(حماس) في ذكرى انطلاقتِها ال ( 34).. سمُوُّ المبادئِ والأخلاقِ
في كلِّ عامٍ تَمرُّ علينا ذكرى مباركةٌ، وبارقةُ أملٍ، ومحطةٌ تاريخيةٌ في تاريخِ شعبِنا الفلسطينيّ العظيمِ؛ ألا وهي ذكرى انطلاقةِ وتأسيسِ حركةِ المقاومةِ الإسلاميةِ “حماس”، هذه الحركةُ التي مازال يتمدّدُ فكرُها، ويتَّسِعُ جمهورُها، ويزيدُ شهداؤها، وتكبرُ تضحياتُها.
وفي هذا العامِ؛ خرجتْ علينا الحركةُ _كما عوّدَتْنا_ بمواقفَ أصيلةٍ لخدمةِ شعبِنا الفلسطينيّ البطلِ؛ حيثُ قرّرت قيادةُ الحركةِ تخصيصَ أموالِ الانطلاقةِ ومَهرجانِها السنوي نحوَ تزويجِ (100) عريسٍ ممّن تجاوزتْ أعمارُهم (30) عامًا؛ بدفعةٍ ماليةٍ أربعةِ آلافِ دولارِ لكُلِّ عريسٍ من أبناءِ قطاعِ غزة، وكذلكَ منحِ مِائةِ دولارٍ للعائلاتِ الفلسطينيةِ المتعفّفةِ، التي أخّرتْ سلطةُ رام الله صرْفَ مستحقاتِها من الشؤونِ الاجتماعيةِ؛ بفِعلِ سياسياتٍ ماليةٍ غيرِ مقبولةٍ؛ هدفُها الضغطُ على شعبِنا وصمودِه.
كما وقرّرتْ الحركةُ إطلاقَ حملةٍ إنسانيةٍ لتغطيةِ بيوتِ الأُسرِ المتعففةِ والمستورةِ بالنايلون؛ لحينِ عَمارِها أو ترميمِها، إضافةً إلى دعمِ البلدياتِ من خلالِ طلاءِ الأرصفةِ، وتنظيفِ الشوارعِ الرئيسةِ، والطرقاتِ في الأحياءِ.
كما وقرّرتْ الحركةُ مساندةَ وزارةِ الأوقافِ والشؤونِ الدينيةِ؛ عبرَ تنظيفِ المقابرِ، وتشجيرِ الشوارعِ والمفترقاتِ، وأيضًا إطلاقُ حملةٍ لزيارةِ (15) ألفَ بيتِ شهيدٍ على مستوى قطاعِ غزةَ؛ ارتقوا خلالَ معاركِ الدفاعِ عن الوطنِ، وكذلك إطلاقُ حملةِ زياراتٍ لآلافِ المرضَى والجرحَى وذَوي الأسرى في محافظاتِ القطاعِ.
في كلِّ عامٍ تُثبتُ لنا هذه الحركةُ _بقيادتِها الوطنيةِ_ عِظَمَ رسالتِها، وسُمُوَّ أخلاقِها، ومدَى التصاقِها بشعبِنا وهمومِه وآلامِه.
هذه الإضاءاتُ لم تكنْ وليدةَ اللحظةِ واليومِ؛ بل إنها جاءت امتدادًا لعشراتِ السنواتِ والعقودِ من العطاءِ الاجتماعي، من خلالِ مئاتِ الجمعياتِ الخيريةِ المُمتدّةِ في أرجاءِ الوطنِ، تُقدّمُ المساعداتِ والخدماتِ لمئاتِ الآلافِ من الأيتامِ والفقراءِ والمعوَزينَ، ولم تَرفعْ عليهم يومًا سيفَ وقفِ المخصّصاتِ، أو قطعِ الأرزاقِ؛ بل كانت إلى جانبِهم في كلِّ وقتٍ وحينٍ،؛ تتألّمُ إذا تألَّموا، وتتوَجَّعُ إذا توَجَّعوا، بكلِّ بساطةٍ؛ لأنها منهم وهم منها.
إنّ هذه الأخلاقَ النبيلةَ تُقرِّبُنا كلَّ يومٍ أكثرَ إلى التحريرِ والخلاصِ من هذا الاحتلالِ الصهيونيّ البغيضِ، تُقرِّبُنا إلى حيثُ حَلمْنا وأمانينا بتحريرِ أوطانِنا عمّا قريبٍ بإذنِ اللهِ تعالَى.
أدَّى الشيخُ “أحمد ياسين” وإخوانُه الأوائلُ أمانتَهم بتأسيسِ هذه الحركةِ التاريخيةِ التي غيّرتْ معالمَ الكونِ، وجعلتْ للقضيةِ الفلسطينيةِ وزنًا، وأعادتْ لها اعتبارَها، وأعادتْها إلى المسارِ الصحيحِ من خلالِ سلوكِ طريقِ الجهادِ والمقاومةِ ضدَّ الاحتلالِ الصهيونيّ على أرضِ فلسطينَ المباركةِ.
وامتداداً لذلكَ سارَ أبناؤها نحوَ أهدافِ التحريرِ والخلاصِ؛ فانطلقوا وطوَّروا مقاومَتَهم من الحجَرِ إلى السكّينِ؛ إلى المقلاعِ والسلاحِ البدائيّ؛ ثُم إلى العبوةِ والصاروخِ والطائراتِ المسيّرةِ.
إنها حركةٌ عظيمةٌ لا ولم ولن تتوَقّفَ حتى تُحقّقَ أهدافَ شعبِنا الفلسطيني كاملةً غيرَ منقوصةٍ، وفي مقدّمةِ ذلكَ تحريرُ الأسرى والمَسرَى، وإعادةُ فلسطينَ عزيزةً كريمةً محرَّرةً من بحرِها المتوسطِ إلى نهرِها الشرقيِّ.
لعلَّهم يضغطونَ عليها هنا وهناكَ؛ ولكنهم لن ينالوا منها إلا أذَىً بسيطًا، وسيَزولَ..؛ ثُم تكونَ الكلمةُ الفاصلةُ للمبادئِ والأخلاقِ وتعزيزِ الحقوقِ والثوابتِ.
التحريرُ قادمٌ لا محالةَ، وانطلاقةً مباركةً يا “حماس”.