ابني ورِفاقُ السوءِ :

يجيب على تساؤلاتكم الدكتور: جواد الشيخ خليل
أنا أبٌّ أبلُغُ من العمرِ (45) عاماً، مُشكلتي مع ابني الأكبرِ ( 18) عاماً؛ يشغلُ بالي وتفكيري بسببِ رفقتِه لأبناءِ الجيرانِ، ويجلسُ معهم لساعاتٍ ولوقتٍ متأخّرٍ، فلاحظتُ تغيُّراً كبيراً على سلوكِه؛ فهو أصبح يَرُدُّ في وجهي أنا ووالدتُه! وأحياناً يضربُ أختَه، ويَمنعُها من الخروجِ أو استخدامِ الجوالِ، هذا ما طَرأ عليه بعدَ تعرُّفِه عليهم ! فمنعتُه من مرافقتِهم، وحرمتُه من المصروفِ، وأحياناً عندما يتطاولُ عليَّ أفقِدُ أعصابي وأضرِبُه.. عجزتُ عن التصرّفِ معه.. ما هو الأسلوبُ الصحيحُ للتعاملِ معه؟
عزيزي صاحب المشكلة:
في هذا السنِّ، غالباً ما يسعى الأبناءُ إلى الاستقلاليةِ عن الآباءِ، فنَجِدُهم دائماً يتمسّكونَ بآرائهِم، ويُعارضونَ آراءَ آبائهم! ويَخرجونَ عن النمَطِ المألوفِ للأسرةِ! ويخالفونَ ما هو طبيعيٌّ ومعتادٌ عليه؛ في محاولةٍ مستمرةٍ منهم لإثباتِ الذاتِ، والتعبيرِ عن تواجُدِهم كَكيانٍ مستقلٍّ.. إنها مرحلةُ التمرُّدِ التي يَمرُّ بها معظمُ الأبناءِ، والتي يحاولونَ فيها تلبيةَ احتياجاتِهم الخاصةِ بطريقتِهم الخاصةِ، فهُم يَرونَ أنّ الآباءَ على خطأٍ، وأنّ هناك فجوةً كبيرةً بينَهم، حتى أنّ لغةَ الحوارِ مختلفةٌ؛ لِذا يجبُ على الأسرةِ معرفةُ الخصائصِ المعرفيةِ والسلوكيةِ والوجدانيةِ لهذه المرحلةِ، ويجبُ استيعابُ التصرفاتِ، ومراعاتُها، وعدمُ رفضِها جميعاً؛ بل التعاملُ معها على أنها مرحلةٌ مؤقّتةٌ، مع المحاولةِ غيرِ المباشرةِ لتهذيبِها، فمَثلاً يجبُ عدمُ الرفضِ المُطلَقِ للأصدقاءِ؛ لأنّ الرفضَ يعني الإصرارَ من قِبَلِ الأبناءَ على اختيارِهم، كما أنهم يدافعونَ عن جميعِ اختياراتِهم، فيجبُ على الآباءِ أنْ يتعاملوا مع الأبناءِ في هذه السنِّ على أنهم أصحابُ مسئولياتٍ، ويشارِكوهم في القراراتِ التي تتعلقُ بالأسرةِ، والأخذِ بآرائهم حتى يشعروا أنهم أصحابُ رأيٍّ وكيانٍ، كما يجبُ إعطاءُ مساحةٍ أكبرَ من الثقةِ للأبناءِ، مع المتابعةِ والتوجيهِ غيرِ المباشرِ، ويجبُ أنْ نبتعدَ عن المواجَهةِ المباشرةِ أو النصيحةِ المباشرةِ، ولكنْ في نفس الوقتِ؛ يجبُ علينا تعديلُ السلوكِ بطريقةٍ لا نُشعِرُهم فيها أنهم على خطأٍ، وأنْ نستمعَ لهم باستمرارٍ؛ حتى نَكونَ الوعاءَ الذي يحتوي مشاعرَهم، ويستوعبُ أخطاءَهم، يجب علينا أنْ نبتعدَ عن الضربِ، وخاصةً في هذه المرحلةِ؛ لأنها غيرُ مُجدِيةٍ، وقد تأتي بنتائجَ عكسيةٍ، وخاصةً أنّ هدفَنا تعديلُ السلوكِ لا الانتقامُ من أبنائنا، وفي هذه بالذاتِ، يجبُ التعاملُ معهم بحذرٍ؛ حتى نَخرُجَ بأبنائنا إلى برِّ الأمانِ.