“أسامة السلوادي”: يوثّقُ تراثَ فلسطينَ في (11) كتاباً من على “كرسيٍّ متحرِّك”
توثيقُ التراثِ معركةٌ شخصيةٌ لا أَقبلُ فيها إلّا النصرَ أوِ النصرَ

أحملُ الكاميرا، أو هي من تَحمِلُني.. لا خلافَ، ولو ضاعتْ الأرضُ ثُم تغيّرتْ موازينُ القوى؛ فإننا نستطيعُ إعادتَها؛ لكنْ إذا ضاعتْ صفاتُنا، وذابتْ هُويّتُنا وحضارتُنا وثقافتُنا؛ فسيَخرجُ جيلٌ لا يعرفُ فلسطينَ؛ وهكَذا سنخسرُ كلَّ شيءٍ.
بهذهِ العباراتِ بدأ “أسامة سلوادي”، من مدينةِ رام الله في الضفةِ الغربيةِ، والذي يعملُ مصوِّراً صحفياً منذُ أكثرَ من (30) عاماً مضتْ؛ أصيبَ بالشلَلِ النصفيّ إثرَ تَلقِّيه رصاصةً طائشةً خلالَ أحداثِ الفلتانِ الأمني عامَ (2006)؛ إلا أنها لم تُرِده قعيداً؛ ولم تَنلْ من إرادتِه وعزيمتِه؛ فلم يرفعْ الرايةَ البيضاءَ؛ مُكملاً مسيرتَه التي تَرعرعَ على حبِّها؛ ليرصُدَ ويوثّقُ صوراً لحضارةِ شعبِه ووطنِه؛ وينقلَها إلى العالمِ؛ عبرَ مشروعٍ أطلقَه بشكلٍ شخصي؛ وأصدرَ من خلالِه مجموعةً من الكتبِ المصوّرةِ؛ حملتْ في ثناياها الكثيرَ عن تراثِ فلسطينَ وجمالِها.
صباحاً، وبعدَ أنْ يجهّزَ معدّاته الصحفيةَ؛ يغادرُ منزلَه بهِمّةٍ ونشاطٍ مُستقِلاً كرسيَّه المتحركَ، ويتوجّهُ إلى عملِه اليومي؛ ليرسمَ صورةً مشرقةً للحياةِ من حولِه، فرغمَ الجراحِ التي تنهكُ جسدَه منذُ (15) عاماً؛ إلّا أنه يَحملُ كاميراتِه؛ ويتنقلُ بين زوايا وطنِه بترابِه ومائهِ وسهولِه وجبالِه، مُلتقِطاً بعَدستِه صوراً يصعبُ على الشخصِ السليمِ التقاطُها.
“أسامة” البالغُ من العمرِ (48) عاماً؛ وُلدَ في مدينةِ رام الله في (14 شباط 1973)؛ ونشأَ في بلدةِ “سلواد” القريبةِ منها؛ حيثُ كانت حياةُ الريفِ عاملاً مساعداً له في عشقِ الأرضِ، وجعلتْ من التصويرِ الوسيلةَ التي يُترجِمُ من خلالِها هذا العشقَ.
من الهوايةِ إلى المِهنيةِ
“السعادة” استضافتْ المصورَ “أسامة السلوادي”؛ ليُعرّفَنا على أبرزِ المحطاتِ في مشوارِ رحلتِه الصحفيةِ المحفوفةِ بالمتاعبِ والآلامِ؛ وكيف استطاعَ بإرادتِه التي لا تَلينُ التغلّبَ على إصابتِه، ليُجسّدَ بعدستِه نماذجَ الصمودِ الفلسطيني الذي يُعدُّ هو واحداً منها، ويلتقطَ لطبيعةِ وطنِه صوراً ترسمُ لوناً جديداً للحياةِ بعيداً عن ويلاتِ الحصارِ، وممارساتِ الاحتلالِ.
ويسردُ المصوّرُ “السلوادي” بدايةَ مشوارِه في مهنةِ التصويرِ الصحفي، والذي بدأَهُ كمُصوّرٍ هاوٍ بإمكاناتٍ فرديةٍ، حيثُ يقولُ:” عندما كنتُ في سنِّ السادسة عشرَ؛ بدأتُ أميلُ للعملِ في التصويرِ الفوتوغرافي، وما جذَبَني لذلكَ حُبُّ الطبيعيةِ والحياةِ الريفيةِ الجميلةِ، وقد تزامنَ ذلك مع بدءِ الانتفاضةِ الفلسطينيةِ الأولى عامَ (1987)؛ حيثُ انطلقتُ لرَصدِ الأحداثِ والمواجهاتِ بكاميرا صغيرةٍ امتلكتُها بمجهودٍ شخصي، وفي البدايةِ واجهتُ الكثيرَ من الصعوباتِ والمخاطرِ التي يتعرّضُ لها كلُّ من يعملُ في التصويرِ الصحفي في مناطقِ الصراعاتِ، ولكنني لم أستَسلمْ لتلكَ العوائقِ؛ بل حوّلتُها إلى مصدرِ منافسةٍ لأتغلبَ عليها؛ مُثبتا ذاتي، ومُحقّقاً طموحي الذي بذلتُ من أجلِه أقصى الجهودِ”.
ويضيفُ:” بعدَ (4) أعوامٍ من العملِ المتواصلِ، والمثابرةِ المستمرةِ في التصويرِ الصحفي؛ اكتسبتُ خبرةً كافيةً لأخوضَ مشوارَ التصويرِ المِهني؛ وكان ذلكَ في عامِ (1991) عندما عملتُ مع وكالةِ الصحافةِ الفرنسيةِ، وبعدَ عدّةِ سنواتٍ انتقلتُ للعملِ مع وكالةِ “رويترز” العالميةِ للأنباءِ؛ لأواكبَ خلالَ ذلكَ أبرزَ محطاتِ القضيةِ الفلسطينيةِ؛ بدءاً من انتفاضةِ الحجارةِ، وقدومِ السلطةِ الفلسطينيةِ؛ مروراً بالانتفاضةِ الفلسطينيةِ الثانيةِ (انتفاضة الأقصى) عامَ( 2000)؛ إضافةً إلى عملياتِ اجتياحِ المُدنِ في الضفةِ الغربيةِ، وحصارِ الرئيسِ الفلسطيني الراحلِ “ياسر عرفات”.
ويشيرُ “سلوادي” إلى أنه أسّسَ في عامِ (2004) وكالةَ “أبولو”؛ وكانت أولَ وكالةِ تصويرٍ فلسطينيةٍ وعربيةٍ تدارُ بأيادٍ عربيةٍ؛ حيثُ شملتْ التصويرَ والتحريرَ والتوزيعَ، كما كان هناك اتفاقٌ مع وكالةِ “جاما” الفرنسيةِ؛ لتوزّعَ صورَه في قارتَي أوروبا وأمريكا الشماليةِ.
واستمرَّ “سلوادي” في رحلتِه المهنيةِ، ليُطلقَ العديدَ من المواقعِ الصحفيةِ المختصةِ في التصويرِ الصحفي، ووصلَ إلى المستوى الإقليمي على صعيدِ الدولِ العربيةِ، مؤسِّساً شبكةً واسعةً للمصوّرينَ العربِ.
يومٌ فارِقٌ
مشوارُ المثابرةِ الذي يخوضُه “أسامة” أَسسَ قواعدَ صلبةً في مجالِ التصويرِ الصحفي؛ يصعُبُ عليها أنْ تتوقّفَ أو تنكسرَ بأيِّ شكلٍ من الأشكالِ؛ وهذا ما حدثَ معه بعدَ (19) عاماً من العملِ المتواصلِ.
ففي السابعِ من شهرِ تشرين أول/أكتوبر عامَ (2006)؛ كان “السلوادي” على موعدٍ مع لحظةٍ فارقةٍ في حياتِه؛ فقد أصيبَ برصاصةٍ طائشةٍ خلالَ تغطيتِه لمسيرةٍ انطلقتْ في مدينةِ رام الله تنديداً بحالةِ الفلتانِ الأمني؛ ليصابَ بشلَلٍ نِصفي؛ ويفقدَ القدرةَ على الحركةِ؛ إلّا أنها في الوقتِ ذاتِه غيّرتْ بوصلةَ مشوارِه الصحفي بشكلٍ جذريٍّ نحوَ الأفضلِ _على حدِّ قولِه_ .
ويضيفُ:” بعدَ الإصابةِ طرأ تحوّلٌ كبيرٌ على مجرياتِ حياتي الشخصيةِ والمِهنيةِ، فبعدَ أنْ تعافيتُ من حالةِ الغيبوبةِ، وخضوعي لتأهيلٍ صحيٍّ على مدارِ عدّةِ شهورٍ؛ انتقلتُ مباشرةً لطريقةِ عملٍ مختلفةٍ؛ يكونُ فيها الاعتمادُ على العقلِ أكثرَ من القدراتِ الجسديةِ”.
ويتابعُ سلوادي قولَه:” انتقلتُ من ضجيجِ العملِ الإخباري؛ إلى هدوءِ التوثيقِ ورَوِيّةِ التفكيرِ في قصصِ المجتمعِ؛ لأجعلَ من المخزونِ الذهني بوصلَتي لتوثيقِ تراثِ فلسطينَ، وعاداتِ شعبِها، وطبيعتِها الجميلةِ”.
ويوضّحُ المصوّرُ “السلوادي” أنّ إصابتَه لم تكنْ يوماً عائقاً أمامَ إنجازاتِه وطموحاتِه؛ مشيراً إلى أنّ ثِقتَه بنفسِه كانت هي سرَّ انتصارِه، وضرورةً للتقدمِ إلى الأمامِ، والتي من خلالِها تَجاوزَ كلَّ المعيقاتِ التي فرضتْ نفسَها أمامَ طريقِه عقبَ الإصابةِ التي تعرّضَ لها.
تَوثيقُ التراثِ
بعدَ عامٍ من الإصابةِ تخصّصَ “أسامة” في مجالِ توثيقِ التراثِ الفلسطيني؛ حيثُ صدرَ له خلالَ تلكَ الفترةِ ضِمنَ مشروعٍ أطلقَه لتحقيقِ هذه الغايةِ، نحوُ عَشْرةِ كتبٍ مصوّرةٍ تحملُ عناوينَ وقضايا متنوّعةً للعاداتِ والتقاليدِ والمعالمِ الأثريةِ، وكذلك تفاصيلَ الحياةِ اليوميةِ للمواطنِ الفلسطيني، وكافةِ جوانبِ الطبيعةِ في بلدِه.
ويقولُ المصورُ الفلسطيني:” أصدرتُ مشروعَ التوثيقِ البَصري للتراثِ الفلسطيني؛ لأنّ تراثَنا هُويّتُنا، ولأنني لاحظتُ أنّ الاحتلالَ بدأَ يَعبثُ ويسرقُ ما يحلو له من تراثِنا المتنوّعِ (من أزياءٍ ومأكولاتٍ وحجارةٍ)؛ لذلكَ أصدرتُ مجموعةَ كتبٍ توثّقُ الحياةَ اليوميةَ الفلسطينيةَ؛ وتحافظُ على الموروثِ الحضاري لشعبِنا وقضيتِه”.
ويشيرُ “سلوادي” إلى مشروعِ توثيقِ التراثِ يتضمنُ عشرةَ أجزاءٍ، وهي، الأزياءُ الفلسطينيةُ التقليديةُ؛ والتي جمعَها في كتابِ “ملكات الحرير” عامَ (2012), والتراثِ المعماري الذي أصدرَه ضمنَ كتابِ “بوح الحجارة” عامَ ( 2014), وكذلك “الزهورُ البريّةُ التي جسّدَها في كتابِ “أرض الورد “؛ بالإضافةِ إلى كتابِ “فلسطين.. كيف الحال”، و”الحصار” اللذَين أصدرَهما عامَ (2008)، كما أصدرَ العديدَ من المطبوعاتِ عن الحِليّ والمجوهراتِ والمأكولاتِ الفلسطينيةِ، والمواسمِ التراثية, والحِرفِ اليدوية, إلى جانبِ الطبيعةِ الفلسطينيةِ، والألعابِ الشعبيةِ، علاوةً على كتابٍ يوثّقُ معركةَ “ياسر عرفات” أثناءَ حصارِ المقاطعةِ.
ويوضّحُ أنّ أهميةَ توثيقِ التراثِ تنبعُ من تعزيزِ الهويةِ الفلسطينيةِ، مضيفاً:” إنّ الهويةَ التي تجمعُ ما بينَ أفرادِ الشعبِ لها تاريخٌ عميقٌ، وثقافةٌ ممتدّة، وأمجادٌ متجذّرة؛ يعبّرُ عنها التراثُ بما يحتويهِ من رموزٍ معبّرةٍ ومشحونةٍ بالمعاني والعواطفِ، مضيفاً:” هذا بالتأكيدِ يحتاجُ إلى حمايةٍ وتوثيقٍ؛ لذلكَ قرّرتُ تطويرَ عملي من خلالِ مشروعٍ ضخمٍ يحتوي على قِيَمٍ ومضامينَ ذاتَ معانٍ وطنيةٍ، ويشكّلُ درعاً واقياً لتراثٍ وطنيّ؛ حتى لا يضيعَ مرّةً رابعةً وخامسةً”.
وشاركَ المصورُ الفلسطيني في الكثيرِ من المعارضِ المحليةِ والعالميةِ، وحازَ على جوائزَ وشهاداتِ تقديرٍ في مهرجاناتٍ دوليةٍ، كما نشرتْ مجلاتٌ وصحفٌ عالميةٌ كُتبَه التي أصدرَها بشكلٍ شخصي؛ بالإضافةِ إلى تقاريرَ مصوَّرةٍ لأعمالِه الصحفيةِ.
منحازٌ للمرأةِ
المتابعُ إلى أعمالِ مشروعِ التوثيقِ البصريّ للتراثِ؛ يتّضِحُ له أنّ المصوّرَ “السلوادي” يركّزُ بشكلٍ أساسٍ على المرأةِ الفلسطينيةِ وقضاياها المختلفةِ، وتجسيدِ كافةِ جوانبِ حياتِها اليوميةِ، فكتابُ “مَلكاتُ الحريرِ” يحتوي على (210 )صفحاتٍ؛ يُجسّدُ من خلالِها “السلوداي” أنّ المرأةَ الفلسطينيةَ ملَكةٌ بزيِّها التراثي، وقد نُشرَ هذا الكتابُ في مجلةِ (ناشيونال جرافيك”، وتَصدَّرَ غلافَها.
ويؤكّدُ “أسامة” اهتمامَه الشخصي بكلِّ القضايا المتعلقةِ بسيداتِ فلسطين، حيثُ يقول:” إنّ المرأةَ هي عطاءٌ وإبداعٌ، وقد جعلتُها في مشروعي توثيقاً فريداً من نوعِه؛ لأتحدَّى كلَّ مَن يحاولُ إزالةَ كيانِ المرأةِ أو الاستهتارَ بها، أو الاستخفافَ من قيمتِها، وجعلَها مرهونةً بمناسبةٍ ما”.
ويضيفُ:” أعملُ حالياً على توثيقِ قصصٍ وتجاربَ ناجحةٍ لـ (100) شخصيةٍ نسويةٍ في مختلفِ القطاعاتِ (الحياتيةِ والسياسيةِ والاجتماعيةِ والاقتصاديةِ والثقافيةِ)؛ وهذا يعدُّ تغييراً من أجلِ الصورةِ والتصويرِ الفلسطيني.
ولم يقتصِرْ اهتمامُ “السلوادي” بقضايا المرأةِ على كتابٍ واحدٍ؛ فآخِرُ عملٍ أصدرَه في إطارِ توثيقِ التراثِ في منتصفِ شهرِ أبريل لعامِ( 2017)؛ وهو كتابُ “زينةُ الكنعانيات” تضَمّنَ أيضاً توثيقاً للحِليِّ والمجوهراتِ والحُجُبِ والتمائمِ التي ترتديها السيدةُ الفلسطينيةُ.
وللحديثِ بشكلٍ مفصّلٍ عن كتابِ “زينة الكنعانيات”، يقولُ سلوادي:” أصدرتُ هذا الكتابَ بعَد ستِ سنواتٍ من البحثِ والتصويرِ للحليّ والمجوهراتِ والتعويذاتِ الفلسطينيةِ التقليديةِ، وزرتُ خلالَ هذه الفترةِ العديدَ من المتاحفِ، أبرزها مُتحفُ بيرزيت؛ وذلكَ للاطّلاعِ على المُقتنياتِ وتاريخِها، بالإضافةِ إلى زيارةِ قرى فلسطينيةٍ عديدةٍ، كما التقيتُ بمجموعةِ باحثينَ وأشخاصٍ يحتفظونَ بمقتنياتٍ قديمةٍ من الحِلي والفضّياتِ وَرثوها عن أجدادِهم”.
النصرُ أوِ النصرُ
ويضيفُ:” تتضمنُ صفحاتُ الكتابِ _البالغةُ (180) صفحةً من القطعِ الكبيرِ_ صوَراً ملوّنةً لنساءٍ فلسطينياتٍ وهن يرتَدينَ الحِلي، وصوراً أخرى لمجموعةٍ من الحُجبِ والتعويذاتِ التي استُخدمتْ في القرنِ التاسع عشرَ، وبدايةِ القرنِ العشرين، وقد استَعنتُ بمجموعةٍ من الفتياتِ لتصويرِهنّ وهنّ يرتدِينَ الحلي، إضافةً إلى أنني بحثتُ عن نساءٍ لا يزَلنَ يلبسنَ هذه الحِليّ والمجوهراتِ والتقطتُ صوراً لهنّ.”
ويختمُ “السلوادي” حوارَه مع “السعادة” قائلاً:” إنّ حياتي ومشواري المِهني لم يكنْ لهما قيمةٌ إنْ لم يُعبِّرا عن واقعِ شعبي، ويُشكّلا عينَ الوطنِ إلى العالمِ؛ لذلكَ استخدمتُ أسلوبَ العصرِ، والأداةَ الأكثرَ سِحراً وجمالاً، وهي الصورةُ؛ من أجلِ ترسيخِ صورةِ الجمالِ الفلسطيني الأصيلِ بكُلِّ تفاصيلِه وألوانِه الجذابةِ، ورسوماتِه التي ترتبطُ بالمكانِ والشعبِ”.
ويضيفُ:” إنّ الصورةَ هي سلاحُ العصرِ الحديثِ؛ وأهمَّ عُنصرٍ في الإعلامِ الإلكتروني والاجتماعي، فالجيشُ الأمريكي عندما احتلَّ بغدادَ اصطحبَ معه جيشاً من المصوّرينَ؛ حتى يوثّقَ اختلالَه كما يريدُ، وكذلكَ استخدمتْ الحكومةُ الإسرائيليةُ صوَرَ الفلسطينيينَ الرعاةِ، والمناطقِ والمساحاتِ الفارغةِ قبلَ وأثناءَ احتلالِها للضفةِ الغربيةِ؛ حتى تنقلَ صورةً مغايرةً للواقعِ؛ رغمَ أنّ الحضارةَ الفلسطينيةَ في المُدنِ كانت عامرةً ومزدهرةً، وقد أُقيمَ أولُ مصنعٍ لتجميعِ السياراتِ قبلَ النكبةِ في مدينةِ يافا؛ والتي شهِدتْ أيضاً ازدهاراً تجارياً”.
أمّا عن توثيقِ التراثِ فيُنهي حديثَه قائلاً:” هي معركةٌ شخصيةٌ أقودُها من أجلِ تحقيقِ الانتصارِ فيها؛ ولا أقبلُ فيها إلّا النصرَ أو النصرَ؛ بالرغمِ من كلِّ الصعوباتِ والإحباطِ والعراقيلِ التي تُصاحِبُ المشروعَ، ورغمَ معرفةِ الكثيرِ بالمخاطرِ التي يتعرضُ لها التراثُ والثقافةُ الفلسطينيةُ عموماً؛ إلا أنني مستمرٌّ في المشروعِ.. ويوماً ما سيَعرفُ الجميعُ قيمتَه” .