Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
فتاوي شرعية

ما هو الحُكم الشرعي لزيارةِ المرأةِ للمقابر، ووضعِ الورودِ عليها ؟ وهل صحيحٌ أنّ الشخصَ المتوفَّى يشعرُ بمن يزورُه؟

 

يجيبُ عن التساؤلاتِ الشيخ  “عبد الباري محمد خلّة”

ذهب جمهورُ الفقهاء إلى جواز زيارةِ المرأةِ للمقابر؛ بدليلِ ما روَته “عائشة” رضي الله تعالى عنها قالت: (كيف أقولُ يا رسول الله؟ يعني إذا زرتُ القبور قال: قولي: السَّلَامُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، يَرْحَمُ اللَّهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَالْمُسْتَأْخِرِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ) رواه مسلم. وكذلك (مرَّ بامرأةٍ على قبرٍ تبكي على صبي لها, فقال لها: اتقِ اللهَ واصبِري) متفق عليه. فلو كانت الزيارةُ حراماً؛ لنَهى عنها. وأمّا قوله ” لعَنَ اللَّهُ زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ” رواه أحمد، فإنّ اللعنَ لمن تُكثِرُ الزيارةَ، كما هو واضحٌ من الصيغةِ، مما قد يؤدّي إلى تضييعِ حقوقِ زوجِها أو أولادِها، كذلك اشترط الفقهاءُ على المرأةِ  أنْ لا تخرُجَ سافرةً أو متعطِّرة،  أنْ تلتزمَ السكينةَ والوقارَ في المقبرة، فتعتبرُ من غيرِ ما صوتٍ ولا عويلٍ.

أمّا وضعُ الورودِ على القبور؛ فلم يرِدْ عن النبي  أنه فعله، بل فيه تشبُّه بالكفارِ في عاداتِهم الخاصةِ بهم، وقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ رواه أبو داود، وفيه تزيينُ القبور، وهو محرَّم.

للميتِ حياةٌ غيرُ حياتِنا، تحكمُها قوانينُ لا نستطيعُ إدراكَها بعقولنا، فعلينا أنْ نسلّمَ بما أخبرنا به الشارعُ الحكيمُ، فيما لا قُدرةَ لنا على معرفتِه، وقد جاء أنّ الميتَ يشعرُ بمن يزورُه، وهو في قبرِه، فقد وردَ عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم  أنّه قال :”ما من أحدٍ مرَّ بقبرِ أخيه المؤمنِ؛ كان يعرِفُه في الدنيا، فسلّمَ عليه؛ إلا عرَفه وردّ عليه السّلام”، أخرجه الخطيب، وابن عساكر، وابن النجار، وسنده جيد، كما في كنزِ العمال، وورد عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم  «أنّه أمر بقتلَى بدر، فأثلقوا في قليب، ثمّ جاء حتّى وقفَ عليهم وناداهم بأسمائهم: يا فلانُ ابنُ فلان، ويا فلانُ ابنُ فلان، هل وجدتُم ما وعدَكم ربُكم حقاً، فإنّي وجدتُ ما وعدَني ربّي حقاً، فقال له عمر رضي الله تعالى عنه: يا رسول اللّه، ما تخاطبُ من أقوامٍ قد جيّفوا، فقال : والّذي بعثني بالحقّ، ما أنتم بأسمعَ لِما أقولُ منهم، ولكنّهم لا يستطيعون جواباً» أخرجه أحمد، وورد عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال: « إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا وُضِعَ في قَبْرِهِ وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ حَتَّى إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ » أخرجه البخاري ومسلم، ولهذا أمر النّبي صلى الله عليه وسلم بالسّلام على الموتى، حيث جاء أنّه كان يعلّم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: « السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الدِّيَارِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَلَاحِقُونَ أَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُمْ الْعَافِيَةَ » أخرجه النسائي. قال ابن القيّم: وهذا خطابٌ لمن يسمعُ ويعقلُ، ولولا ذلك لكان هذا الخطابُ بمنزلةِ خطابِ المعدومِ والجمادِ، والسّلفُ مجمِعونَ على هذا، وقد تواترتْ الآثارُ بأنّ الميّتَ يعرفُ زيارةَ الحيّ له، ويستبشر ُبه، وجاء في فتاوَى العزّ بن عبد السّلام: والظّاهرُ أنّ الميّتَ يعرفُ الزّائر، لأنّا أُمِرنا بالسّلام عليهم، والشّرعُ لا يأمرُ بخطابِ من لا يسمعُ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى