Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
مقالات

مَسخَرة

هذا المَقالُ رسالةٌ لنَوعَينِ من الناسِ؛ فناني السخريةِ، الذين يَسخرونَ بشكلٍ يُمتِّعُ الناسَ، أو تلكَ السخريةُ الراقيةُ التي تهدفُ الفائدةَ ونقْدَ المجتمعِ ، وهؤلاءِ أعُدُّهم أنا فنانينَ بمعنَى الكلمةِ .

أمّا النوعُ الثاني، الله لا يورّيك ! هم أولئكَ الساخرونَ الذين يستخدمونَ الناسَ كمادةٍ  للتَندُّرِ والضحكِ وإمتاعِ أنفسِهم ؛ وهي هوايةٌ لاحظتُها عندَ البعضِ، وصِفةٌ من أكرَهِ الصفاتِ التي رأيتُها في حياتي، وصاحبُها من أكرَهِ الشخصياتِ على قلبي!

هؤلاءِ الساخرونَ من غيرِهم في لحظاتِ التجَلّي، في الغالبِ يكونونَ مُعَبَّئينَ على آخِرِهم بصفاتٍ؛ لو فَنّدْتُها لوجدتَها لا تُعدُّ ولا تُحصَى من البلاوي الزرقا ، ليس لهم شغلٌ ولا عَملٌ لمُداراةِ هذا النقصِ؛ سِوَى هذه الطريقةِ الفذّةِ، ولا يعلمونَ أنّ الناسَ في الغالبِ “طايقاهم بالعافية”!

وللعِلمِ، حسبَ الدراساتِ؛ فإنّ هؤلاءِ الساخرينَ يتمتعونَ بقدرةِ ذكاءٍ عاليةٍ، وقدرةٍ أكبرَ على الإبداعِ؛ لكنها إذا لم تُستغَلّ بالشكلِ الصحيحِ؛ تصبحْ نقمةً وتَشغلْ عقلَ صاحبِها إلى أبعدِ حدٍّ، وتلهيهِ عن كلِّ الاهتماماتِ الأخرى التي تكونُ بالطبعِ أهمُّ من خِفّةِ دمِه الزائدةِ !

وعلى الرغمِ من ذلكَ؛ فإنّ السخريةَ مفيدةٌ لبعضِ الأشخاصِ الآخَرينَ؛ فأنا مَثلاً أحاولُ أنْ أفسّرَ طريقةَ سخريةِ شخصٍ مني؛ خصوصًا إذا كان هذا الشخصُ لا يمتلكُ أيَّ نوعٍ من القُدراتِ التي أَمتلِكُها، ولكني أتأمّلُ سخريتَه، فرُبما كان غاضبًا فأُرضيهِ، أو مُطَّلِعاً على عَيبٍ في شخصي_ لم ألاحِظْهُ_ فأعملْ على تغييرِه، أو حسودًا فأَحذرْ منه، يعني أنا المستفيدةُ في النهايةِ!

وقد فسّرَ ذلك أحدُ فناني الكوميديا ؛ حيثُ يَعُدُّ الفنانُ الساخِرُ “جون لينون”، أنّ السخريةَ لا تقتصرُ فقط على كونِها مُضحِكةً؛ بل بأنها وسيلةٌ فعالةٌ لمساعدةِ الآخَرينَ على رؤيةِ حقيقتِهم الخاصةِ، فالسخريةُ تجعلُ الشخصَ يسألُ نفسَه؛ هل هو على صوابٍ أم لا؟ ما يَدفعُه لاكتشافِ حقيقتِه الدفينةِ، ويكونُ أكثرَ قُرباً من فَهمِ ذاتِه.

وأنا واحدةٌ من الناسِ تستهويني الأعمالُ الساخرةُ، والكوميديا الهادفةُ إلى أبعدِ حدٍّ؛ بقَدرِ ما أزدَري وأستَخِفُّ قَدْرَ ذلكَ الذي يُحوّلُ الناسَ إلى سخريةٍ “عالطالع والنازل”، خصوصًا أولئكَ الذين يسخرونَ من أشكالِ الناسِ، خِلقتِهم، ألوانِهم، أحجامِهم، أعراقِهم !

وجميلٌ أيضًا أنْ أَختِمَ بمقولةِ الكاتبِ نجيب محفوظ:” إياكَ والسخريةَ من الآخَرينَ، فأنتَ تَجهلُ الدَّورَ الذي تعدُّه لكَ الأقدارُ غدًا”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى