Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
من الحياة

بعزيمتها وقوتها انتصرت على السرطان

 

لأنه أكتوبر الوَرديُّ؛ تَخرجُ كاتبةٌ من الحياةِ عن نمطِها في سَردِ قصصِ الجرائمِ المختلفةِ؛ لتَسردَ قصةً من أروِقةِ الحياةِ المتعَبةِ بسلوكِ وأفكارِ شخوصِها .

لم تكنْ تدركُ هالة (42) عاماً، أنّ حياتَها المُفعَمةَ بالحياةِ والعطاءِ والأصدقاءِ؛  يُمكِنُ أنّ تتحولَ إلى رمادٍ في شهورٍ عديدةٍ، لاسيّما وأنها ما ادّخَرتْ جهداً في إضفاءِ كلِّ جمالٍ لحياتِها الزوجيةِ، بدأتْ قصةُ “هالة” عندَ ولادتِها لطفلتِها الخامسةِ؛ حيثُ لاحظتْ بعدَ شهرينِ من ولادتِها وجودَ كتلةٍ غيرِ صغيرةٍ في صدرِها؛ ما استدعاها إلى الذهابِ إلى الطبيبِ مباشرةً_ برفقةِ صديقتِها_ ليَتبيّنَ بعدَ عددٍ من الفحوصاتِ أنّ “هالة” مُصابةٌ بسرطانِ الثدي في مراحلِه الأولى!

كانت صدمةُ “هالة” كبيرةً ؛ فلا أحدَ يحتملُ في الحياةِ أنْ يكونَ مُهدّداً بينَ الموتِ والبقاءِ؛ وجالَ في خاطرِها ملايينُ المواقفِ والقصصِ والعباراتِ؛ قبلَ أنْ تُخبِرَ زوجَها بواقعِها الصحي، وما لم يَخطرْ في بالِها أبداً؛ أنْ يرفضَها زوجُها وعائلتُه كاملةً بسببِ مرضِها! وهي التي لم تكنْ يوماً إلا سَندًا كبيراً له ولعائلتِه في كلِّ مواقفِهم الحياتيةِ.

عندَ عودتِه إلى المنزلِ أخبرَتْهُ “هالة” بكُل ما حدثَ معها في الآوِنةِ الأخيرةِ؛ وكيف ذهبتْ إلى الطيبِ برفقةِ شقيقتِها؛ وتأكّدَتْ إصابتُها وشكلُ الحياةِ القادمِ، الذي سيُحتّمُ عليه مساعدتَه لها ؛ حتى تنتهيَ هذه الأزمةُ بخيرٍ وسلامةٍ، وإنّ كثيراتٍ من النساءِ مرَرْنَ في هذا التجرِبة القاسيةِ؛ ونَجَحنَ في قهرِ المرضِ.

في الساعاتِ الأولى لم يَرُدّ ولا بكلمةٍ.. واعتقدتْ “هالة” أنّ ما يَحدثُ بفعلِ الصدمةِ، وبفعلِ خوفِه عليها، لاسيّما وأنّ الجميعَ يَعرفُ مدَى نجاحِ علاقتِهم الزوجيةِ، في الأيامِ التاليةِ لم تفتحْ معه الموضوعَ؛ خوفاً من تأزُّمِها وانهيارِها؛ وحاولتْ التظاهرَ بالتماسُكِ على الرغمِ من حاجتِها لأيِّ “طَبطةٍ” بالمشاعرِ أو الكلماتِ الرقيقةِ؛ لكنّ ذلكَ لم يَحدُثْ..!

بعدَ ثلاثةِ أسابيع؛ تفاجأتْ بزيارةٍ من أشقائِها الأربعةِ يطلبونَ منها أنْ تأتيَ معهم إلى منزلِ عائلتِها؛ للإقامةِ فيه مع ابنتَيها الصغيرتينِ! وعندما حاولتْ أنْ تفهمَ طلبَهم هذا؛ وكانت تظنُّه من خوفِهم عليها؛ تَبيّنَ أنّ زوجَها لا يريدُها في المنزلِ! وأنه تقدّمَ بطلبٍ إلى المَحكمةِ لطلاقِها! وحُجّتُه خوفُه من الإشعاعاتِ التي يُنتِجُها الجسمُ المُسرطَنُ؛ ما يعرّضُ حياتَه للخطر!.

انهارتْ “هالة” مما سمعتْ من أشقائها! ورفضتْ الخروجَ من المنزلِ إلى حينِ عودةِ زوجِها؛ لتتأكّدَ بنفسِها أنّ الإنسانَ الذي وقفتْ بجانبِه في مِحَنِ الحياةِ؛ ابتداءً من مشوارِ الخطوبةِ؛ إلى تكاليفِ الزفافِ؛ إلى بناءِ المنزلِ؛ إلى مساعدةِ أمِّه المريضةِ بسرطانِ الدمِ أيضاً، يتعاملُ معها بهذا الرفضِ والجحودِ والنذالةِ! واجَهَتْهُ بكُلِّ ما فعلتْ لأجلِه؛ فواجَهَها بحقيقةٍ ثابتةٍ لا تتغيرُ في دماغِه؛ إنه غيرُ مُستعِدٍّ للعيشِ مع زوجةٍ مريضةٍ! وإنه لا يُمكِنُه أنْ يشارِكَها هذه التجربةَ، التي قد تَطولُ لسنواتٍ يخسرُها من عُمرِه!

لم تستطِعْ “هالة” أنْ تساويَ بينَ صدمةِ إصابتِها بالمرضِ؛ وبينَ صدمتِها من خذلانِ زوجِها.. و انهارتْ فعليًا أمامَ كلِّ مُصابِها الجَلَلِ؛ ودخلتْ في حالةِ اكتئابٍ عميقةٍ؛ أرختْ بظلالِها على حالتِها الصحيةِ؛ حتى كادتْ أنْ تفقِدَ حياتَها؛ لولا تدَخُّلُ إحدى شقيقاتِها المقرّباتِ، والتي أطلَعتْها على قصصٍ لنساءٍ واجَهنَ نفسَ الظروفِ؛ وتَغلَّبنَ على كلِّ ما حدثَ معهنَّ من إحداثٍ مُشابِهةٍ، وأكثرَ بشاعةً، وأنّ المرضَ جاءَها لتَعرِفَ أين تَقِفُ.. واستمرّتْ شقيقتُها في الكثيرِ من النصحِ والدعمِ؛ حتى بدأتْ “هالة” باستعادةِ نفسِها رويداً رويدا.

وبعدَ سنةٍ من الإصابةِ استطاعتْ “هالة” أنْ تهزمَ السرطانَ والجهلَ؛ ورفعتْ عدداً من القضايا في المَحاكمِ؛ للحصولِ على كلِّ قرشٍ دفَعتْهُ في بناءِ منزلِها، وحصولِها على حضانةِ أبنائها كاملةً؛ وتركتْ زوجَها يكسبُ سنواتِ عمرِه وحدَه بعيداً عن كلِّ طموحاتِها بالحياةِ.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى