا في أكثرَ من مجالٍ؛ كالطبيبِ “علاء اللقطة” وغيرِه، والحمدُ للهِ لقد حقّقتُ الكثيرَ من أهدافي؛ وأسعَى إلى أنْ أصِلَ إلى العالميةِ في مجالِ طبِّ الأسنانِ؛ بالإضافةِ إلى الاستمرارِ قُدمًا بتطويرِ إمكاناتي في الرسمِ والفنونَ”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى