Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
مقالات

حَبة رضى

 

حياتُنا محطاتٌ مُلوّنةٌ؛ فيها الجميلُ وغيرُه؛ محطاتٌ بلا قطارٍ؛ بلا تفاصيلَ واضحةٍ أو معالمَ ناصعةٍ؛  التكرارُ طابَعٌ لها؛ وسِمةٌ غالبةٌ على دروبِها ومسالكِها .

وعلى صعيدٍ آخَرَ محطاتٌ عنوانُها الزّحامُ، وتراكمُ المسئولياتِ، وعبءُ الأيامِ، وثِقلُ الأوقاتِ في غيابِ الرغباتِ وتقلُّصِ القدْراتِ.

وبينَ هذه وتلكَ؛ نقفُ متأمّلينَ أو عاجزينَ عن التقدُّمِ للأمامِ، أو تقليصِ تَقَهقُرِ الذاتِ، نقفُ والعجزُ عُنوانُ المرحلةِ، وسيّدُ التفاصيلِ؛ لِنصرُخَ بصوتٍ عالٍ؛ (كَفى يا زمانُ ورُحماكِ يا أيامُ، كَرِهنا وجهَكِ التقليديّ الحزينَ، أمَا لكِ من وجهٍ آخَرَ يَحملُ صورةً ثانيةً)!

ومع توصيفِ الكثيرِ من محطاتِنا، ووَصْفِها  لِما يجري بشكلٍ يومي؛  في ظِلِّ العجزِ عن التغييرِ؛ أو تَحمُّلِ الواقعِ المريرِ؛  يأتي دَوماً بصيصُ الأملِ؛  لتشرقَ شمسُ الفرَجِ؛ ليُنيرَ الشعاعُ قلوبًا انكسرَ صوتُها؛ ليَعلوَ صوتُ الأنينِ؛ ليَعُمَّ المكانَ ويوقِفَ الزمانَ ، شعاعٌ قادمٌ من بعيدٍ؛ يُبدِّدُ غيومَ الواقعِ؛ ليسقطَ سقوطاً حُرّاً على ذواتِنا ، نستقبلُه بعَتبِ المُحِبِّ، ودموعِ المساكينِ، بتنهيدةٍ عميقةٍ تفتحُ له أبوابَ الأملِ والرغبةِ، وترسمُ معالمَ الواقعِ،  وتُرمِّمُ محطةَ الغدِ ، ولتشرقَ من جديدٍ شمسُ الرضا ، وقديمًا قالوا : مَن رضيَ عاشَ ، ومن رضيَ صبرَ ، فحَبّةُ رضا يا أهلَ الرضا؛ لنُجسِّدَ قِيمَاً ورِثناها من أمٍّ صابرةٍ ، للهِ قانِتةٍ ، وأبٍّ أتعَبتْهُ السنونَ، وأرهقتْهُ الأيامُ، يلهثُ بالرضا ليلَ نهارَ؛ لِيزرعوا فينا حُبَّ اللهِ، وقَبولَ قَدَرِه والرضا بعطائهِ .

فالرضا قَبولُ الموجودِ، والزهدُ في المفقودِ؛ طاعةً لربِّ الوجودِ، ولا يعني ذلك مُطلقاً الخنوعَ والاستكانةَ، والرضا بالواقعِ المُرِّ، أو قهرِ السنينَ؛ بل هو فلسفةٌ متكاملةٌ، ومعادَلةٌ مُرَكّبةُ التوازنِ، فيها ضابطُ الإيقاعِ لترتيبِ الرضا بقَدَرِ اللهِ والتسليمِ له، وبينَ الخنوعِ والسكونِ لتفاصيلِ الحياةِ، معادَلةٌ صعبةٌ تحتاجُ إلى قلوبٍ إبداعيةٍ، وعقولٍ قويةٍ، ونفوسٍ سَوِيّةٍ .

الرضا طريقُ الإنسانِ ليعيشَ حياتَه سعيداً و راضياً، مُطمَئنَ البالِ، متقبِّلاً قضاءَ اللهِ وقدَرَه، فالرضا جنةُ الدنيا، وبستانُ الحياةِ فيه كلُّ الرضا؛ وإلّا فالصبرُ سبيلُنا.فبَينَ الرضا والصبرِ تمضي حياةُ المؤمنِ، وتوَجُهاتُه نحوَ اللهِ؛ ليبقَى الرضا مخيِّماً على تفاصيلِ حياتِنا؛ أمَلاً أنْ يرضى اللهُ عنّا، ويتولّى كافةَ أمورِنا.

فالرضا ضرورةُ العصرِ، جعلَ اللهُ فيه الروحَ واليقينَ، وجعلَ الهمَّ والحزنَ في الشكِّ والسخَطِ، فالرضا مَقامُ عظيمٌ من مقاماتِ الإيمانِ واليقينِ، ومن دعاءِ حبيبِنا محمدٍ_ صلَّى اللهُ عليه وسلّم_ ” الّلهم أسألُك الرضا بعدَ القضاءِ “.

دُمتم ودامَ الرضا لكم شُعاعاً ينيرُ حياتَكم، ويضيءُ أيامَكم، ويكسِرُ مساحاتِ العتمةِ، ويُبدِّدُ الظُّلمةَ، فأبشِرْ بخيرٍ عاجلٍ تنسَى به ما قد مضَى.

وأخيراً مَن أرضَى اللهَ رضيَ، ومن رضيَ عاشَ مُطمئناً صابراً، وفي كلٍّ رضا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى