جَبْرُ الخواطرِ بينَ الأزواجِ الطريقُ السليمُ للسعادةِ الأُسريةِ
بقلم المستشارة الأسرية :
د.حكمت المصري
جبْرُ الخواطرِ ثقافةٌ مجتمعيةٌ يجبُ أنْ تُعزَّزَ بينَ الأزواجِ؛ لِما لها من أثرٍ كبيرٍ في تجديدِ الطاقةِ الايجابيةِ في المنزل .
لكنْ في مجتمعِنا الرقمي أصبحَ البعضُ يَفتقِدُ لُغةَ الحوارِ التي تَجبُرُ الخواطرَ، وأصبحَ الكثيرُ من الجُمَلِ و الكلماتِ البذيئةِ هي التي تُقالُ يومياً؛ نتيجةً للضغوطِ النفسيةِ التي يتعرّضُ لها الأفرادُ؛ لذلك يجبُ استرجاعُ ثقافةِ “جَبْرِ الخواطرِ” من خلالِ تعزيزِها عن طريقِ وسائلِ التنشئةِ الاجتماعيةِ المختلفةِ _خصوصًا داخلَ المنزلِ_ من خلالِ الزوجِ والزوجةِ .
ذُكرَ أنّ السيدةَ “حفصة بنت عمر” قالت للسيدةِ “صفية” زوجِ رسولِ اللهِ _صلى الله عليه وسلم_ “يا ابنةَ اليهودى”؛ بسببِ الغيرةِ؛ فحزنتْ السيدةُ “صفية” وأخذتْ في البكاءِ؛ حتى عَلِمَ رسولُ اللهِ.. فدخلَ عليها ووجدَها تبكى؛ فقصّتْ له ما حدثَ؛ فأخذ يُهدِّئُ من روعِها ويمنعُها عن البكاءِ؛ ثم قال لها أنتِ ابنةُ نبيٍّ، وزوجةُ نبيٍّ، وقال للسيدةِ حفصة “اتّقِ الله”.
هنا يتجلّى جمالُ “جبرِ الخواطرِ” الذي يعدُّ أعظمَ العباداتِ بينَ الأزواجِ، فالكلامُ الجميلُ من المرأةِ لزوجِها، أو من الرجلِ لزوجِه؛ يتركُ الطمأنينةَ، ويداوي الجروحَ والآلامَ التي تخلّفُها الظروفُ الصعبةُ التي نعيشُها نتيجةَ تحدِّياتِ الحياةِ الصعبةِ؛ وبالتالي يكونُ سبَباً لتعزيزِ الصلابةِ النفسيةِ للأفرادِ.
وقد صدقَ “الحويني” لَمّا قال: “المرأةُ قلبُها في أُذنهِا” بمَعنى لو أنّ المرأةَ نقلتْ جبلاً من مكانٍ لمكانٍ، وجاءَ زوجُها وقال لها: جزاكِ اللهُ خيرًا؛ لزالَ تعبُها.. ، ليس هكذا فقط؛ وإنما ستُوَلّدُ كلمةُ الشكرِ طاقةً كبيرةً لعطاءِ المرأةِ لبيتِها ولزوجِها وأبنائها .
لذلك يجبُ على الزوجِ إتّباعُ بعضِ النصائحِ التي تساهمُ في نشرِ ثقافةِ “جَبر الخواطر” في بيتِه، والتي يُمكِنُ إجمالُها بما يلي:
* المرأةُ بطبيعتِها تعشقُ التقديرَ و الاهتمامَ؛ وتنفُرُ من القسوةِ و الضربِ والمَهانةِ والتوبيخِ، أو التقليلِ منها تحديداً أمامَ أولادِها ، لذلك يجبُ احترامُ شخصيتِها، وعدمُ إهانتِها مَهما صدرَ من خلافاتٍ و مشاكلَ بينكما.
* تشعرُ المرأةُ بالفخرِ والسعادةِ عندَ الثناءِ عليها من زوجِها؛ عندما يَصدرُ منها ما يُسعِدُه ؛ لأنّ كلَّ الكلماتِ الطيبةِ تُعطيها شعوراً بالحبِّ والسعادةِ، و تجعلُها تشعرُ كأنها هي الأفضلُ بينَ جميعِ النساءِ .
*من المُهِمِّ جداً إعطاءُ الزوجةِ الأهميةَ، و الاستماعُ و الإنصاتُ دائماً لِما تقولُه، والتفرُّغُ الكاملُ لها أثناءَ الحديثِ؛ فهذا كفيلٌ لإمدادِها بمشاعرِ الحبِّ و التفاهمِ؛ فالتجاهلُ يزيدُ العنفَ والمشاكلَ أحياناً .
*ضرورةُ منْحِ الزوجةِ وقتاً خاصاً لها للخروجِ و الترفيهِ، سواءٌ مع الزوجِ أو مع الأهلِ أو الأصدقاءِ؛ فهذا يساعدُ علي تجديدِ العلاقةِ، وتحسينِ حالتِها النفسيةِ، وتغيُّراتِها المزاجيةِ، والتقلّباتِ الهرمونيةِ التي تمرُّ بها شهرياً .
*من الضروري تلبيةُ الاحتياجاتِ الماديةِ للمرأةِ؛ “النفقةُ” عليها، و جلبُ الهدايا لها تكريماً لِما تقومُ به من عبءٍ ومسؤولياتٍ تُجاهَ الأسرة.
*على الزوجِ أنْ يُشعِرَ زوجتَه بالأمانِ و الاستقرارِ، و أنْ يكونَ رجلاً تستندُ عليه في جميعِ الأمورِ و الأزماتِ و المشاكل .
بهذهِ البنودِ يمكنُ تعزيزُ ثقافةِ “جبر الخواطر” في المجتمعِ، والمساهمةُ في جبرِ خاطرِ الزوجةِ و الأهلِ و الأولادِ، و الصغيرِ و الكبيرِ ، والعملِ على أنْ يكونَ جبرُ الخواطرِ ملازِماً لكُلِّ المجتمعِ في كلِّ الأوقاتِ.
وبهذا يكونُ جبرُ الخواطرِ (سواءً بابتسامةٍ، أو نظرةٍ حانيةٍ، أو لمسةِ حنانٍ، أو كلمةٍ طيبةٍ) طريقةً نسعَى من خلالِها لدعمِ الفردِ وتَقويَتِه؛ فجَبرُ الخواطرِ علاجٌ للأمراضِ النفسيةِ، و علاجٌ للمشاكلِ الأُسرية .