طفلي شديدُ الخوفِ من كلِّ شيء :

تجيب عن الاستشارات
الاخصائية النفسية / علا النوري
أنا امرأةٌ متزوجةٌ، أبلغُ من العمرِ(35) عاماً، لديَّ ثلاثةُ أولادٍ الأوسطُ يبلغُ سِتَ سنواتٍ؛ لكنه مختلفٌ عن إخوتِه؛ فهو شديدُ الخوفِ من كلِّ شيءٍ؛ يرفضُ الذهابَ إلى المدرسةِ وحدَه! ويرفضُ الجلوسَ مع إخوتِه في البيتِ وحدَه! وعندما أسألُه يُخبرُني بأنه يخافُ.. وأحياناً أجدُه ينامُ بجانبي، فأنقلُه إلى غرفتِه، وأينما أكونُ يَتبعُني.. أرشدوني ماذا أفعلُ ؟
عزيزتي الأم، بدايةً يجبُ التفريقُ بينَ نوعينِ من الخوفِ؛ الخوفُ الموضوعي، وغيرُ الموضوعي؛ أمّا الموضوعي، فهو المخاوفُ المحسوسةُ التي يعبّرُ عنها الطفلُ بوضوحٍ، وتكشِفُها الأمُّ بسهولةٍ، وقد يكونُ لها مصادرُ حقيقةٌ مِثلَ: خوفِه من (العسكري)، أو من المدرسةِ، أو أصواتِ الحيواناتِ.. وما إلى غيرِ ذلك، وقد تكونُ عامةً أو غيرَ محدّدةٍ مِثلَ: خوفِ الطفلِ من الكلبِ؛ لأنّ أمَّه تخشاهُ، ولا تحبُ رؤيتَه، وليس لأنه يخشاهُ من نفسِه، وخوفُه من الطبيبِ؛ لأنه رأى والدتَه أو شقيقتَه تتألمُ عندَ إعطائها (حقنةً)؛ فإنه بالتالي يصرخُ بمُجردِ رؤيتِه للطبيبِ؛ لأنه ارتبطَ في ذهنِه بالألمِ الذي سبَّبه لهما؛ أي أنّ الطفلَ بطبيعتِه يمتصُّ خبراتِ الآخَرينِ التي شاهدَها، وتترسّبُ في أعماقِه؛ فيخافُ من كلِّ الأشياءِ التي يعتقدُ إنها تخيفُ من حولَه، و أمّا غيرُ الموضوعيةِ مِثلَ: خوفُ الطفلِ من الزوارِ، أو امتناعُه من الكلامِ خشيةَ الخطأِ والنقدِ من والدَيه، فإنها تَرجعُ إلى ضعفِ ثقتِه بنفسِه، وعدمِ شعورِه بالأمنِ والطمأنينةِ نتيجةَ انتقادِ مَن حولَه لمخاوفِه وسُخريتِهم منها، ومقارنتُه دائماً بأقرانِه، وإشعارِه بضآلتِه. كما قد تكونُ نتيجةَ قلقِ الوالدَينِ وعصبيتِهم وتدليلِهم الزائدِ، وخوفِهم عليه، وشجارِهم أمامَه باستمرارٍ؛ ما يُشعِرُه بعدمِ الاستقرارِ، وبحاجتِه للدفءِ العاطفي والحبِّ المفقودِ في أسرتِه، وعلى ذلك فنصيحتي لكِ أنْ تحيطي أطفالَك بالحنانِ والرعايةِ والحزمِ عندَ اللزومِ، ومناقشةَ دوافعِ الخوفِ معه، وعدمَ الهربِ من مناقشةِ مخاوفِ الطفلِ، ومحاولةَ إقناعِه بحقيقةِ الأمورِ توضيحاً له، ومراقبتَه لمعرفةِ النتيجةِ، وفي نفسِ الوقتِ عليكِ تعليمُه الاعتمادَ على النفسِ كلّما أمكنَه ذلك، وإشعارُه بالتقديرِ إذا أحسنَ التصرفَ، وإفهامَه خطأَه بهدوءٍ دونِ انفعالٍ، وعدمُ السخريةِ من مخاوفِه، أو الضحكِ عليه أمامَ الآخَرينَ، أو مقارنتِه بزملائه ممّن هم في سِنه.
كما أنّ عليكِ إبعادُه عن مثيراتِ الخوفِ مِثلَ مشاهدةِ أفلامِ العنفِ والجريمةِ، والامتناعِ عن سرْدِ الحكاياتِ الخياليةِ مِثلَ الساحرةِ والشريرةِ، وكذلك حثُّه على التقرّبِ إلى اللهِ، والاستعانةِ به في وقتِ الشدّةِ.؛ حتى يَنعمَ بهدوءِ البالِ والاستقرارِ النفسيّ، ويعيش مطمئناً سعيداً.