الانفصالُ الصامتُ الحربُ الباردةُ بينَ الأزواجِ
لا تَخلو الحياةُ الزوجيةُ من حدوثِ المشكلاتِ؛ خاصةً في السنواتِ الأولى من الزواجِ، فالاختلافُ بينَ الأزواجِ يكونُ في أمورٍ متعدّدةٍ سواءً في نوعِ الشخصيةِأوِ الطباعِ، والميولِ لكنْ من غيرِ الطبيعي والمَنطقِ استمرارَ هذه الخلافاتِ خصوصًا في ظلِّ وجودِ الأطفالِ.
لكنّ للأسفِ مع استمرارِ وجودِ المشكلاتِ في واقعِنا التكنولوجي الحالي؛ ظهرتْ مصطلحاتٌ جديدةٌ؛ منها ما يُعرفُ باسمِ الانفصالِ الصامتِ بينَ الأزواجِ ؛ هذا الانفصالُ بدأَ يتفشَّى في البلدانِ العربيةِ بشكلٍ عامٍّ بينَ عَيِّنةٍ من الأزواجِ الذين يخشونَ من إجراءاتِ الطلاقِ العادي؛ خوفاً من نظرةِ المجتمعِ لهم، و خشيةً من خسارةِ أبنائِهم، ففَضّلوا البقاءَ مع بعضِهم البعضِ في ظِلِّ حياةٍ زوجيةٍ منتهيةِ الصلاحيَّةِ فيما بينَهم؛ ليَبقوا مرتبِطِينَ اجتماعياً من أجلِ البروتكولاتِ، والمظاهرِ الخدّاعةِ؛ دونَ حتى الإفصاحِ عن هذا الأمرِ للمُقرَّبينَ.
والجديرُ ذِكرُه أنّ أزمةَ الانفصالِ الصامتِ؛ تبدأُ عندما تكونُ العلاقةُ الزوجيَّةُ قائمةً على الخلافاتِ، والتوتُراتِ، والمشاجراتِ، بينَ الزوجينَ؛ والتي تتَراكَمُ وتزدادُ بينَهما إلى حدِّ الذّروةِ؛ دونَ البحثِ عن حلولٍ؛ ويتّفقونَ على بقاءِ الوضعِ على ما هو عليهِ؛ بِسببِ مستقبلِ الأولادِ، وكلامِ الناسِ، والخشيةِ من واقعِ المُطلِّقِ والمُطلَّقةِ، ونظرةِ المجتمعِ لهما؛ فتكونُ النتيجةُ حالةً من الانفصالِ؛ التي تستمرُّ فيها العلاقةُ الزوجيَّةُ أمامَ الناسِ فقط، لكنَّها مُنقَطِعةُ الخيوطِ بصورةٍ شِبهِ كاملةٍ في تفاصيلِ الحياةِ الخاصةِ للزوجينِ ، وغالبًا ما ينشأُ هذا الانفصالُ بعدَ مدّةِ زواجٍ لا تَقِلُّ عن خمسِ سنواتٍ؛ ما يسبّبُ جموداً في العواطفِ والمشاعرِ، وانعداماً في الحوارِ؛ ليُصبحا وكأنَّهما موَظَّفانِ في الحياةِ الزوجيَّةِ؛ تجمَعُهما لقاءاتٌ عابرةٌ رُبَما تكونُ أثناءَ تناولِ الطعامِ فقط، أو أمامَ الضيوفِ، ولِأداءِ الالتزاماتِ الماديَّةِ والعائليةِ؛ للحفاظِ على الشكلِ الاجتماعي والأُسَري أمامَ الآخَرينَ.
إنَّ الانفصالَ الصامتَ أوِ الانفصالَ العاطفيَّ بينَ الأزواجِ؛ واقعٌ موجودٌ لا يُمكِنُ إنكارُه؛ إذْ يَنتُجُ عن غيابِ لغةِ التفاهمِ و الحبِّ والاحترامِ، وعندَ حدوثِه قد يُغرِقُ الشريكَ في ذِكرِ مساوئِ الطرَفِ الآخَرِ وسلبياتِه، دونَ تذَكُّرِ المحاسنِ الكثيرةِ؛ التي لو تذكّرَها الطرَفانِ؛ لَما أَغرَقَ أحدُهما في السلبياتِ. إنّ إلقاءَ اللّومِ، أو اللجوءَ لموقعِ الدّفاعِ عن الذّاتِ، وتأجيجِ الصّراعِ ليس حلّاً؛ بل يُبعِدُ عن الهدفِ الأساسِ؛ لكنّ السؤالَ الذي يطرحُ نفسَه هنا؛ هو كيف يتغلّبُ الأزواجُ على الطلاقِ الصامتِ؟
– عليكم أنْ تعترِفوا بهذهِ المشكلةِ، وأنْ تكونَ هناكَ مُكاشَفةٌ ومصارَحةٌ فيما بينِكما.
– لغةُ الحوارِ مُهمّةٌ من أجلِ وضعِ حلولٍ مناسبةٍ لكافةِ المشاكلِ الزوجية.
– ضرورةُ الاستفادةِ من تجارِبِ وقصصِ الآخَرينَ؛ يُمكِنُ أنْ تُجنِّبَ الأزواجَ من حدوثِ هذا الانفصالِ.
– يجبُ اللجوءُ للمُختصّينَ من خبراءِ العلاقاتِ والاستشاراتِ الزوجيَّةِ لطلبِ النصائحِ والمشورة.
– يجبُ أنْ يقتنعَ الأزواجُ بأنّ الكمالَ للهِ وحدَه؛ لذلكَ يجبُ عليهم التحلّي بالصبرِ من أجلِ استمرارِ الحياةِ الزوجيَّةِ حتى حلِّ المشكلةِ.
– يجبُ الحرصُ والالتزامُ بتطبيقِ النصائحِ المُقدَّمةِ إليكم، والإصرارُ على إنجاحِ الحياةِ الزوجيَّةِ.
– للأسفِ إنْ لم ينجحْ الأمرُ؛ فالطلاقُ الفِعلي هو الحلُّ؛ وهو أنسَبُ القراراتِ للزوجينِ والأبناءِ، وأنْ يكونَ التعاملُ بينَكما قائماً على عدمِ نسيانِ الفضلِ بينَكم؛ وحِرصاً على مصلحةِ ومشاعرِ الأبناءِ.
– حافِظوا على صحةِ أبنائكم النفسيَّةِ؛ من خلالِ إعطاءِ أنفُسِكم فُرَصاً للعيشِ بجوارِهم لهذا نصيحةٌ مُهِمّةٌ؛ كي تبقَى البيوتُ عامرةً لكم؛ أنْ تتذكّروا دائماً قولَ رسولِ اللهِ _صلى الله عليه وسلم_ “إنّ أبغضَ الحلالِ عندَ اللهِ الطلاقُ” .
فالحياةُ محطّةٌ يجبُ أنْ نعيشَها بالتضحيةِ والصبرِ والرّضا؛ خصوصًا إنْ كان هناكَ أطفالٌ بينَكما ، فليس أجملُ من أسرةٍ يتواجدُ فيها الأزواجُ وأبناؤهم تحتَ سقفٍ واحدٍ.