Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
حوار

خالد صافي: صناعة المحتوى الهادف على السوشيال ميديا مهمة صعبة

محاربة المحتوى الفلسطيني سببا عزوفا بطرح القضايا الهامة

 

حوار  :ديانا المغربي

 

“إن تجرّأت على أن تكون مختلفاً، عليك أن تكـون مستعدّاً للمهاجمة”، هذه هي العبارة التي يمكن ان تلخص مسيرة ضيف “السعادة”، فهو منذ البدايات الأولى مختلف قبع على جبهة الاختلافات والتميز والتطور فترات طويلة كان فيها محط عداء او انتقاص ومحط اعجاب وتقدير ،لكنه كان صامدا فيما يعرف، مقداما فيما يملك من معلومات، مبادرا للتغيير، محبا للتطوير، صاحب رسالة وهدف لا تثنيه الثغرات ولا العقوبات ولا كثرة التفاصيل، اختار ان يكون ان يكون خالد وصافي بكل ما يعمله.

خالد صافي إعلامي يتمتع بروح شبابية وإيجابية عالية، محترف في التصوير الرقمي والتصميم والتدوين جاء من خلفية صحفية، ولديه القدرة على بناء الرؤية الاخراجية للمقاطع المرئية وتنضيد المواضيع على المواقع وصناعة المحتوى بما يلائم منصات الإعلام الاجتماعي.

نشأ وترعرع في مدينة خان يونس التي تحتل الكثير من انشطته وعلاقاته واهتماماته، متزوج من السيدة شيرين عبد الفتاح التي يقول عنها ” تسعدني بقدرتها على تفهم طبيعة عملي وانشغالي، وتبهجني بطبق (#عشا­_أبو_فارس) الشهير الذي يسيطر على منصة الانستغرام باستمرار، إضافة الى انها الشريكة والمربية ومسؤولة بيتي وحياتي.

يوميات أبو فارس

عمل في الصحافة والإعلام، في المجموعة الفلسطينية للإعلام، وإذاعة الأقصى، وفضائية القدس، وصحيفة الرأي، والمركز الشبابي الإعلامي، ومحاضرًا في الكلية الجامعية للعلوم التقنية، وقدم العديد من الدورات والمحاضرات في مجال الإعلام الاجتماعي بالتعاون مع معظم المؤسسات والمراكز والجمعيات في قطاع غزة ، قدم مجموعة من  البرامج الإذاعية المتخصصة عضو في  نقابة الصحفيين الفلسطينيين، و مجلس إدارة كتلة الصحفي، وعضو مجلس إدارة المدربين الفلسطينيين، وكتبت العديد من المقالات في الصحف والمواقع الإلكترونية، ضيفا شبه دائمً على الفضائيات والوكالات الإخبارية في التغطيات التي تتناول التقنيات الإعلامية و احتياجات الإعلام الجديد في فلسطين والعالم العربي.

يطوع كل قناة من حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي برسالة مختلفة، فحسابه على انستجرام لنشر صوره الشخصية ويومياته العائلية مع يعض الفوائد الحياتية والنصائح، اما حسابه على تويتر للتغريد عن الحملات الفلسطينية وأخبار القضية علاوة على القضايا العربية التي تلامس الاحداث والقضايا الإنسانية، أما حسابه على فيسبوك فهو للنقاش والحوار مع الأصدقاء في القضايا المحلية وصنع رأي عام مؤثر، في حين خصص قناته على يوتيوب للحديث المفصل بالأرقام والمعلومات والتحليل حول قضايا تقنية هامة.

يقول لـ” السعادة ” دخلتُ عالم مواقع التواصل الاجتماعي بعد العدوان على غزة في 2009 وكنت أعتقد أنها وسيلة فعالة لمخاطبة العالم عن الحق الفلسطيني، وطرحت الموضوع على عدد من المؤسسات الصحفية والإعلامية وكبار المسئولين في قطاع غزة، القليل منهم تجاوب بينما كان معظمهم يرى أن هذه المواقع ما هي إلا صناعة غربية ملهاة للشعوب، ولكن بعد ثورات الربيع العربي تغيرت وجهة النظر، وقتها كنت قد حصلت على دورة تدريبية حين تم اختياري من الأمم المتحدة لخوض تدريب مكثف لمدة شهرين في نيويورك وواشنطن حول استخدام الصحفيين الفلسطينيين لمواقع التواصل الاجتماعي للحديث عن القضية الفلسطينية بشكل أفضل، يبدو أن عنوان ومكان الدورة كان لهما تأثيرًا أفضل في تغيير وجهة نظر المؤسسات الإعلامية التي توجهتُ لها لتقديم الدورات والمحاضرات والمشاركة في المؤتمرات بأوراق علمية متخصصة .

علامة فارقة

وهذا ما صنع لي علامة فارقة واسمًا متخصصًا في هذا المجال، منذ 2013 حتى 2018 عملت على تدريب نحو 7250 شاب وفتاة من غزة في أكثر من 1000 ساعة تدريبية معتمدة على: سبل استثمار مواقع التواصل الاجتماعي وإنشاء المحتوى وإدارة الصفحات وتطوير الرسالة الإعلامية بما يناسب الجمهور المستهدف، وكنت سببًا في إلهام كثير من المؤثرين والمسئولين الفلسطينيين والفئات الواعدة في اختيار طريقهم والإبداع على منصات الإعلام الجديد.

ويضيف منذ اليوم الأول لدخولي علم السوشيال ميديا ومواقع التواصل أحطت نفسي بالأدوات اللازمة لأكون على اطلاع بالتحديثات والأخبار الجديدة، ولأن هدفي كان واضحًا أمامي وأسعى بشكل دائم لاستثمار هذه الأدوات لأجل الشرائح المهمشة في بلادي، كنت أجد في هذا النوع من العمل متعة، إلى جانب أن الطلب حولي كان مستمرًا على معرفة المزيد من آليات عمل هذه المنصات وطرق استثمارها، وكان الجميع يطرق بابي للسؤال وكأنني الخليل بن أحمد الفراهيدي حين أسس علم العَروض.

حول وجهة نظره عن أكبر مشاكل السوشيال ميديا في فلسطين يقول صافي :” انشغال الاشخاص سواء كانوا أفرادًا أو مؤثرين بالصراعات الجانبية والمواضيع المحلية على حساب القضية المركزية، ومخاطبة المساندين بالحقوق الفلسطينيين المنتهكة، إلى جانب سيطرة الأحزاب على طبيعة الأحداث وتغيرات المشهد، فلا يكاد المتابع يرى الصورة إلا من خلال من يتابعهم ويتفاعل معهم ممن هم أساسًا من محيطه ونفس فكره وتوجهه، وهذا من شأنه أن يصنع فقاعات إعلامية بلون منفرد حول كل شخص بعيدًا عن الصورة الكاملة بألوانها المتعددة ، وهذا تقريبا ما يجعل المحتوى الفلسطيني عرضة  للمحاربة اكثر من غيره  كون الرسائل متشابهة الى درجة كبيرة في الفكرة والكلمات و المحتوى.

ويستطرد يتعرض المحتوى الفلسطيني على الإنترنت عمومًا ومواقع التواصل الاجتماعي خصوصًا يتعرض لانتهاكات متواصلة، تتمثل في الحذف والتقييد وضعف الوصول والتفاعل، مما سبب في عزوف النشطاء والمؤثرين عن طرح القضايا الجوهرية أو التفاعل معها.

قوة المال

والحل الوحيد يكمن باننا بحاجة لقوة فاعلة من خلال جهات رسمية قادرة على التواصل مع الدوائر التنفيذية في هذه المنصات وصناع القرار وهذا بحد ذاته يحتاج الى تربة سليمة من صناع القرار تؤمن بأهمية السوشيال ميديا داخليا وخارجيا فالدفاع عن المحتوى الفلسطيني يتطلب تحرك على مستوى وزارة الاعلام والخارجية وجامعة الدول العربية والمستثمرين وأصحاب الشركات التجارية التي تخصص ميزانيات ضخمة للإعلان على هذه المنصات للضغط عليها ومساومتها، فهذه المنصات للأسف لا تفهم إلا لغة القوة، وتحديدا قوة المال.

وحول المعايير التي من خلالها يمكننا أن نفرق بين المحتوي الهادف والمحتوى الهابط يقول صافي:” الإضافة النوعية التي يقدمها المحتوى الهادف هي التي تجعله إيجابيًا بغض النظر عن عدد المتابعين والمتفاعلين، إلى جانب دوام نشره وقدرته على جذب المزيد من المتابعين، أيضا لابد أن يواكب طبيعة العصر ويجذب الشباب من مناطق اهتماماتهم لا أن يخاطبهم من مكان مرتفع بتعالٍ، مركزا على المبادئ والقيم ولا يسفه المشاهدين ولا يعتبرهم أتباع ولا يلغي عقولهم ولا يتسول إعجابهم.

ويوضح تحظى حسابات المشاهير بالكثير من المتابعين ولكن هذا لا يعني بالضرورة أن لديهم محتوى هادفًا، من المهم أن يركز أصحاب المحتوى الهادف على ديمومة النشر كي يصلوا للفئة المستهدفة ذلك أن الطريق أمام المحتوى الهادف أطول بكثير من المحتوى الهابط في الوصول، نظرًا للخوارزميات التي تتعامل مع المحتوى تبعًا لطبيعة الجمهور وتفاعله والمواضيع الأكثر تداولا، حيث تعرض الخوارزميات المحتوى المنشور على الجمهور وتقيس رد فعله إزاء كل محتوى على انفراد، في حال لقي المحتوى سرعة تجاوب وتفاعل تتولى المنصة مهمة نقله لآخرين وفتح المجال لإيصاله للعالم في ثواني معدودة.

العشوائية قوة

 

وحول اعتقاده إذا أن قطاع غزة او فلسطين بحاجة إلى قانون ناظم لعمل نشطاء السوشيال ميديا ينوه ان قوة مواقع التواصل الاجتماعي تكمن في عشوائيتها وحرية الأفكار المطروحة عبر منصاتها المختلفة، في حال ضرورة وجود قانون فهو لتنظيم العمل الإعلامي وتحديد مصادر الأخبار ومحاربة الشائعات ومحاسبة من يسيئون استخدام المنصات بالابتزاز الالكتروني أو التنمر أو تضليل الرأي العام، وليس القانون لإجبار الناس على طريقة نشر أو مواضيع نقاش دون غيرها.

ويواصل للحديث عن تجربته الشخصية في صناعة محتوى هادف يقول: “منذ فترة طويلة كانت تشغلني فكرة الظهور المرئي على يوتيوب، وطوال تلك الفترة كانت تتماثل لي معيقات مثل: ما هو نوع المحتوى الذي سأقدمه؟ وكيف يمكن أن أوفر المعدات؟ ومن أين أجد الوقت للإعداد والتجهيز والتصوير والإخراج؟

كلها كانت تحديات كبيرة وصعبة تحجّم من انطلاقي المرئي حتى جاء العدوان الأخير على غزة، وانطلقتْ معه موجة البث المباشر على انستجرام، وأخذتُ القرار بالمشاركة المرئية في التفاعل مع الأحداث، ومن بعدها وضعتُ الخطوط العريضة لقناتي على يوتيوب، وها أنا ذا في الشهر الأول أحصد نحو مائة ألف مشاهدة على عشر مقاطع نشرتها، وهي بداية مبشرة.

ويضيف متابعتي المزمنة لصناع المحتوى صقلت تجربتي قبل الانطلاق، فكانت الرؤية عندي واضحة والأسس التي سأنطلق منها معروفة لدي، فاخترت تخصصًا دقيقًا يهم شريحة الشباب، وهو الأحداث التقنية وأباطرة العالم التقني، والتسويق الرقمي، أما عن العرض فهو بأسلوب سلس ولغة عصرية تهدف لتبسيط المعلومة والربط بالأحداث المختلفة مع إعطاء المتابع المساحة الواسعة للاستفادة من التحليل والنظم المتكامل.

يتابع كنت أتوقع أن يكون العمل على صناعة المحتوى صعبًا ولكن لم أكن أدرك صعوبته حتى خضت غمار التجربة بنفسي، وقتها شعرت بما يعانيه صناع المحتوى الهادف، فالعملية تبدأ بالفكرة ثم البحث عن المحتوى، وبعدها جمع المادة وهذه عادة تستغرق الوقت الأطول، ربما أقضى أربع ساعات متواصلة للبحث عن المادة ثم أربع ساعات أخرى لترتيبها، وتهذيبها واختصارها، والبحث عن صور ومقاطع ومصادر تدعم كل فقرة فيها، ثم تأتي مرحلة التصوير بعدها المونتاج الذي يستغرق للحلقة الواحدة أكثر من عشر ساعات متواصلة، بمعنى أن الحلقة الواحدة التي لا تزيد عن ربع ساعة تحتاج لعمل متواصل لأربع وعشرين ساعة بلا انقطاع، تليها عملية النشر والترويج على القنوات المختلفة و هذا ما يدعو الكثير من صناع المحتوى للعمل بالشراكة مع آخرين وتوزيع المهام عوضًا عن القيام بها كلها دفعة واحدة بشخص واحد.

ويواصل قد يهتم صانع المحتوى بالظهور على قناة له والتأثير في الجمهور وتقديم مادة دسمة باسمه، أو قد يكتفي بمهمة البحث عن المحتوى وترتيبه وتقديمه للمؤثر أو المشهور لنشره على قناته، وهناك فئة كبيرة من المشاهير تعتمد على شهرتها وشعبيتها للظهور والحديث بشكل عفوي للجمهور دون محتوى واضح، وعادة يحظى هؤلاء بشعبية كبيرة ويؤثرون في جماهيرهم بالمسابقات والتحديات والمقالب والتفاهات – في بعض الأحيان – التي يقدموها.

صداع وضغط

ويؤمن صافي أن هذه مواقع التواصل أصبحت بمثابة صداع للجهات الحكومية وأداة رقابة دائمة على أداء المسئولين، تجبرهم الإسراع في اتخاذ قرار يرضي الجمهور، فلا شك أن القضايا المجتمعية التي تُثار على مواقع التواصل الاجتماعي في البلاد العربية عامة وفي فلسطين خاصة تحظى باهتمام كبير من مؤسسات الدولة، بمجرد أن يتم تداولها تصبح رأيًا عامًا وتضغط على صناع القرار للتحرك، بينما لا تتأثر القضايا السياسية على هذه المنصات نظرًا لطبيعة مجتمعاتنا العربية المستقطبة، ما إن يطرح أحدهم وجهة نظر سياسية حتى يلقى معارضة من أمزجة مخالفة في الرأي والتوجه، مما يؤدي لنهاية القصة على شكل جدل بين الطرفين بلا أرض صلبة يتفق عليها أي منهما.

والحقيقة اننا نحتاج فهم طبيعة هذه المنصات ومعرفة خوارزميات مواقع التواصل وكيفية صناعة النجوم والمؤثرين وصناع الرأي ، الذين من خلالهم يمكن إيصال الرسالة والتأثير في القضايا المجتمعية والسياسية والفكرية بطريقة فاعلة، نحن بحاجة لنخب يقودون العامة نحو الإيجابية، ويغيرون الواقع.

وفى ختام حواره مع “السعادة ” يقول غيرت الحياة في تركيا كثيرًا في نظرتي للأحداث، فأصبحت أراها من منظور أعلى، بعيدًا عن الزاوية الضيقة التي اعتدت عليها في غزة، الخروج من الحدث نفسه جعلني قادر على اتخاذ القرار بطريقة أكثر حكمة، ورؤية الصورة الكاملة أعطتني مساحة أوسع للحكم على الأفكار، والاختلاط في الثقافات المختلفة بيّنت لي جوانب النقص ومواطن الخلل، وعرفت من خلال المجتمع المتنوع في تركيا فائدة تقبل وجهات النظر الأخرى والتعايش معها.

ما نعرفه عن قضيتنا ونعتقد أنه من المسلَّمات هو معادلات فيزيائية بالنسبة لشعوب أخرى بحاجة لفك رموزها وحل شيفرتها، العالم بالخارج مهما كان متضامنًا ومساندًا للحق الفلسطيني وداعمًا لأهلنا فهم لا يعرفون إلا القليل من الرواية ولا تُصدّر لهم قصتنا إلا في أوقات الأزمات يتعاطفوا معها ثم يعودون لحياتهم من جديد.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى