
تقرير: السعادة
المرأةُ الفلسطينيةُ تتصدّرُ مشهدَ المقاومةِ ضدَّ الاحتلالِ إلى جانبِ الرجالِ، تُشاركُ في التظاهراتِ التضامنيةِ والفعالياتِ؛ من أجلِ الحفاظِ على الوجودِ والبقاءِ في حيِّ الشيخِ جرّاح، تقفُ بكُلِّ صمودٍ وقوةٍ متواجدةً على أرضِ الميدانِ؛ تدافعُ عن أرضِها ومسقطِ رأسِها؛ لا تخشَى العدوَّ ولا اعتداءاتِه؛ فهي تؤمِنُ بحقِّها في الوجودِ على أرضِها؛ شعارُها لا تسليمَ ولا استسلامَ .
نساءٌ فلسطينياتٌ، في وقتٍ لا تُميِّزُ الشرطةُ الإسرائيليةُ في اعتداءاتِها بينَ رجلٍ وامرأة..المَقدسيةُ فاطمة البشيتي (87) عاماً، عاشتْ حياتَها تُقارِعُ الاحتلالَ من أجلِ البقاءِ في مَسكنِها وحيِّها ومكانِ وجودِها وذكرياتِها،(67) عامًا من العيشِ داخلَ منزلِها، تزوّجتْ وأنجبتْ أبناءَها وزوّجتْهم، ورأتْ أحفادَها يكبروَن أمامَ عينَيها، تقولُ للسعادة :” نرفضُ استلامَ أيِّ قراراتٍ لتهجيرِنا؛ فلا نزالُ نعيشُ آلامَ وأحزانَ وحسراتِ التهجيرِ والنكبةِ التي عِشناها عامَ (1948)، ما زِلنا نَنزِفُ حتى يومِنا هذا؛ بعدَما هُجِّرْنا من منازلِنا قسرًا؛ بعدَ أنْ استولَى عليها الاحتلالُ.
لن نترُكَ شِبرًا..
فتقولُ:”لن نسمحَ أنْ نعيشَ هجرةً ثانيةً؛ باقونَ حتى لو هدَموا بيوتَنا فوقَ رؤؤسِنا؛ لو أصدروا قراراتِهم الظالمةَ لإخراجِنا؛ لن نُسلّمَها مَهما حاولوا.. هنا عِشنا وسوفَ نموتُ، هنا لن نتخلَّى عن شبرٍ من أرضِنا، هنا صامدونَ في وجهِ المحتلِّ الغاصبِ”.
تضيفُ:”الاحتلالُ وضعَ يدَه على منازلِنا في حارةِ الشرفِ بالبلدةِ القديمةِ بالقدسِ، واليومَ يريدُ إخراجَنا من بيتِنا بالشيخِ جرّاح لصالحِ مستوطنيه”.
ويعيشُ في المنزلِ “عاصم أحمد بدوي البشيتي” ووالدتُه وزوجتُه، ونَجلاهُ “بدوي ومحمد” المتزوّجانِ وعائلاتَهما، و”أنسَ ووسيمَ وأماني”؛ بالإضافةِ إلى شقيقَيهِ من ذَوي الاحتياجاتِ الخاصةِ.
وفي لقاءٍ مع أيقونةِ حيِّ الشيخِ جرَاح “مُنَى الكُرد” تقولُ: ” المرأةُ الفلسطينيةُ كانت دائمًا _على مَرِّ التاريخِ، والانتفاضاتِ_ في الصفوفِ الأماميةِ تواجِهُ الاحتلالَ بكُلِّ قوّتِها، ودائمًا المرأةُ الفلسطينيةٌ مُقاوِمةٌ واقِفةٌ في وجهِ المحتلِّ، ومدافعةٌ بكُلِّ بسالةٍ وقوةٍ عن وطنِها وأرضِها .
حبُّ الوطنِ:
وتقول :” نحن رضَعْنا حُبَّ الوطنِ من حليبِ أُمهاتِنا، ترَعرَعنا على حُبِّ الوطنِ والجهادِ فجَدّتي هُجِّرتْ من مدينةِ حيفا، عامَ (1948)، هي التي علَّمَتْني الصمودَ والنضالَ ومعنَى المقاومةِ، وأنا وَرِثتُ هذه المَعاني منها.
وتضيفُ :” لن نتخلَّى عن شِبرٍ من حيِّ الشيخِ جرّاح؛ سندافعُ بدمائنا وأرواحِنا عن بيوتِنا وحقِّنا بالعيشِ حياةً كريمةً، فَنسعَى جاهِدينَ للوقوفِ في وَجهِ المحتلِّ، ونُقِيمُ الوَقفاتِ والتظاهُراتِ كي نُسمِعَ صوتَنا للعالمِ؛ وبرَغمِ ما يُمارِسُ علينا من اعتداءاتٍ وتهديداتٍ وضَربٍ؛ لن يُخيفَنا ويُضعِفَنا.
أمّا الناشطةُ أصالة قاسم تقولُ”:” مقاومةُ الاحتلالِ مسألةٌ وجوديةٌ؛ ونحن ندافعُ لأننا أصحابُ حقٍّ وقضيةٍ، وعلى مرِّ العصورِ أثبتتْ المقاوَمةُ أنّ المنتصرَ دائمًا هو صاحبُ الحقِّ، فحيُّ الجرّاح يُمَثّلُ لنا وُجودَنا وبقاءَنا؛ وسندافعُ من أجلِه بكُلِّ الوسائلِ والطرُقِ؛ ولن نسمحَ بالمساسِ به وتحويلِه إلى مستوطَنةٍ إسرائيليةٍ .
تضيفُ :”في كلِّ مرّةٍ يزيدُ تَمسُّكُنا بأرضِنا، ويزيدُ دفاعُنا عنها، فكُلَّما زادَ الاحتلالُ غَطرَستَه وهمجيِّتَه؛ أصبحنا أكثرَ تماسُكًا وثباتًا وقوةً، نقِفُ على خُطَى ثابتةٍ وأيادٍ متشابكةٍ .
أصحابُ قضيةٍ:
الناشطةُ “مريم عفيفي”، تعرّضتْ للضربِ على يدِ الشرطةِ الإسرائيليةِ؛ خلالَ اعتقالِها أثناءَ تضامُنِها في وقفاتِها اليوميةِ دِفاعًا عن الشيخِ جرّاح؛ وتمَّ حبسُها وأُطلِقَ سراحُها؛ وتعرَّضتْ للاعتداءِ والمَهانةِ من قِبلِ الجنودِ الإسرائليّينَ؛ وذلكَ لم يَمنعْها من المُشارَكاتِ في الدفاعِ عن قضيتِها.
وتقولُ:”إنّنا أصحابُ حقٍّ وقضيةٍ، وصاحِبُ الحقِّ لا يخافُ.. فالاحتلالُ لا يَطالُ الرجالَ والأطفالَ فقط؛ بل كلَّ عناصرِ المجتمعِ، والنساءَ قبلَ الرجالِ، مُبيِّنةً أنّهُنَّ كسيداتٍ أولُ مَن يجبُ عليهِنَّ الوقوفُ ضدَّ الاحتلالِ ، إنْ لم نقفْ نحنُ ضدَّ الاحتلالِ؛ ونكافحُ لنَبقَى على هذه الأرضِ؛ فمَن سيفعلُ ذلكَ؟”.
وتُتابعُ حديثَها :” الفلسطينيونَ لو لم يُقاوِموا ما يتعرّضُ له حيُّ الشيخِ جرّاح، فإنّ المُمارَساتِ الإسرائيليةَ المُشابهةَ ستَطالُ كافةَ أنحاءِ القدسِ؛ فإنْ لم نَنتصِرْ في الشيخِ جرّاح؛ سنَفقِدْ ونَخسرْ كاملَ القدسِ، نريدُ العيشَ كأحرارٍ في وطنٍ حُرٍّ، وهو فلسطينُ. ونَنقلَ رسالةً إلى العالمِ، مَفادُها أنّ فلسطينَ لا تزالُ موجودةً”.
والجديرُ ذِكرُه، أنّ شركةَ ” فيلبين إينك ” الإسرائيليةِ؛ وزّعتْ مؤَخّرًا إخطاراتِ إخلاءٍ ل(7) عائلاتٍ مَقدسيةٍ تقطنُ في عقارِ بالمنطقةِ الغربيةِ من الشيخِ جرّاح، بدَعوَى أنها تمتلكُ العقارَ، وأنّ العائلاتِ اقتحمَتْهُ وتستعملُه بدونِ وجهِ حقٍّ.
والعائلاتُ المهدَّدةُ بالإخلاءِ من منازلِها هي: (أمال شريتح، لبيبة خطيب، أحمد غزاوي، فاطمة البشيتي، مصطفى خطيب، أمين أبو دولة ، عاصم البشيتي).
وسَبقَ أنْ رفضَ أهالي حيِّ الشيخِ جراح _بالإجماع_ التسويةَ المُقتَرَحةَ من قِبَلِ محكمةِ الاحتلالِ؛ بما يخُصُّ منازلَهم وعقاراتِهم في الحيِّ، وقال الأهالي: “إنّ التسوِيةَ “كانت ستَجعلُهم كمُستأجِرينَ مَحميِّين عندَ الجمعيةِ الاستيطانيةِ “نحلات شمعون”، وتُمَهِدُ تدريجًا لمُصادَرةِ حقِّنا في أراضينا”. والتسويةُ المقترَحةُ مصدرُها في الأساسِ اقتراحٌ من المستوطنينَ؛ يقومُ على اعتبارِ الجيلِ الحالي فقط من سكانِ حيِّ الشيخِ جرّاح في المنازلِ الأربعةِ؛ بمَرتَبةِ “مُستأجِرٍ” مَحميٍّ بمُوجبِ القانونِ. ويواجِهُ سكانُ (27) منزلاً في الشيخِ جرّاح قراراتٍ بإخلاءِ منازلِهم في عدّةِ قضايا؛ رفعَها مستوطنونَ ضدَّ المَقدسيّينَ القاطنينَ في الحيِّ.
ويتهدّدُ خطرُ التهجيرِ (500) مَقدسيٍّ؛ يقطُنونَ في (28) منزلًا بالحيِّ على أيدي جمعياتٍ استيطانيةٍ تدَّعي مُلكيَّتَها للأرضِ التي أُقيمتْ عليها المنازلُ الفلسطينيةُ، ما قبلَ عامِ (1948)؛ وهو ادِّعاءٌ يَدحَضُه السكانُ.