Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
مقالات

ضعْ قواعدَ قويةً

 

هل رأيتَ يوماً ابناً أو بنتاً على مستوى عالٍ من الأدبِ والأخلاقِ والالتزامِ الديني أيضاً، ثم ما إنْ تتغير البيئةُ  أو المكانُ الذي يعيشُ فيه، حتى يتغيّرَ تدريجياً!

وقد رأيتُ معي كثيراً من الأولادِ والبناتِ؛ خرجوا للتعليمِ في الخارجِ؛  ثم بدأتْ تَفرُطُ منهم القِيمُ، كَخَرزاتِ المِسبحة!   فالفتاةُ المُحجّبةُ بدأتْ تسحبُ الحجابَ إلى الخلفِ! وتُقصّر الملابسَ! وتزيدُ من تلوينِ وجهِها بمستحضراتِ التجميلِ!

والشابُّ الملتزمُ _الذي لم يكنْ يدخّنُ_ بدأَ في تجريبِ الشيشةِ من وراءِ أهلِه؛ ثُم أمامَهم، والمُصلي تركَ صلاتَه تدريجاً؛ حتى لم تَخطُرْ  ببالِه! وبدأ بتقليدِ المجتمعِ الجديدِ على علّاتِه وحسناتِه ! ثُم انخرطَ فيه، ثُم تزوّجَ منه، ثم تَغيّرَ كلُّ شيءٍ تَعلَّمَه في كَنفِ أُسرتِه!

ولكنْ في نفسِ الوقتِ، هناك من لم يتأثرْ؛ بل ازدادَ تمسُّكاً بمبادئه!  لماذا يا تُرى؟!

فأنا أعرفُ والدَينِ اعتقدا أنّ ذهابَ ابنتِهما للعِلمِ في دولةٍ أجنبيةٍ؛ سوفَ يغيّرُ من أخلاقِها؛ ويؤثّر على تربيتِها؛ فوجداها تزدادُ صلابةً وقوةً أمامَ مُغرياتِ البيئةِ واختلافاتِها؛ بل إنهما اكتشفا أنها لم تكنْ بهذه القوةِ؛ وهي تعيشُ معهما وتحتَ رقابتِهما!

ما الفرقُ في الحالتينِ؟ الفرقُ يكمُنُ في الصلابةِ النفسيةِ التي عرفَ الوالدانِ كيف يُثبِّتانِها في عقولِ أبنائِهم ونفسياتِهم، فباتوا يَعلمونَ كيف يتكيّفونَ مع كلِّ المتغيراتِ البيئيةِ والاجتماعيةِ والنفسيةِ؛ دونَ أنْ تتأثرَ صلابتُهم وقوّتُهم وقِيَمُهم؛ لفَرطِ ثقتِهم بما هم عليه من صفاتٍ وأخلاقٍ، فتَغيُّرُ القيمِ بتغيّرِ المجتمعِ يدلُّ على عدمِ ثقةِ هذا الفردِ بقِيَمِه.

بينما يرى الابنُ الهَشُّ أنّ المجتمعَ الأوربي متطوّرٌ، ومن واجبِه مُجاراتُ هذا التطورِ من خلالِ القشورِ، فالفتاةُ تخلعُ حجابَها، والشابُّ يشربُ “الفودكا”، مراعاةً لتطوّرٍ كاذبٍ!

ولكنّ ذلكَ الابنَ الصلبَ نفسياً من الداخلِ؛ يعتقدُ أنّ كلَّ قِيَمِه هي الصحيحةُ، وعلى الآخَرينَ احترامَها، ولا إكراهَ في أيِّ شيءٍ، ولا تقليدَ أعمى، والثقةُ سيّدةُ الموقفِ.

والصلابةُ النفسيةُ عندَ عمومِ علماءِ النفسِ؛ هي قدرةُ الإنسانِ على التكيّفِ من خلالِ التحدّي، والتحكُّمِ والالتزامِ.. وتلكَ كلُّها تَنبثِقُ عن أُسُسٍ وقوانينَ رسَّخَها الوالدانِ؛ وتَحدّيا بها كلَّ شيءٍ مَهما كان صعباً.

القاعدةُ الأساسيةُ تقولُ:” إنّ القيمَ السلبيةَ دخيلةٌ، والقيمَ الإيجابيةَ هي الأساسُ”، وعلى كلِّ أمٍّ أنْ تَعلمَ _تمامَ العلمِ_ أنه لا تأثيرَ بعدَها ولا قبلَها، وأنْ تكونَ صاحبةَ عينٍ دقيقةٍ في توجيهِ طفلِها في كلِّ المراحلِ دونَ تَغاضٍ وتجاهُلٍ، وأنْ يكونَ هناك قواعدَ في البيتِ يطبّقُها الكبيرُ قبلَ الصغيرِ؛ كشرطٍ أساسٍ لاقتناعِ الصغيرِ، ثُم تَمتُعُ الوالدانِ بالثقةِ بالنفسِ؛ ستنتقلُ تدريجاً إلى الأبناءِ، وأنْ يكونا القدوةَ الأولَى والأخيرةَ .

احذَروا أعزائي الآباء.. فكُلُّ أولئكَ الأطفالِ الذين انحرفوا، وانتحروا، وفشلوا في الحياةِ، ثُم تاهوا في البحثِ عن أهدافِهم ولم يَجدوها؛ لم يترَبوا على قاعدةٍ صلبةٍ ، كلُّ قواعدِهم كانت مهزوزةً، ونقطةُ البدءِ كانت آباءَهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى