Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
مقالات

ماذا أَدرسُ ؟

بدايةً، قد تتزامنُ كلماتي مع إعلانِ نتائجِ الثانويةِ العامةِ، أو بعدَها بقليلٍ، و على كلِّ حالٍ فأَلفُ مبارَكٍ للناجحينَ ومَن وفَّقَهم اللهُ ، وكلُّ الدعمِ والمساندةِ للآخَرينَ منهم ، لكنّ حوارَنا اليومَ حولَ

سؤالٍ يدورُ في خلدِ الناجحينَ في الثانويةِ العامةِ وذَويهِم؛  وهو ماذا أَدرُسُ ؟ وأيُّ التخصُّصاتِ لها مستقبلٌ ولها فرصةٌ ؟ وماذا يناسبُني ويتّفقُ مع قدراتي وطموحاتي ؟ . وما دورُ الآباءِ في اختيارِ التخصُّصاتِ لأبنائهم ؟  فالبحثُ عن وظيفةِ نهايةِ الطموحِ وسقفِ الأمنياتِ.. ؛ وهي أسئلةٌ مشروعةٌ ويجبُ التفكُّرُ فيها والوقوفُ عندَها .

في الواقعِ أنّ اختيارَ التخصصِ المناسبِ لطلابِ الثانويةِ العامةِ يحتاجُ إلى معاييرَ وضوابطَ يجبُ على طلابِنا أنْ يتّبِعوها ويطبّقوها بشكلٍ جيّدٍ وواعٍ ، والتي تبدأُ بمعيارِ الرغبةِ ، فعلى الطالبِ أنْ يَدرُسَ ما يرغبُ، وما يعتقدُ أنه سيُبدِعُ فيه  ، ومرتبطٌ بالصورةِ الذهنيةِ المستقبليةِ المرسومةِ في عقلِه الباطنِ؛ ويرى نفسَه فيها بعدَ سِنيِّ الدراسةِ  ، وطبيعي أنْ ترتبطَ بشخصيةِ أبٍ يمارسُ ذاتَ المِهنةِ والتخصُّصِ، أو قدوةٍ خارجَ البيتِ من الأهلِ والأحبةِ ؛ كلُّ ذلك جميلٌ إنْ تَوافقَ مع رغباتِ وقدراتِ الأبناءِ وطموحاتِهم .

أمّا المعيارُ الثاني فهو القدرةُ.. ؛ وهي محطةٌ مُهمّةٌ وأساسيةٌ  تبدأُ بالقناعةِ والثقةِ أننا قادرونَ على تحقيقِ رغباتِنا ؛ حيثُ تنقسمُ إلى مَحاورَ  أوّلُها : تحصيلُنا و قدراتُنا العلميةُ  التي تؤهِّلنا لذلكَ التخصصِ؛ وهذه مرتبطةٌ _للأسفِ_ بشكلٍ كاملٍ بِمُعدّلِ الثانويةِ العامةِ؛ أمّا ثانيها فهي القدراتُ الحياتيةُ والمهاراتُ الناعمةُ التي نمتلِكُها ؛ وهي مهاراتٌ مسانِدةٌ وداعمةٌ تجعلُنا أكثرَ نجاحاً وقدرةً على تحقيقِ الأمنياتِ، وبلوغِ أعلى الدرجاتِ .

وثالثُها : المظهرُ العامُّ و اللباقةُ في الملبسِ والشكلِ العام؛  وإنْ عدَّها البعضُ مهاراتٍ ناعمةً أيضاً؛ لكنْ أطرحُها هنا كمعيارٍ منفردٍ لأهميتِها؛  فلا يمكنُ أنْ تكونَ ذا مظهرٍ جميلٍ وحضورٍ قويٍّ؛ و لا تستثمرُ هذه المنحةَ ، أو أنْ تكونَ طليقَ اللسانِ حاضرَ البديهةِ؛ و لا تبحثُ عن دراسةٍ  تعزّزُ ذلك .

أمّا المعيارُ الرابعُ، فهو الفرصةُ  ؛ وأعلَمُ كلماتِكم.. وأرَى التساؤلاتِ في عيونِكم؛ لتصرخَ في وجهي عن أيِّ فرصةٍ تتكلمُ! وبأيِّ منطقٍ تتحدثُ ! أقولُ لكم أحِبّتي بمنطقِ الواثقِ بفرجِ اللهِ، والمتوَكّلِ _عليهِ لكنْ بعدَ الأخذِ بالأسبابِ_ ، وهنا أقصدُ مساحاتِ الفرصةِ المُمكنةِ والتي تصنعُها أنتَ بنفسِك في قطاعٍ عامٍّ أو خاصٍّ، أو عملٍ حُرٍّ ذاتي، أو عبرَ مواقعِ التواصلِ الاجتماعي ، فالتخصُّص الذي يُهيّئُ كلَّ الفرصِ السابقةِ هو الأقوى والأعلى أولويةً لدراستِه؛ بشرطِ أنْ يتوافقَ مع رغباتِنا وقدراتِنا .

بقيَ أنْ نوَفّقَ بين رغباتِنا وقدراتِنا؛ والفُرصِ المتاحةِ، لنرتّبَ أولوياتِنا المستقبليةَ؛ ونحدّدَ خيارَنا الأمثلَ لننطلقَ ونغوصَ في التفاصيلِ؛  لكنْ من المستحيلِ إغفالُ دورِ الآباءِ في مساعدةِ الأبناءِ في الاختيارِ؛ لكنْ بتوازُنٍ وموضوعيةٍ، ودونَ إجبارٍ أو إكراهٍ تحتَ تأثيرِ المظاهرِ والمُسمياتِ والألقابِ الاجتماعيةِ، أو تأثيرِ الغيرةِ ممّن حولَنا ، اخرُجوا من دوائرِ المظاهرِ؛ وساهِموا في بناءِ أبنائكم واختيارِ الأمثلِ لهم؛  وخاصةً إنْ كان الابنُ تائهًا وغيرَ قادرٍ على الاختيارِ، أو متردّداً بينَ أكثرَ من تخصُّصٍ ، لكنْ بهدوءٍ وتأنٍّ بعيدًا عن القسوةِ والصراخِ أو الإجبارِ ، واستعينوا بأصحابِ الخبرةِ في الجامعاتِ والمؤسساتِ التعليميةِ .

قبلَ الختامِ، ألفتُ انتباهَ حضراتِكم إلى أنّ الدراساتِ المتوسطةَ والمِهنيةَ رائعةٌ وجميلةٌ، ولها مستقبلٌ لامعٌ؛ إنْ درسَها الطالبُ بحُبٍّ وقناعةٍ .

أخيراً لطلابِنا أقولُ : أدرُسْ ما تشاءُ؛ واحرِصْ على أنْ لا تكونَ رقماً إضافيًا في طابورِ الدارسينَ؛  ولكنْ كُن قِيمةً متقدّمةً في مجالِ الدراسةِ، بل احلَمْ دوماً أنْ تكونَ على رأسِ القائمةِ .

وربُّنا يوفّقُكم جميعً؛ا ويلهِمُكم حُسنَ الاختيارِ لخدمةِ ذواتِكم ووطنِكم ودينِكم ..

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى