من أينَ أتيتَ بتلكَ القوةِ؟
حين أجلسُ بيني وبينَ نفسي؛ أستغربُ من تلكَ القوةِ التي تستقرُّ داخلي في مُجابهةِ الحياةِ! كيف استطعتُ أنْ أكونَ تلكَ المرأةَ القويةَ التي لا تستسلمُ لصعوباتِ ومعاركِ الحياةِ! كيف استطعتُ أنْ أجمعَ قُوايَ؛ بعدَ كلِّ خذلانٍ وصفعةٍ! وأُلملِمُ نفسي وأقفُ من جديدٍ أواصلُ وأستمرُّ وأكملُ؛ وكأنَّ شيئاً لم يكنْ! تعرّضتُ لأسئلةٍ كثيرةٍ حتى من المقرّبينَ مني؛ من أينَ أتيتِ بكُلِّ تلكَ القوةِ! قرأتُها بعيونِ الكثيرِ، وأحياناً سمِعتُها “ما أقواك”! فكانت إجابتي نَعم قويةٌ..، لأني أكرَهُ المرأةَ الضعيفةَ العاجزةَ الباكيةَ، أكرَهُ المرأةَ الغبيةَ التي لا تتعلّمُ من أخطائها ..نَعم قويةٌ لأني أنا من اخترتُ طريقي؛ وأخذتُ قراري؛ فحَتماً استَحملُ كلَّ تبعاتِ مشواري .. قويةٌ لأني في مجتمعٍ لا يرحمُ الضعيفَ، قويةٌ لأنَّ شخصيّتي لا تَقبلُ إلّا أنْ تكونَ قويةً.
لأعودَ في مواقفَ كثيرةٍ؛ وأسألَ نفسي مرّةً أخرى: من أينَ أتيتُ بتلكَ القوةِ! واللهِ إنها مَعيّةُ اللهِ معي في كلِّ تفاصيلي؛ فأنا لا أعرفُ حلولاً ورديةً؛ لا أملِكُ عَصًى سحريةً لمشاكلي، أنا كأيِّ شخصٍ مُعرّضٌ للابتلاءاتِ والاختباراتِ؛ ولكني أتقبَّلُها بنفسٍ راضيةٍ؛ فلا أتذَمّرُ ولا أعترضُ؛ وأَقبلُ الابتلاءَ بالحمدِ والرضا؛ فأجِدُ اللهَ يخَبِّئُ لي الأجملَ والأفضلَ حتى في أصعبِ ابتلاءاتي.
كنتُ على يقينٍ تامٍّ قلباً وقالَباً؛ أنّ وصلاً مع اللهِ لا يجعلُ العمرَ أفضلَ فَحسْب؛ بل إنه يجعلُ منكَ شخصاً قوياً؛ يواجهُ ويتحملُ.. أُومِنُ أنّ معرفةَ اللهِ تجعلُك أكثرَ قوةً أمامَ ابتلاءاتِ الحياةِ واختباراتِها، أُومِنُ أنّ جبرَ الخواطرِ في لحظاتِ ضعفٍ لشخصٍ؛ تعودُ إليكَ أضعافاً مضاعفةً من جبرِ الخواطرِ في مواقفَ متعدّدةٍ أومِنُ جدًا أنّ في الرضا حياةً لا يَعرفُها إلا من رضيَ بكُلِّ ابتلاءٍ رِضًى مُطلقاً؛ وسلّمَ أمرَه للهِ؛ وقال وهو في عزِّ وَجعِه “الحمدُ للهِ الَّلهم إني راضٍ فرَضِّني، واللهِ إني أملكُ أسهُمًا من الدعاءِ؛ أُدرِك أنها لن تَخيبَ ما دامتْ بينَ يدَيِ اللهِ.
من هنا استمْدَدْتُ قوّتي؛ وهذا لا يعني أنْ لا نَمُرَّ بلحظاتِ ضعفٍ وقِلّةِ حيلةٍ، وتَضيقُ بنا الدنيا، ونقابلُ أشخاصاً قدَّمنا لهم الكثيرَ؛ وكُنا خيرَ السنَدِ لهم؛ وصدَمونا في مفترقاتِ الحياةِ لِتَمُرَّ علينا أيامٌ لا نرى فيها بصيصَ نورٍ؛ فتَحزنُ النفسُ؛ ولكنْ سرعانَ ما نعودُ مرّةً أخرى لنُكمِلَ مشوارَ الحياةِ ..
نحن بحاجةٍ إلى تمرينِ أنفُسِنا على عدمِ الاستسلامِ والبكاءِ على الأطلالِ؛ الحياةُ لا تَقبلُ الضعيفَ المُتَّكِئَ على غيرِه، نحن بحاجةٍ إلى أنْ نتعلمَ من أخطائنا؛ ونقوِّمَ أنفسَنا؛ ونتعلّمَ من التجربةِ.. مشكلتُنا أننا لا نتعلّمُ من تجاربِنا؛ ونرجعُ نُعيدَ بحماقةٍ غيرِ مُبرَّرةٍ نفسَ الأخطاءِ؛ ونعطي فُرَصاً لنفسِ الأشخاصِ الذين خذلونا؛ ونسمحُ لهم أنْ يَجرحونا ويؤلِمونا! بأيدينا نُعيدُ نفسَ الأخطاءِ التي فعلْناها دونَ تفكيرٍ؛ لنُصبحَ الضحيةَ ونَحكُمَ على أنفُسِنا بالموتِ البطيءِ؛ لذلك تخلَّصوا من كلِّ ما يؤذيكُم،؛ لا تُكرِّروا أخطاءَكم؛ وتعلّموا من التجارِبِ فهي خيرُ مُعلِّم.