Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
مقالات

التواصلُ علاقاتٌ

نحرصُ اليومَ على بناءِ علاقاتٍ ومدِّ جسورِ معرفةٍ مع أسماءٍ افتراضيةٍ ، وعناوينَ وهميةٍ ومجهولةِ؛ إلا من كلماتٍ رنّانةٍ، أو استعاراتٍ لأسماءٍ مظلمةٍ؛ تكمُنُ داخلَ وردةٍ في عَبقِها السمُّ ساكنٌ ، نبني علاقاتٍ مع مجهولينَ؛ لنقطعَ أخرى مع أقربِ الناسِ والأحبابِ من حولِنا ، ليصبحَ شعارُنا : “يلَّا نقرّب البعيد؛ ونبعد القريب” ! منطقٌ فرضتْهُ علينا قواعدُ التواصلِ الاجتماعي، أوِ القطعِ الاجتماعي للأحبابِ والأصدقاءِ .

بدايةً،  إنّ التواصلَ مهارةٌ  تتطلبُ مخزوناً كبيراً من الرغبةِ والاستعدادِ للتقدّمِ خُطوةً للأمامِ ؛ لبناءِ علاقةٍ حسنةً مع الراغبينَ وغيرِ الراغبينَ ، للمتقبّلينَ وغيرِ المتقبلينَ .

الاتصالُ محاولةٌ التعرّفِ على الآخَرينَ؛ أو البدءُ ببناءِ علاقةٍ أو تعزيزُها ، و مرحلةُ التعرّفِ على مهاراتٍ ورغباتٍ.. والبحثُ عن المشترَكِ بينَنا لتعزيزِه، وغيرِ المشترَكِ  لتَجنُّبِه وتفاديهِ ؛ هكذا تُبنَى العلاقاتُ بالتقدمِ والمبادرةِ مع تجنُّبِ مستوياتِ الخوفِ والتردّدِ من الرفضِ أو الصدِّ .

التواصلُ يتطلبُ روحاً إضافيةً، ونفساً واثقةً، ورغبةً جيّاشةً في بناءِ و توطيدِ العلاقاتِ الاجتماعيةِ والمجتمعيةِ في تعظيمِ الوجودِ الإنساني، وترسيخِ معانيهِ مع كافةِ البشرِ ، فما بالُكم فيما تَجمعُنا بهم علاقاتٌ وروابطُ وصِلةُ دمٍ .

العلاقاتُ تحتاجُ كثيراً إلى مصافحةِ يدٍ، أو سفرٍ في عَينينِ نستقرُّ في مُقلتَيها؛  لنرى جميلَ العلاقةِ ودِفءَ المودةِ .

الحقيقةُ في زمانِنا هذا؛ أصبح التواصلُ  بارداً أجوَفَ ، بلا دفءِ مشاعرَ ،بعضُنا فهِمَ بناءَ العلاقاتِ بشكلٍ خاطئٍ ؛ عندما  بحثْنا عن الغرباءِ، والذين لا تَجمعُنا بهم أيُّ صِلةٍ أو رابطٍ لنُنشِئَ علاقاتٍ معهم؛ بل ونَعدُّهم أصدقاءً؛ ونُطلِعُهم على تفاصيلِنا وكثيرٍ من خصوصياتِنا ، وتركْنا مَن هم بجانبِنا أو أمامَ أعيُنِنا؛ وابتعدْنا عنهم لنعيشَ حالةً غريبةً من الاتصالِ وبناءِ علاقاتٍ  جوفاءَ بلا روحٍ ؛ ونقطعَ علاقتَنا مع مَن يتلهَفونَ وينتظرونَ منّا نظرةَ حُبٍّ أو كلمةَ دِفءٍ .

نحاولُ التقرّبَ من غموضٍ في طريقِ محطاتِه يكمُنُ الخوفُ والقلقُ ، من أشخاصٍ لا نعرفُ لهم حضوراً ، سقفُ تواصُلِهم ومودَّتِهم كلماتٌ.. ولو كانت دافئةً ، البعدُ عنوانُهم ، والمسافاتُ الشاسعةُ طريقُهم ، يَدعمونَ أوجاعَنا بشعاراتٍ حزينةٍ لا تُسمِنُ و لا تُغني من جوعٍ، أو حبٍّ أو لهفةِ أملٍ .

تواصلٌ بلا تواصلٍ، وعلاقاتٌ مبتورةٌ بدأتْ بشكٍّ وتردُّدٍ، واستمرّتْ بغموضٍ لتصِلَ إلى محطةِ المجهولِ؛ ليستقرَّ قطارُها بدونِ قضبانٍ .

تَواصلْنا مع بعيدينَ عن العينِ والدمِ، وقطعْنا مَن هم واجبُ الاتصالِ بهم؛ لنعيشَ حالةً غريبةً من العلاقاتِ بلا مضامينَ حقيقةٍ ، غيرِ مرتَكزةٍ على روابطَ متينةٍ، وبلا جذورٍ ، لنَقتُلَ جذورَنا، ولتَجِفَّ أوراقُ الحبِّ والعطاءِ مع أحبَّتِنا ومَن حولَنا ، علاقاتٌ تكنولوجيةٌ ماديةٌ لا روحَ فيها .

” وقعتْ الشبكةُ أو لا اتصالَ “؛ كلماتٌ رُبما سنَسمعُها يوماً ما لتُعلِنَ قطعَ العلاقاتِ أو غيابَها لانشغالٍ، أو غيابَ رغبةٍ في تواصُلَ أو موتَها ، فتجِفُّ أوراقاً بلا جذورٍ وأصولٍ .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى