Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
مقالات

وفي راحةِ البالِ حياةٌ

مَهما بَلغْنا من العمرِ وتعرّضْنا لمواقفَ.. ومَهما خُضنا تجاربَ؛ وتَعلَّمنا دروسًا في الحياةِ، ومَهما تَمنَّيتَ أمنيَّاتٍ؛ فلن تَجِدَ أجملَ من راحةِ البالِ؛ تلكَ الراحةُ في البساطةِ بالعيشِ بدونِ تعقيدٍ وتفكيرٍ زائدٍ، فلقد وصلْنا لمرحلةٍ لا نريدُ سِوَى راحةِ البالِ؛ ولو كلَّفَنا أنْ نخسرَ أشخاصًا، ونَفقِدَ علاقاتٍ من أجلِ العيشِ بسلامٍ داخليّ، سنفعلُ ما بِوُسْعِنا لأجْلِ لحظاتٍ من الهدوءِ النفسي؛ لأجْلِ أوقاتٍ نكونُ فيها مرتاحي البالِ .

لا نريدُ شيئاً يشغلُ بالَنا وتفكيرَنا، فلَقد مَلَلْنا الصراعاتِ والمناكفاتِ الداخليةَ حولَ مواضيعَ يوميةٍ؛ تُفقِدُنا الراحةَ، وتَسلبُ من عيونِنا النومَ، وتبقَى أسيرةَ ليالي طويلةٍ.. إلى متى نَبقَى نلهثُ وراءَ تفكيرِنا في كلِّ شاردةٍ ووارِدةٍ ! لماذا حدثَ ذلكَ! وكيف أتخلّصُ من ذلك! ولماذا تحمّلتُ هذا! ولماذا لم أقُلْ لا! ولماذا إلى حيثُ لا نهايةٍ !

أيُّ جريمةٍ نرتكِبُها بحقِّ أنفُسِنا؛  لنُضيعَ أعمارَنا وأجملَ أيامِنا، ولحظاتِنا بانشغالِنا بأمورٍ؛ كان علينا أنْ لا نُعطيَها اهتمامًا، أنْ نتخلَّى عنها، لا نقِفُ عندَها، ولا نَستَسلمُ لها، وللأسفِ تَجاوَبْنا معها، وأعطيناها أكبرَ من حجمِها، ومَوقِفٌ على مَوقفٍ حتى فقدْنا راحةَ بالِنا؛ ومن وقتِها لم نَجِدْ للنومِ طريقًا، فقدْنا لذّةَ الشعورِ بجمالِ ما حولَنا؛ ومن هنا بدأتْ انتِكاساتُنا في الحياةِ، وتذَمَّرنا.. أشغلْنا أنفُسَنا بأُمورٍ لا قيمةَ لها، بأصدقاءَ اعتقدنا أنهم سنَدًا؛ وعندَ أولِ موقفٍ احتجْناهم فيه؛ لم نَجِدْهم سَندًا..! رُزِقنا بأشخاصٍ كُنا لهم وطنًا،  وقدَّمْنا من أجلِهم الكثيرَ من الحبِّ، والاحترامِ، والتقديرِ، والعطاءِ، والتضحيةِ؛ فلم يُفكِّروا أنْ يَرُدّوا ولو شيئاً بسيطاً لنا! تَعوَّدوا على عطائنا؛ فأصبحوا يطلبونَ “هل من مزيد”؛ فكانوا سبَبًا في سَلْبِ راحتِنا وهدوئنا؛ أشغَلونا بأنفُسِهم أكثرَ من أنفُسِنا، استباحوا حُزنَنا وقِلّةَ راحتِنا لأجلِ سعادتِهم، وتَحمَّلنا تَقصيرَهم وأنانيَّتَهم من أجلِ أنهم فُرِضوا علينا..

ضيَّعْنا عُمرًا نسعى لتحقيقِ حُلمٍ لا يتطابقُ مع شخصيتِنا؛ لِمُجرَّدِ اعتقادِنا بأننا مُجبَرِينَ على التضحيةِ من أجلِهم، ضيَّعْنا أجملَ سِنينَ العمرِ؛ لأجْلِ كذبةٍ أوهَمْنا أنفُسَنا فيها؛ وبعدَ سنواتٍ من العمرِ اكتشَفْنا أننا نُعطي ونُضَحي مع الشخصِ الخطأِ.

لا شيءَ يُجبِرُكَ أنْ تتَقَبّلَ شخصًا لا يتَماشَى مع نفسِكَ، وشخصيّتِكَ، وفِكرِكَ، لا شيءَ على الإطلاقِ يَحكُمُكَ أنْ تتَقبّلَ حياةً لا تَجِدُ روحَكَ فيها؛ وتُفقِدُكَ راحةَ بالِكَ، فتعيشَ شبَحًا لِروحِكَ الضائعةِ، وبعدَها تدخلُ في حالةِ البحثِ عن راحةِ البالِ .

راحةُ البالِ تأتي عندما تَتخلَّى عن كُل ما يُعكِّرُ صَفوَكَ وتفكيرَكَ؛ ويجعلُكَ دائمَ التفكيرِ والانشغالِ .

راحةُ البالِ تأتي حينَ تَعرِفُ قَدْرَ نفسِكَ؛ وتُعطيها الأولَويةَ، وتُدَلِّلُها.

راحةُ البالِ حينَ تُقرِّرُ أنْ تعيشَ حياتَكَ بعيدًا عن الأشخاصِ الأنانيِّينَ، الذين تَعوَّدوا على أنْ تُقدِّمَ لهم.. ولم يُفكِّروا أنْ يَعملوا لأجلِكَ شيئًا.

راحةُ البالِ تأتي بالتَّخَلّي عن كُلِّ ما هو سبَبٌ لاستِنزافِكَ نفسيًا ومعنويًا وماديًا.

راحةُ البالِ تأتي حينَ تستطيعُ أنْ تقولَ “لا”؛ في الوقتِ الذي تَشعرُ فيه أنكَ تُحَمِّلُ نفسَكَ فوقَ طاقتِها.

راحةُ البالِ كنزٌ يَحقُّ لنا أن نخسرَ أشخاصًا كانوا سبَبًا لفَقدانِها .. لِذا اشتَرِ راحةَ بالِكَ ونفسِكَ، اشتَرِ أيامَ عُمرِكَ الباقيةَ، اشتَرِ صحَّتَكَ ونفسيَّتَكَ، واشتَرِ لحظةً تكونُ فيها مرتاحَ البالِ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى