
تحقيق/ السعادة
الأسرةُ التي تدبّرُ أمورَها حسبَ الدخلِ المُحدَّدِ، وتتعايشُ مع الواقعِ برغمِ الأزماتِ الخانقةِ؛ ترَى مصروفَ البيتِ يكونُ في يدِ مَن منهما؟ هل هي الزوجةُ الحكيمةُ العارفةُ بشؤونِ احتياجاتِ بيتِها كما توصَفُ؛ أَمِ الزوجُ الذي لا يَعلمُ تماماً متطلباتِ المنزلِ؟ هناك مَن يرى أحقيّةَ الرجلِ في إدارةِ مصروفِ البيتِ؛ بينما وجدَ آخَرونَ أنّ الزوجةَ هي وحدَها قادرةٌ على أنْ تضبطَ ميزانيةَ المنزلِ إلى نهايةِ الشهرِ بحنكتِها وخبرتِها الحياتيةِ، فمَن الأجدرُ بإدارتِها الزوجُ أَمِ الزوجةُ؟ أُمْ كلاهُما معاً؟ وما هي أولوياتُ الصرفِ التي تختلفُ من بيتٍ إلى آخَرَ؟ والأسبابُ التي يُمكِنُ أنْ تخرّبَ هذه الميزانيةَ؛ وتُدخِلَ الأُسرةَ في دوامةِ الأزماتِ الماليةِ؟
ترى “ميسون الأعرج” _ربّةُ بيتٍ، وأُمٌّ لخمسةِ أبناءِ_ أنّ المرأةَ هي الأجدرُ على إدارةِ مصاريفِ البيتِ؛ فهي تدبّرُ أمورَها بأقلِّ القليلِ، وكان هذا واضحاً في ظِلِّ الأوضاعِ الصعبةِ التي يعيشُها المجتمعُ فتقولُ :”زوجي موظفُ حكومةِ غزة ويتقاضَى راتبَ (ألفَ) شيكل، استطعتُ التكيّفَ بها حسبَ الموجودِ، فهو يُسلّمُني الراتبَ؛ فأُوَزِّعُه حسبَ الأولوياتِ.. وكثيراً ما أشعرُ بعَجزٍ وضيقٍ في المالِ؛ ولكنّ هذا واقعٌ فُرضَ علينا؛ وعلينا التأقلُمُ والعيشُ ضِمنَ الموجودِ .
تضيفُ :”أعطاني زوجي الضوءَ الأخضرَ في التصرّفِ في مصروفِ البيتِ؛ لأنه يراني بأنني أستطيعُ التكيّفَ والتصرّفَ وعدمَ الإسرافِ.. فكثيراً ما يقولُ: لولا تدبيرُك لمتنا جوعاً؛ ولهذا يتركُ لها زوجُها تدبيرَ شؤونِ البيتِ وتنظيمَه مادياً.
بدَتْ أُم “أحمد العلول” _في بدايةِ الأربعيناتِ_ ضاحكةً قائلةً:”لا أتخيّلُ زوجي يديرُ ميزانيةَ البيتِ؛ فهو مسرِفٌ؛ ويعيشُ على قاعدةِ (عيِّشني اليوم، وبُكرة جاي رزقُه معه) وهذا سببُ خلافِها معه.. فهي التي تديرُ ميزانيةَ بيتِها في كلِّ الأمورِ، فالنساءُ أكثرُ معرفةً في شؤونِ البيتِ، والمناسباتِ، والضروراتِ، فهي تحاولُ قدْرَ المستطاعِ الادّخارَ ولو بمبلغٍ بسيطٍ جداً؛ تَرفعُه من راتبِ زوجِها لتَجِدَه في الأزماتِ، أو في حالةِ الطوارئ، فلو تركتُ الأمرَ له؛ لَما استطعتُ أنْ أُكمِلَ دراسةَ أبنائي في الجامعةِ، أو شراءَ كسوةِ المدرسةِ، ومستلزماتِهم.. فالأمُّ دائماً لها نظرتُها الخاصةُ في إدارةِ مملكاتِها.
أمّا الموظفة رولا سعد الله (33) عاماً تقولُ :”ميزانيةُ البيتِ ليست في يد الزوجِ ولا الزوجةِ؛ بل في يدِ مَن هو أقدَرُ على إدارتِها والإنفاقِ بشكلٍ سليمٍ يراعي احتياجاتِ الأسرةِ ونفقاتِها، وقد تكونُ الزوجةُ مُسرِفةً؛ وليس لديها القدرةُ على إدارةِ الميزانيةِ بشكلٍ سليمٍ، أو عكسُ ذلك الأمر.. فمن الأقدرُ على ترشيدِ الإنفاق؟ فمع أنصافِ الرواتبِ، وعدمِ انتظامِها؛ يستدعي أنْ يديرَها مَن يرى أنه قادرٌ على أنْ يغطّي أيَّ عجزٍ، ويتماشى مع الدخلِ المفروضِ، وقادرٌ على تلبيةِ المتطلباتِ والالتزاماتِ الشهريةِ.
وعن تجربتِها تقولُ:” الأمرُ موَزّعٌ بينَنا.. وكثيراً ما يقعُ الأمرُ في جعبةِ زوجي؛ فأنا أثِقُ في طريقةِ تصرُّفِه في الأمورِ؛ فهو يحسبُها بشكلٍ صائبٍ، وأحياناً يستدعي الأمرَ أنْ أتدَخّلَ.. فالكُلُّ يقعُ في دائرةِ الخطأِ وعدمِ التقديرِ من شدّةِ الضغوطاتِ والالتزاماتِ؛ وخصوصاً في ظِلِّ توالي المناسباتِ: كالأعيادِ، والمدارسِ، والروضاتِ؛ فيجبُ التخطيطُ والحسبانُ لها من قبلُ.
استمعنا للأزواجِ.. ماذا يقولونَ؟ وهل سوف يُسلّمونَ الميزانيةَ لزوجاتِهم؟ يقولُ الموظفُ جعفر المعصوابي :”صراحةً الموضوعُ يصُبُّ عندَ زوجتي.. فأُريح راسي؛ وأعطي لها الراتبَ؛ وأقولُ لها تصرّفي فيه حسبَ ما تَجِديه مناسباً؛ بشرطِ ألا تطلُبي مني أيَّ شيءٍ.. تصرّفي حسبَ الموجودِ؛ وهذا لم يأتِ من فراغٍ.. فهي قديرةٌ جداً في إدارةِ مصاريفِ البيتِ؛ وأجدُها مقتصدةً بشكلٍ كبيرٍ، فكثيراً ما أقولُ لها “فِكّيها علينا شوي” فتُجيب: “هَي الموجود ما بِدنا نمِد إيدينا للناسِ “.
في حين يرى “سائد عيد”، أبٌ لأربعةٍ من الأبناءِ، أنه يُديرُ ميزانيةَ بيتِه، ويتولّى ميزانيةَ البيتِ بالكاملِ، ويوزّعُها حسبَ الالتزاماتِ الضروريةِ؛ فهو عوّدَ زوجتَه على تلبيةِ كافةِ المتطلباتِ منذُ بدايةِ زوجِهما؛ واستمرَّ الأمرُ.. وأصبح يصُبُّ عندَه فيقولُ:” ما يمرُّ به المجتمعُ من حصارٍ وأزماتٍ؛ أثّرَ على كافةِ الشرائحِ؛ فالميزانيةُ مضروبةٌ من أولِ يومٍ؛ برغمِ محاولاتِنا الاقتصادَ إلّا أنّ متطلباتِ الحياةِ تحتاجُ الإنفاقَ بالقطّارةِ، والاستغناءَ عن الكثيرِ من الأمورِ؛ ما يضطّرني إلى الاستلافِ؛ فهذا ليس له علاقةٌ بِعَجزِ الميزانيةِ بقَدْرِ ما له علاقةٌ بالدخلِ وكثرةِ الاحتياجاتِ.
في حين أنّ الأمرَ مختلفٌ عند “تيسير حبوش”، فالميزانيةُ ليست مرتبطةً بشخصٍ؛ فهي مقسّمةٌ بينَه وبينَ زوجتِه، هناكَ أمورٌ هي الأقدرُ على التصرفِ فيها وشرائها؛ خاصةً في المناسباتِ ومواسمِ المدرسةِ والجامعةِ، بينما يتولّى تدبيرَ باقي الاحتياجاتِ، فالأمرُ مقسّمٌ بينَنا، ونتعاملُ بقاعدةِ “على قد الحافك مد رجليك” .
الاخصائيةُ الأسريةُ “سمر مزيد”، تحدّثتْ عن أهميةِ إدارةِ الميزانيةِ الأُسريةِ فهي الركنُ الأساسُ لسعادةِ الأُسرةِ، ويجبُ معرفةُ دخلِ الأسرةِ، وحجمِ النفقاتِ، والتوفيقُ بينَهما، وأنْ يكونَ هناك رؤيةٌ محدّدةٌ لرفعِ شيءٍ ولو قليلاً في حالِ المناسباتِ والطوارئِ والأزماتِ؛ مِثلَ المرضِ وغيرِه من مصاريفِ مدارسَ، وفواتيرَ، وغازٍ، وكهرباءٍ، وماءٍ، ويجبُ على الزوجانِ التحاوُرَ لوضعِ الأُسسِ السليمةِ في الإنفاقِ والتوفيرِ.
تقولُ :”لا ننسَى أنّ هناك فروقاً فرديةً بينَ البيتِ والآخَرِ، فهناك بيوتٌ تديرُ ميزانيتَها الزوجةُ؛ وأخرى يديرُها الزوجُ، وبيوتٌ يديرُها الزوجانِ معاً، فالمُحدّدُ الأساسُ لمَن هو أجدرُ في إدارةِ ميزانيةِ البيتِ؛ لمن يساهمُ في عدمِ تراكمِ الديونِ، ومن يلبّي كافةَ متطلباتِ المنزلِ، وبدونِ أيِّ نزاعاتٍ أسريةٍ. وتجدرُ الإشارةُ بأنه كلّما كانت إدارةُ ميزانيةِ البيتِ مشترَكةً بينَ الزوجينِ؛ ستكونُ إدارةً جيدةً خاليةً من المشاكلِ، وسيتشاركُ الزوجانِ الهمومَ وتوزيعَ المصروفِ بالطريقةِ المُثلى .
وتوَجّه حديثَها لِكلا الزوجينِ؛ أنْ يتمَ تحديدُ الأولوياتِ، والعملُ على توفيرِها، ثُم الانتقالُ إلى المتطلباتِ الأخرى، ومن أجلِ المحافظةِ على كيانِ الأسرةِ، وعدمِ إلحاقِ الضررِ بها؛ يجبُ التخلي عن الكثيرِ من الكمالياتِ، والفشخرةِ التي لا داعيَ لها؛ من أجلِ ضمانِ الخروجِ من أيِّ أزمةٍ في ظلِّ أعباءٍ كثيرةٍ ومتعدّدةٍ .
وتوضّح: لو نظرْنا للواقعِ؛ لوَجدنا أنّ هناك زوجاتٍ مسانداتٌ للأزواج في وقتِ الأزماتِ؛ عندما كان زوجُها يعطيها المصروفَ؛ تدّخرُ منه جزءاً، وتلبي احتياجاتِ البيتِ بالجزءِ الآخَر، وبهذا تكونُ الزوجةُ أقدرَ على إدارةِ البيتِ، وقد نجدُ أخرياتٍ تُسرفُ ولا تدّخرُ شيئاً؛ فتُمثّلُ نموذجاً لعدمِ إدارةِ المصروفِ، وهناك جملةٌ من المصاريفِ تستطيعُ الزوجةُ أنْ تدّخرَ فيها عندَ شراءِ الزيّ المدرسي أو الملابسِ، فالزوجةُ تدّخرُ منها، وكذلك عندما تفوّضُ بشراءِ هدايا؛ فتشتري بسِعرٍ أرخصَ؛ فهي بذلك تُجسّدُ شخصيةَ المرأةِ المُدّخِرةِ الموَفِّرةِ للمصروفِ.
وتجيبُ الأخصائيةُ الأسريةُ “السعادة” حولَ هل تستطيعُ الزوجةُ الغزيةُ أنْ تدبّرَ أمورَ بيتِها في ظِلِّ الازمة الاقتصادية تقول:” بكُلِّ تأكيدٍ المرأةُ الفلسطينيةُ لديها قوةٌ خارقةٌ في مواجهةِ الأزماتِ؛ فهي عاصرتْ مراحلَ وأزماتٍ كادت أنْ تفتكَ بالعائلةِ الغزيةِ، ولكنْ بتدبيرِها واقتصادِها ومحاولتِها إيجادَ الحلولِ؛ كانت تخرجُ بحلولٍ وبدائلَ تواجِهُ فيها أزمتَها؛ وفي كلِّ مرةٍ تثبتُ بأنها سيدةُ الادخارِ والتدبيرِ، فهي صاحبةُ الورقةِ والقلمِ، وتسجّلُ كلَّ أولوياتِها الضروريةِ، وتستبعدُ الكمالياتِ، ولا تَنظرُ إليها، فنحن نجدُ أكثرَ البيوتِ تأقلمتْ مع الواقعِ المُعاشِ.
وفي ظِلَّ الشكاوَى الكثيرةِ من كِلا الزوجينِ بالعبارةِ الشهيرةِ “الراتب بطير من أول يوم”؛ تُرجعُ الأخصائيةُ الأسريةُ ذلك إلى سوءِ إدارةِ أحدِ الزوجينِ لميزانيةِ الأسرة، فعليهِ هنا أنْ يراجعَ نفسَه، ويشاركَ أفرادَ عائلتِه في كيفيةِ إعادةِ التخطيطِ والتنسيقِ وحُسنِ التصرّفِ في الراتبِ، ويحسبُها بالورقةِ والقلمِ حتى يستطيعَ التخلصَ من العجزِ والديونِ .
وتنوّهُ أنه يجبُ الابتعادُ عن الإسرافِ من أجلِ التفاخرِ والتباهي؛ فإنه لن يستطيعَ تلبيةَ احتياجاتِ الأسرةِ فيما بعدُ، وانتقاداتُ الناسِ وكلامُهم غيرُ مُهِم؛ فإرضاؤهم صعبٌ خاصةً فيما يتعلقُ بكيفيةِ إنفاقِ الأسرةِ؛ فكم من زوجٍ أرضَى الناسَ ونامَ في عتمةِ الهمومِ والديونِ، ورسولُنا الكريمُ حثّنا بضرورةِ التعوّذِ من الديونِ وغلَبتِها؛ وعدّها “هَمٌّ وغَمٌّ”، ويجبُ تطببقُ المَثلِ القائلِ على” قد لحافك مد رجليك” فلو طبّقتْ الزوجةُ هذا المَثلَ كقاعدةِ حياةٍ؛ لَما وصلتْ بيوتُنا إلى هذه الحالةِ من الضغوطاتِ والتراكماتِ، فإذا كان الزوجُ مُسرفاً؛ فضرورةُ الحديثِ المباشرِ معه من قِبلِ الزوجةِ في جوٍّ هادئٍ ومريحٍ، وفي حالِ عجزتْ يُمكِنُ أنْ تستعينَ بشخصٍ ثِقةٍ من الأهلِ يكونُ قريباً من زوجِها، وأنْ تحاولَ أنْ تكونَ مؤثّرةً عليه.
في لقاءٍ “للسعادة” مع أستاذ الاقتصادِ المنزلي “خلود أبو العينين” تحدّثتْ عن فكرةِ إدارةِ الميزانيةِ من منطلقِ المشاركةِ قائلةً: البيتُ مؤسسةٌ صغيرةٌ لها جانبٌ ماليٌّ هو إدارةُ دخلِ الأسرةِ، وهذا يحتاجُ أنْ يكونَ لدَى كلا الزوجينِ ثقافةُ الإنفاقِ؛ حتى يستطيعا معاً أنْ يتّفقا على أسلوبٍ معتدلٍ، ووضعِ ميزانيةٍ تناسبُ دخلَ الأسرةِ، والمشاركةِ بين الزوجينِ في هذا الأمرِ من الأشياءِ الإيجابيةِ، فيجبُ أنْ يكونَ كِلاهما على علمِ بطريقةِ الصرفِ؛ حتى يتعاونا على الموازنةِ بينَ دخلِ الأسرةِ والمصروفاتِ؛ ليستقرَّ وضعُ الأسرةِ المالي، ولا تتعرضُ للأزماتِ الماديةِ، وليس مطلوباً انفرادُ أحدِهما بالميزانيةِ، وعزلُ الآخَرِ عنها؛ لأنهما أسرةٌ تعيشُ في بيتٍ واحدٍ، والمصلحةُ مشترَكةٌ.. وحتى لو كانت الميزانيةُ في حوزةِ الرجلِ؛ فهو في النهايةِ لن يستطيعَ إدارةَ البيتِ وحدَه، وسيحتاجُ للزوجةِ لتحديدِ احتياجاتِ الأسرةِ، والتعاونِ معه على تنظيمِ المصروفاتِ، وبالتالي فالمشارَكةُ أمرٌ مفروضٌ.. وفي مجتمعِنا بالذاتِ المرأةُ أثبتتْ كفاءةً في هذا الجانبِ، وأنها جديرةٌ بمسؤوليةِ إدارةِ ميزانيةِ بيتِها أيّاً كان مستوى ثقافتِها، فهي تفعلُ هذا بالفطرةِ .
حولَ القواعدِ الأساسيةِ لضبطِ ميزانيةِ الأسرةِ، والتي تخفّفُ من تعرّضِ الأسرةِ لأيِّ عجزٍ في ميزانيتِها؛ تذكُرُ أنه يجبُ تحديدُ أوجهِ الإنفاقِ الضروريةِ؛ من خلالِ وضعِ قائمةٍ تحدّدُ أولوياتِ الإنفاقِ الضروريةِ، التي لا يمكنُ تجاهلُها، أو حتى تأجيلُها في ميزانيةِ الأسرةِ، كالطعامِ اليومي والأدويةِ، ومستلزماتِ ومتطلباتِ تعليمِ الأطفالِ، بالإضافةِ إلى تخصيصِ مبلغٍ ماليٍّ محدّدٍ لكُلٍّ من أفرادِ الأسرةِ، ويكونُ عليه التعاملُ بهذا المبلغِ على مدارِ الشهرِ، مع التشديدِ على ضرورةِ عدمِ تخَطي المبلغِ المحدّدِ سلَفاً؛ إلا للضرورةِ القُصوَى، وباتفاقٍ مُسبقٍ مع مسؤولِ الميزانيةِ الأسريةِ، والتأكيدِ على تحديدِ هدفٍ يتمُ السعيُ للوصولِ إليه من خلالِ ضبطِ الميزانيةِ؛ بحيثُ يستقطعُ مسؤولُ الميزانيةِ مبلغاً معيّناً؛ ويدّخِرُه لمواجهةِ أيِّ مفاجآتٍ طارئةٍ يتعرّضُ لها المنزلُ أو أفرادُ الأسرةِ.
بينما يرى الأستاذ “هشام المدلل” _ماجستير علمِ النفس_ أنّ ميزانيةَ المنزلِ يجبُ أنْ لا تكونَ حصراً على أحدٍ أو تحديداً بأنْ تكونَ في يدِ الزوجِ أو الزوجةِ بشكلٍ دائمٍ؛ وإنما يجبُ أنْ تكونَ في يدِ الأحسنِ قدرةً على إدارةِ مصاريفِ البيتِ، كما من الجيّدِ في حالِ تعاوُنِ الزوجينِ وتوافُقِهما معاً في إدارةِ الميزانيةِ بشكلٍ مشتركٍ ومُكمّلٍ لبعضِهما البعض، وإشعارِ كلٍّ من الآخَرِ بقيمةِ المشورةِ معه في شؤونِ منزلِهم ومتطلباتِ أسرتِهم .
ويوضّح: أنّ أولوياتِ الإنفاقِ من ميزانيةِ الأسرةِ تختلفُ من وقتٍ لآخَرَ، ومن مكانٍ لآخَرَ، ووِفقَ ظروفِ كلِّ أُسرةٍ، فنجدُ أُسرةً تخطّطُ ميزانيتَها في أولوياتِها واحتياجاتِها الأساسيةِ اليوميةِ، وأحياناً يحتلُّ التفكيرُ في المستقبلِ والادّخارِ بنداً أساسياً، وفي حالاتٍ أخرى نرى بعضَ الأُسرِ تكونُ أولوياتُها مُجردَ كمالياتٍ غيرِ متوقّعةٍ! ولكنها جزءٌ من منهجِ حياةٍ اعتادتهُ !
يُعَدُّ ضبطُ ميزانيةِ الأسرةِ هذه الأيامَ؛ ليس أمراً سهلاً؛ بل يحتاجُ إلى حكمةٍ وتخطيطٍ.. خصوصاً مع الأزمةِ الماليةِ الخانقةِ التي يعيشُها معظمُ الموظفينَ، الأمرُ يحتاجُ إلى تعاونٍ ومشارَكةٍ في تدبيرِها؛ ولكنْ كلٌّ في حدودِ اختصاصِه، فيقولُ :” هناك بعضُ الأمورِ تحتاجُ إدارتُها إلى الزوجةِ من خلالِ وضعِ قائمةِ الاحتياجاتِ الأساسيةِ؛ لأنها بحُكمِ كونِها ربةَ البيتِ تعرفُ مستلزماتِ الأولادِ أكثرَ، وهناك التزاماتٌ يكونُ الزوجُ أقدرَ على إدارتِها؛ كرسومِ الروضاتِ والجامعاتِ، والتسوّقِ ودفعِ الفواتيرِ؛ فهي معروفةٌ ولا تحتاجُ لتدبيرٍ؛ ولكنْ نحتاجُ لترتيبِ ميزانيتِنا طوالَ السنةِ حتى نوَفّرَها كي لا نواجِهَ المشكلاتِ..