Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
مقالات

عندَ “سيرت متكال” الخبرُ اليَقينُ

تتعانقُ ذِكرى ملحمةِ حدِّ السيفِ هذا العامَ مع عنفوانِ معركةِ سيفِ القدسِ، فالسيفُ واحدٌ، وحاملُه واحدٌ، وعدوُّه الذي خابتْ جرأتُه وتعدّدتْ هزيمتُه واحدٌ …

 ليلةُ الحادي عشر من نوفمبر لعامِ (2018)؛ كانت ليلةً شديدةَ الإيقاعِ على غزةَ؛  قدّمتْ فيها مقاوَمتُها قرابينَ للهِ؛ وفاءً للقَسمِ الذي أقسَمتْهُ على نفسِها، أنها ستبقَى واقفةً فوقَ الجبلِ؛ تَحمي الديارَ من على مَشارِفه ِ.

تَربّصَ بها عدوُّها؛ فوجدَها مُمْتَشِقةً سلاحَها، مُتيقّظةً لِغَدرِه الأبدي الذي سجّلتْهُ كتبُ الأديانِ والتاريخِ؛ ذاكَ العدوُّ الذي أخطأَ التقديرَ؛ وأقدمَ على فَعلةِ لم يُكتبْ لها النجاحُ في شوارعِ غزة، الشوارعُ التي في صمتِها حياةٌ، وفي سكونِ ليلِها ترَقُبٌ وعيونٌ ساهرةٌ لا تَعرفُ النومَ إلّا حينَ يتجلَّى النهارُ.

أقبلَ على خَطيئةٍ في تلكَ الليلةِ؛ لِيقَعَ في شرِّ أعمالِه؛ ويهرُبَ بمُساعدةِ وحمايةِ قوّتِه الجويةِ؛ بعدَ أنْ تَلوَّثَ بالدماءِ؛ ليعودَ مَن عادَ من جنودِه لقيادتِه مندّدًا “قد أثقلتُم علينا العيارَ؛ وأخطأتُم تقديرَ الواقعِ، فنحن لم نتلصَّصْ لدخولِ مدينةٍ؛ إنما دخلْنا عُشَ دبابيرٍ؛ أتقنَ حرّاسُه تصرُّفَ النَّبيهِ حينَ المُباغَتةِ والمفاجَئةِ”؛ عادَ جارّاً ذيولَ خَيبتِه وخيبةِ كبارِه، والذين خَسِئوا في توَقُّعاتِهم؛ حيثُ بانتْ سَوءاتُهم وسَوءاتُ أجهزتِهم الاستخباراتيةِ والمَيدانيةِ، كما عَصفتْ في جُحورِهم حقيقةُ أنّ الحربَ على حدودِ غزةَ ليستْ رحلةَ صيدٍ كما يَحلُمونَ.. فمُقاومتُها بعثرتْ أوراقَ عدوِّها وعلّمتْه درسًا؛ أنها ليستْ لقمةً سائغةً  سهلةً يَسيرةً على الكَسرِ والمنالَ، ففي حروبُ الأدمغةِ لها باعٌ، وعندَ حروبِ الزنادِ تَجدُ رجالَها سِباعًا،  ومن لم يَعلمْ ذلك، فلْيَسألْ وحدةَ “سيرت متكال” _تلكَ التي مُرِّغَ أنفُها في معركةِ حدِّ السيفِ _ وسيَجِدُ عندَها الخبرَ اليقينَ.

أمّا شهداءُ فرسانِ المعركةِ؛ هم ذاكَ الوَقودُ الذي يَشحَنُ به السائرونَ هِمَمَهُم للمُضيِّ حتى الثأرِ، والوصولِ إلى الأماني؛ الأماني التي ارتقَى على أعتابِها الكثيرُ من أرواحِ ثُريّاتِنا؛ ولا يزالُ الصوتُ قويّاً هادرًا في وجهِ كلِّ خُنوعٍ وخضوعٍ وتطبيعٍ وتنسيقٍ أمنيّ، مؤكّداً أنّ الأماني نجومٌ عَلياءُ، لا تُصيبُها سِوى الأيادي الحمراءِ المُخضّبةِ بالدماءِ.. ذهبَ شهداؤنا ورحلوا وأبقوا أثراً نُحِتِ على صخرِ صفحاتِ أعمارِهم القصيرةِ، امتلكوا العقيدةَ وروحَ الجهادِ؛ لحملِ مفتاحِ الوطنِ؛ ولكنّ مِدادَ سنيِّ عُمرِهم قد قُصِرَ.. فقائدُهم البركة” نور العالم” المجاهدُ، الذي عايشَ القرطاسَ والسلاحَ، وزَاوج بينَهما، وأدركَ كلَّ الإدراكِ أنّ الحياةَ بهِما لا بأحدِهما.. رحلَ وتركَ قرطاسَهُ لزملاءِ محبرتِه. ووضعَ سلاحَه أمانةً عندَ رفقاءِ المعركةِ، فما زال فيه الكثيرُ من الرصاصِ ليُزغِردَ في ساحاتِ الفصلِ المُقبلةِ.

ومن شهداءِ حدِّ السيفِ ؛عريسٌ دُقتْ له طبولُ الزفافِ؛ وغنّوا له “يا زين العِرسان”؛ ولكنّ زفافاً أكبرُ قدَّرهُ اللهُ له؛ ليكونَ زينَ الشهداءِ، ويوَدّع عروسًا ما باتَ لقاءُه بها طويلاً، ومازال خضبُ حنّائها منقوشًا على ذراعَيها؛ تلك التي كانت تهمُ لاحتضانِ حبِّ الحياةِ فيهِما.. لكنها في غزةَ مدينةِ الأحلامِ والدماءِ،

غزةُ التي لم يستطِعْ أحدٌ أنْ يواري مُقاومَتَها الترابَ، ويُصلّي عليها الصلاةَ الأخيرةَ؛ لأنّ سَيفَها على الدوامِ يسبِقُ عَزْمَه..

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى