Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اجتماعيةتحقيقات

قياداتٌ شابّة : المطلوبُ تجاوزُ الحواجزِ  الحزبيةِ وتفعيلُ معيارِ الشفافيةِ والمسؤوليةِ    

همومُ النساءِ مُشترَكةٌ؛ ولكنّ جهودَهُنَّ مبعثرةٌ وضائعةٌ

 

تحقيق : ديانا المغربى

هي الأرضُ وإنْ ضاقتْ رحابُها ، همومُها قاعدةُ الحياةِ ومِحوَرُها، سلوكُها مُنظِّمُ الحياةِ على الكوكبِ ، طموحُها تعديلُ المسارِ ودعمُ الهيِّنِ، وتعزيزُ القويّ ، باختصارٍ هي امرأةٌ مختلفةٌ عن النساءِ؛ حتى في همومِها العاديةِ ومعادلةِ حياتِها اليوميةِ، رُزقتْ حبَّ “غزة ” وهمومَها غيرَ العاديةِ تعيشُ عِلّى بوصلةٍ لا تَرسمُها، تجلسُ تحتَ السماءِ؛ لتتلقَّى ما كتبَه ربُّ السماءِ.

وعلى الرغمِ من أنَّ النساءَ الغزياتِ متشاركاتٌ في الهَمِّ الوطنيّ والحياتيّ؛ إلّا أنّ الجهدَ النسائيَّ المبذولَ من قِبلِ الأحزابِ والمؤسساتِ النسائيةِ؛ يفتقدُ روحَ التواصلِ والتعاضدِ والجهودِ المشتركةِ .”السعادة ” تناقشُ همومَ النساءِ من منظورهِن، وتبحثُ معهُنَّ عن سببِ ضياعِ الجهدِ النسائيّ، وغيابِ القواعدِ المشترَكةِ رغمَ تَشارُكِ وتَشابكِ الهمومِ .     

المهندسةُ “منى سكيك” القياديةٌ في الحركةِ النسائيةِ الإسلاميةِ، تقولُ لـ”السعادة” : الهَمُّ الأولُ الذي يقعُ على عاتقِ المرأةِ الحمساويةِ،  وتراهُ من الأولويات في منظورِها؛ هو بناءُ الإنسانِ ( تربيةُ الجيلِ وصناعةُ القائدِ للوصولِ للهدفِ الأسمى وهو التحريرُ ) من ضِمنِها أيضاً بناءُ المرأةِ لنفسِها، وتطويرُها لذاتِها، وتمكينُها لنفسِها علمياً واجتماعياً وثقافياً وسياسياً؛ حتى تستطيعَ أنْ تواكبَ المسؤوليةَ المُلقاةَ على عاتقِها، وتصلَ إلى صناعةِ القرارِ جنباً إلى جنبٍ مع الرجلِ في تنميةٍ مستدامةٍ لمجتمعٍ يحتاجُ إلى رافعةٍ ونهوضٍ به؛ تشتركُ فيه جهودُ المرأةِ والرجلِ على حدٍّ سواء.

همومٌ مشترَكةٌ ولكنْ

وتضيفُ: إلى جانبِ ذلك هناك همومٌ غيرُ عاديةٍ؛ خلقتْها الحالةُ الفلسطينيةُ؛ تتركزُ في الحصارِ وتبِعاتِه من بطالةٍ وجوعٍ وقهرٍ وغيابٍ للتنميةِ والتطويرِ لكُلِّ أوجُهِ الحياةِ الممكِنةِ؛ وهذه _حسبَ تصنيفِنا_ همومٌ فوقَ العاديةِ لامرأةٍ غيرِ عاديةٍ قادرةٍ على أنْ تَعَضَّ على الجراحِ؛ لأنها تعرفُ الهدفَ الحقيقَ، وتصوِّبُ بوصلتَها نحوَه؛ التحديات فتُذلِّلُ العقباتِ تنجحُ مرةً.. وتفشلُ مرّتينِ؛ ولكنْ تحاولُ الاستمرارَ .

وترى “سكيك” أنه من الصعبِ إيجادُ أرضيةٍ مشترَكةٍ تَجمعُ جميعَ الجهودِ؛ فالأمرُ يحتاجُ إلى إعادةِ صياغةِ الوعيِ عندَ النساءِ؛ وخاصةً صُناعَ القرارِ في الأحزابِ المختلفةِ؛ لتَقبُّلِ الآخَرِ لمحاولةِ الانطلاقِ إلى مصالحةٍ مجتمعيةٍ تعيدُ لُحمةَ المجتمعِ الواحدِ ذي الظروفِ المشترَكةِ؛ ثُم بعدَها يُمكِنُنا أنْ نقولَ أنّ البحثَ عن أرضيةٍ مشترَكةٍ للعملِ والجهدِ النسائي القائمِ على قاعدةِ خدمةِ أبناءِ الشعبِ، فليس هناك أكثرَ من المرأةِ إحساساً ومعاناةً ومسؤوليةً،  وهي الأقدرُ على الحلِّ وجَسْرِ الهوّةِ والفجوةِ؛ لتقدّمَ أفضلَ ما عندَها؛ لو اجتمعوا بإرادةٍ سياسيةٍ حقيقةٍ، وهدفٍ وطنيٍّ واحدٍ بعيدًا عن المصالحِ والحصصِ.

وطالبتْ “سكيك” المرأةَ الفلسطينيةَ بكافةِ أطيافِها أنْ تثورَ لتُجبِرَ صناعَ القرارِ على احترامِ رغباتِها ومَطالبِها، فهي الأُولى في دفعِ الثمنِ، ثُم عائلتُها واستقرارُها وأمنُها ، وهي الجبهةُ الداخليةُ الداعمةُ والتي تصنعُ النسيجَ الحقيقَ للمجتمعِ وتُوجِّهُه.

 

معاناةٌ مضاعَفةٌ

أمّا الدكتورة “عبير ثابت” القياديةُ بحركةِ فتح فتقولُ لـ”السعادة” : “تعدُّ المرأةُ الغزيةُ جزءاً من الكُلِّ، ولا يمكنُ فصلُها عن المجتمعِ، وأيُّ تأثيراتٍ سلبيةٍ أو إيجابيةٍ إنما تقعُ عليها بشكلٍ مضاعفٍ؛ نتيجةَ المَهامِّ المضاعَفةِ التي تمارسُها ، فالظروفُ السياسيةُ منحتْها شخصيةً مغايرةً، و فرصةً للمشارَكةِ في مناحي الحياةِ المختلفةِ، ولكنها لم تمنحْها حقوقَها؛ ما أدَّى إلى مراوحةِ المرأةِ مكانَها، ولم تتمكنْ من الوصولِ  إلى ما تصبو إليه قياساً مع مكانتِها و دورِها كأمٍّ ومربيةٍ وصانعةِ أجيالٍ، وكذلك عاملةٍ مشارِكةٍ للرجلِ في كافةِ المجالاتِ الحياتيةِ، وحاملةٍ للهمومِ الخاصةِ والعامةِ من مشاكلِ الفقرِ والبطالةِ والحصارِ ونقصٍ في الماءِ والكهرباءِ وفُرصِ العملِ؛ وكافةِ القضايا التي أفرزَها الانقسامُ الفلسطينيّ.

وتضيفُ: تنقسمُ همومُ النساءِ إلى نوعينِ: الأولِ يسبِّبُه المجتمعُ الذكوريّ، والثقافةُ والسلوكُ الذي لا ينظرُ لها كشريكةٍ وصانعةٍ للقرارِ، ويدعوها للقيامِ بواجباتِها، ويمنعُ عنها حقوقَها في المساواةِ والمشارَكةِ مع الرجلِ في الكثيرِ من الوظائفِ والمواقعِ العامةِ، وأهمُّها عدمُ مشاركتِها في ملفِ المصالحةِ الذي ينعكسُ تعطيلُه على المرأةِ بشكلٍ خاص؛ ما يعيقُ دمجَ المرأةِ في عمليةِ التنميةِ، ويعطّلُ إمكانيةَ أنْ تؤثّرَ في رسمِ السياساتِ ، والنوعِ الثاني هو  الاحتلالُ الإسرائيليّ وما تتعرضُ إليه من انتهاكاتٍ: كعدمِ السماحِ لها بالسفرِ والعلاجِ، والاعتقالِ، والقتلِ، والقصفِ، وهدمِ المنزلِ، واعتقالِ الزوجِ، علاوةً على العاداتِ والأعرافِ، وعدمِ وعيِ المرأةِ بحقوقِها، وعدمِ إدراكِها لإمكانياتِها وقوةِ تأثيرِها وإدراكِها لأهميةِ دورِها في المجتمعِ؛ في ظِل غيابِ المؤسساتِ الديمقراطيةِ؛ ما عزّزَ التمييزَ ضدَّ المرأةِ .

فرصةٌ حقيقةٌ

وترى “ثابت” أنّ الوقتَ الحالي والمأزومَ فرصةٌ للحقيقةِ والبحثِ عن قاعدةِ عملٍ مشترَكةِ للكُلِّ النسائي؛ التي تتطلبُ من الجميعِ ضرورةَ  التخلّي عن عباءتِها الحزبيةِ أو المؤسسيةِ، وتشكيلِ جسمٍ نسائيّ نخبَويّ يضمُ كافةَ التشكيلاتِ النسائيةِ؛ يعملُ على انتزاعِ حقوقِ المرأةِ، وإعدادِ خُطةٍ إستراتيجيةٍ تُحدِّدُ الأهدافَ العامةَ لكُل النساءِ دونَ تمييز، مع توفيرِ قاعدةٍ معلوماتيةٍ، والبحثِ في مشاكلِ المرأةِ الغزيةِ؛ بحيثُ تتمكنُ من وضعِ سياساتٍ تتجاوبُ مع هذه المشاكلِ؛ ما يعملُ على حلِّها ودمجِها _فيما بعدُ_ في كافةِ المجالاتِ، والضغطِ على السلطةِ الوطنيةِ بتطبيقِ القراراتِ الخاصةِ بالمرأةِ بشكلٍ فعليّ، وضمانِ نظامِ (الكوتة) في الانتخاباتِ، وإعادةِ النظرِ في قانونِ الانتخاباتِ الحالي؛ على قاعدةِ الدائرةِ الواحدةِ، والتمثيلِ النسبيّ، والمطالبةِ بتوسيعِ مشاركةِ المرأةِ في إنهاءِ الانقسامِ والمصالحةِ المجتمعيةِ، والضغطِ على الأحزابِ والقوى السياسيةِ؛ لإبرازِ قضايا المرأةِ في خطابِها الحزبي، وتوسيعِ مشاركتِها في الأُطرِ القياديةِ على مختلفِ المستوياتِ، ودعوةِ  مؤسساتِ المجتمعِ المدَنيّ لتعزيزِ مشاركةِ المرأةِ في أُطرِها القياديةِ، وفى مركزِ صُنعِ القرارِ.

وكذلك تحسينُ صورةِ المرأةِ في الإعلامِ، وإبرازُ الأدوارِ التي تقومُ بها، ومساهمتُها في الحياةِ العامةِ، ومحاربةُ كلِّ ما هو سلبيٌّ في العاداتِ والتقاليدِ التي تتجنّى على المرأةِ ومكانتِها، والعملُ مع الجهاتِ المختصةِ بإعادةِ النظرِ في المناهجِ التعليميةِ التي تساهمُ في تنميةِ الوعيِ؛ خاصةً فيما يتعلقُ بتعميقِ مفاهيمِ الديمقراطيةِ وحقوقِ الإنسانِ.

غياب الاستراتيجية

في حين تقولُ القياديةُ في حركةِ الجهادِ الإسلامي “آمنة حميد” :” إنّ أهمَ وأبرزَ همومِ المرأةِ الغزيةِ تكمنُ في عدمِ الاستقرارِ الأمنيّ؛ كونَها مهدَّدةً في أيِّ لحظةٍ بفَقدِ طرفٍ من أطرافِها أو حياتِها بشكلٍ كاملٍ، أو معرّضةً _بين طَرْفةِ عينٍ وأخرى_ لأنْ تفقدَ ابنَها أو زوجَها أو أباها أو أخاها؛ كونَها اللبنةَ الأساسَ والمكونَّ الرئيسَ للمجتمعِ الذي يدعمُ ويتبنّى نهجَ المقاومةِ, وقد يكونُ هناك منغِّصاتٌ ومحاولاتٌ عديدةٌ لتكسيرِ جهودِ المرأةِ وتركيزِها على هذه النقطةِ تحديداً باختلاقِ أزماتٍ تُلقَى في النهايةِ أحمالُها على كتفِ المرأةِ؛ من قطعِ التيارِ الكهربائي، وتشديدِ الحصارِ، أو حتى محاولاتِ خصمِ الرواتبِ التي تتحملُ المرأةُ أيضاً بعدَها مهِمةً أصعبَ؛ وهي أقلَمةُ و موازنةُ مصاريفِ المنزلِ على نسبةِ الراتبِ الجديدةِ.

وتضيفُ:” كلُّ هذه المحاولاتِ ليست إلّا إشغالاً للمرأةِ الفلسطينيةِ عن دورِها الرئيسِ في تربيةِ النشءِ تربيةً إسلاميةً قويمةً؛ تتناغمُ مع نهجِ المقاومةِ، بالإضافةِ إلى القضاءِ على فكرةِ الثباتِ والرباطِ على هذه الأرضِ، وكلُّ هذه المنغّصاتِ وسِواها لم تكنْ سِوى أدواتٍ يضغطُ بها الاحتلالُ على حياةِ الناسِ الغزيينَ، ولا يتحمّلُ أعباءَها أحدٌ؛ بقدْرِ تَحمُّلِ المرأةِ الغزيةِ لذلك.

وترى “حميد” أنّ أرضيةَ توحيدِ وتجميعِ الجهودِ للعملِ النسائي بكلِّ التياراتِ والفصائلِ موجودةٌ؛ لكنّ غيابَ الإستراتيجيةِ الموَحدةِ هو الذي يعملُ على تشتيتِ الجهودِ, لو اتخذْنا _مبدئياً_ الأجندةَ التاريخيةَ الفلسطينيةَ لأبرزِ الأيامِ الفلسطينيةِ التاريخيةِ والمفصليةِ في تاريخِ القضيةِ الفلسطينيةِ؛ لوجدْنا  أرضيةَ عملٍ جاهزةً تخدمُ التنوّعَ الفكريّ والسياسيّ لكُل التياراتِ، مع إمكانيةِ تلوينِ الحدَثِ بأكثرَ من صبغةٍ فصائليةٍ؛ ما يعملُ على تحسينِ صورةِ التضامنِ النمطيةِ على مدارِ السنواتِ الماضيةِ؛ كما يصُبُّ في استثمارِ اللقاءاتِ لتقريبِ وِجهاتِ النظرِ، وتصفيةِ ما يسمّى (فزّاعة) الانقسامِ.

حالةٌ نسوية متفردةٌ

في حين بدتْ الدكتورة “مريم المزين” قياديةٌ سابقةٌ في الجبهةِ الشعبيةِ، أكثرَ تفاؤلاً بقدراتِ النساءِ الغزياتِ اللواتي عِشنَ مراحلَ طارئةً،  وظروفاً صعبةً، وحروباً أكلت الأخضرَ واليابسَ على الأقلِّ في طاقاتِهنّ.. ومع ذلك هنّ مستمراتٌ في عملهِنَّ وجهودِهنَّ من أجلِ رفعةِ المرأةِ في كافةِ المجالاتِ .

وتضيفُ: في غزةَ وحدَها هناك سيدةٌ مكلومةٌ قادرةٌ على أنْ تقدّمَ العونَ والمساندةَ لامرأةٍ مكلومةٍ أخرى؛ وهذا يعودُ لأننا أمامَ حالةٍ نسائيةٍ متفردةٍ بظروفِها وإمكانياتِها وقدراتِها، وكلِّ ما تحتاجُه لتوحيدِ الجهودِ هو فصلُ قرارِها النسائي داخلَ الأحزابِ المختلفةِ عن سلطةِ الرجالِ، و اتخاذُ القرارِ السليمِ نحوَ توحيدِ الجهودِ .

وترى “المزين” أنّ المطلوبَ من النساءِ _كخطوةٍ أولى_ توحيدُ المَطالبِ الأساسيةِ للنساءِ أجمعَ،  ثُم وضعُ كافةِ الأحداثِ والاحتياجاتِ والمطالبِ والأهدافِ المشترَكةِ للجميعِ ضِمنَ خُطةٍ وطنيةٍ شاملةٍ؛ تقومُ على مبدأ الرفعةِ للمرأةِ والتواصلِ معها؛ لإيصالِها إلى الموقعِ الذي نريدُه جميعاً بعيداً عن كلِّ الاملاءاتِ الخارجيةِ المرتبطةِ بالتمويلِ وسلطةِ الرجلِ والحزبِ .

وتطالبُ “المزيّن” القياداتِ النسائيةَ بالرجوعِ إلى الأسبابِ التي فرّقتْ الجهدَ النسائيّ؛ وعلى سُلّمِها اختلافُ الهمِ الوطنيّ للنساءِ، وعلاقةُ التناحُرِ والتنافسِ بين المؤسساتِ النسائيةِ  التي لا تخدمُ الحركةَ النسائيةَ، ولا قضاياهم ولا همومَهم ،و أثرُ ذلك على الثقةِ الجماهيريةِ لهذه المؤسسات ، مؤكّدةً أنّ معالجةَ هذه الإشكالياتِ ستعيدُ إلى الحركةِ النسائيةِ _بلَونِ الطيفِ السياسيّ_ رونقَها وثِقلَها وعطاءَها.

همومٌ غيرُ عاديةٍ

من جانبِها تقولُ الكاتبةُ و الباحثةُ هداية شمعون لـ”السعادة” : همومُ الغزياتِ غيرُ عاديةٍ، و هنالك العديدُ من الدراساتِ والأبحاثِ التي تناولتْ قضايا المرأةِ الفلسطينيةِ في كافةِ المجالاتِ؛ ركّزتْ على العنفِ المَبني على النوعِ الاجتماعيّ: كالحرمانِ من الميراثِ، الزواجِ المبكرِ، انتهاكاتِ ذواتِ الإعاقةِ، وقضايا القتلِ، والحرمانِ من التعليمِ، بالإضافةِ إلى قضايا أخرى لها علاقةٌ بواقعِ النساءِ في قطاعِ غزةَ؛ والتي ترتبطُ بالانتهاكاتِ لخصوصيةِ النساءِ في حقِّهِنَّ في الحركةِ والتنقلِ والسفرِ خارجَ حدودِ قطاعِ غزةَ .

إضافةً إلى ذلك كلِّه اضطرارُ الكثيراتِ للعملِ في ظروفٍ غيرِ ملائمةٍ، وبأجورٍ متدَنيّةٍ تجعلُهنَّ عرضةً للتمييزِ والاستغلالِ، ولا نَغفُلُ عن القضايا الشائكةِ والمرتبطةِ ببيئةِ الانقسامِ، وقسوتِه على النساءِ، وجعلِهنَّ فريسةً للانتهاكاتِ وفقدانِ الشعورِ بالاستقرارِ والأمنِ والأمانِ.

ويضافُ لذلك جملةُ الآثارِ النفسيةِ والاجتماعيةِ القاسيةِ التي ترتبتْ على مواجهةِ النساءِ لثلاثِ حروبٍ جعلتْ النساءَ ضحايا في مقامٍ اجتماعيّ لا ينتشِلُهنَّ من أوجاعِهنَّ بقدْرِ ما تضيفُ عليهنّ تضييقاتٍ أكثرَ قسوةً وانغلاقاً بتشريدِهنَّ من بيوتِهنّ، وانتهاكِ خصوصيتِهنَّ؛ فأصبحنَ يفكِرنَ فقط بالتكيفِ السلبيّ، والبحثِ عن لقمةِ العيشِ بأدنَى الخياراتِ المتاحةِ.

وترى “شمعون” أنّ النساءَ الفلسطينياتِ يتشاركنَ في المعاناةِ والوجعِ؛ بدءاً من كلِّ ممارساتِ الاحتلالِ الإسرائيليّ بالقتلِ والإرهابِ والحصارِ والإغلاقِ  والحرمانِ من تلَقي الخدماتِ الأساسيةِ، إلى الانتهاكاتِ التي تَبعتْ الانقسامَ الفلسطينيّ .

انقساماً ايدلوجياً

وتضيفُ:” الانقسامُ لم ينَلْ من المسؤولينَ فحسْب؛ بل وصلَ البيتَ النسائي.. فهنالك من هنَّ محسوباتٌ على الحركةِ الإسلاميةِ والأحزابِ اليساريةِ والعلمانيةِ، وهنالك جيلٌ بأكملِه لا ينتمي لأحزابٍ أو مؤسساتٍ، فبات هنالك مساراتٌ متعددةٌ للعملِ النسائي المؤدلجِ، والذي تَتبعُ فيه النساءُ قياداتِهنَّ.

وترى “شمعون” أنه من غيرِ المنطقي أنْ نعتقدَ أنّ هنالكَ إمكانيةً لتحقّقَ النساءُ في هذه الرؤيةِ؛ ما لم تتمكنْ كافةُ الأحزابِ والأُطرِ والحكومتينِ تحقيقَه؛ لأنه للأسفِ ألقى بظلالِه على جهودِ النساءِ ، ورغمَ ذلك كانت للنساءِ _فعلياً_ قدرةٌ على المبادرةِ؛ فنزلنَ للشارعِ، ورفضنَ الانقسامَ، ولكنهنّ بالكادِ سمحَ لهنّ النظامُ الأبويُّ المتمثلُ بالأحزابِ السياسيةِ بالمشاركةِ في الحواراتِ الوطنيةِ، وغابت النساءُ عن اتفاقاتِ المصالحةِ على المستوى الرسمي.

وتتابعُ: لا أتوقعُ على المستوى القريبِ تغييراً للمنظومةِ الفكريةِ والثقافيةِ للنساءِ،  وأنْ يكونَ هنالك جهدٌ مشتركٌ واحدٌ؛ لأنه في حقيقةِ الأمرِ صعبُ التحقيقِ؛ إلّا إذا تجاوزتْ النساءُ كلَّ الحواجزِ التابوهات الحزبيةِ، واللونِ السياسيّ والحزبيّ، وفكّرنَ فقط بقضايا النساءِ الفلسطينياتِ بكلِّ شفافيةٍ ومسؤوليةٍ، حينها فقط يمكنُ أنْ يكونَ هنالك أملٌ في التغييرِ الحقيقِ، وتقديمِ أنموذجٍ إيجابيٍّ نسويٍّ وطنيٍّ، ولكنه بحاجةٍ لمن يملكُ الإرادةَ والمبادرةَ والرؤيةَ الصائبةَ.

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى