Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
مقالات

تَحكّموا بتصرّفاتِكم.. ولا تنساقوا خلفَ غضبِكم!

بقلم :إسماعيل الثوابتة

كاتب وإعلامي فلسطيني

هل سمعتُم قبلَ ذلك بنظريةِ العالمِ ستيفن كوفي (10/90 )، دعُونا نمرُّ عليها مروراً سريعاً، حيث أنه ووفقاً لهذه النظريةِ؛ فإنّ (10%)  من أحداثِ حياتِك خارجةٌ عن إراداتِك، بينما (90%) من أحداثِ حياتِك تعتمدُ على ردودِ أفعالِك!

ماذا يعني ذلك؟ يعني أنّ (10%) من أفعالِنا لا إرادةَ لنا عليها، فنحن لا نستطيعُ أنْ نمنعَ على سبيلِ  المثال: تعطّلُ السيارةِ، أو تأخُّرُ الطائرةِ، أو حادثُ سيرٍ، أو حادثةُ وفاةٍ وغيرُ ذلك من أحداثٍ.

بينما في الاتجاهِ الآخَرِ فإنّ (90%) الباقيةَ هي أفعالٌ وأحداثٌ تقعُ بإرادتِنا واختيارِنا؛ كأداءِ الصلاةِ مثلاً، أو الصبرِ على مسألةٍ معيّنةٍ، أو التبرُّعِ بجزءٍ من أموالِك، وغيرِ ذلك من أحداثٍ.

دَعونا ندخلُ أكثرَ في مثالٍ آخَرَ: أنتَ تتناولُ وجبةَ الإفطارِ مع عائلتِك، وحرّكتْ ابنتُك فنجانَ القهوةِ بالخطأ؛ وسقطَ على قميصِك – طبعاً لم يكنْ لديكَ إرادةٌ لمنعِ ما حدثَ – فوقوعُ الكوبِ كان أمراً غيرَ مقصودٍ، ولا دخلَ لابنتِك فيه، فهذا من الـ10%.

النتائجُ المترتبة: تقومُ بتوبيخِ ابنتِك؛ لإسقاطِها فنجانَ القهوةِ على قميصِك؛ ثُم تنفجرُ الصغيرةُ بالبكاءِ؛ ثم تلتفتُ إلى زوجتِك وتنتقدُها لوضعِ الفنجانِ قربَ حافةِ الطاولة، يتبعُ ذلك مجادلةً حادةً بينكما؛ ثم تندفعُ أنت إلى السلّمِ صاعداً لتغييرِ ملابسِك؛ وبعدَها تنزلُ ومزاجُك عصبيٌّ جداً، فتجدُ أنّ ابنتَك قد تأخّرتْ عن موعدِ حافلةِ المدرسةِ بسببِ بكائها، وتأخُرِها في تناولِ الإفطارِ أيضاً؛ وبالتالي تضطرُّ إلى توصيلِها أنت إلى المدرسةِ؛ ثم تنطلقُ بسرعةِ بسيارتِك متجاوزاً الحدَّ الأقصى للسرعةِ، فتحصلُ على غرامةٍ ماليةٍ نتيجةَ سرعةِ سيارتِك؛ ثم تصلُ إلى مدرسةِ ابنتِك متأخراً؛ ثُم تنزلُ هي من السيارةِ دونِ أنْ تسمعَ منها عبارة “مع السلامة”.

ومن ثَم تصِلُ أنت إلى عملِك متأخراً؛ فيبدو أنّ ذلك هو يومٌ بدايتُه تعيسةٌ، توالتْ فيه الأحداثُ بنفسِ الطريقةِ؛ ثم تعودُ إلى المنزلِ؛ لتجدَ أنّ ابنتَك لا تقتربُ منك، ولن يتجرّأَ أنْ يتناولَ أحدٌ من أفرادِ أسرتِك وجبةَ الغداءِ معك، لماذا؟ لأنك لم تُحسنْ ردّةَ فعلِك مع ما حدثَ في الصباحِ!

لماذا كان يومُك تعيساً هكذا؟

أ‌) هل السبب هو فنجانُ القهوة؟

ب) هل السببُ خطأُ ابنتِك غيرُ المقصودِ؟

ج) هل السببُ ضابطُ المرور؟

د‌) هل أنت السببُ؟

الجوابُ بالطبعِ (د)، نَعم أنتَ السببُ، فالواقعُ أنه لم يكنْ لديكَ إرادةٌ لمنعِ سقوطِ فنجانِ القهوة؛ ولكنّ السببَ يكمنُ في ردّةِ فعلِك في الخمسِ ثواني التي تلَتها.

تعالوا نرى جميعاً التصرّفَ الذي كان ممكِناً ومستحسَناً حدوثُه: بلّلتْ القهوةُ ملابسَك، وابنتُك على وشكِ البكاءِ، فتُبادرُ بلطفٍ بقولِك: لا بأسَ يا ابنتي الغالية، وأرجو أنْ تكوني أكثرَ حذراً في المرةِ القادمةِ يا صغيرتي الجميلة، بعدِها تجذبُ منشفةً؛ وتسرعُ إلى الأعلى؛ وبعدَ تغييرِ ملابسِك؛ وحملِ حقيبةِ العملِ؛ تنزلُ وتطلُّ من خلال النافذةِ لتشاهدَ طفلتَك وهي تركبُ الحافلةَ المدرسيةَ؛ وتلتفتُ باتجاهِك؛ وتلوّحُ بيدِها مودِّعةً إياك؛ وتصلُ أنت إلى عملِك في الموعدِ أو متأخِراً؛ ولكنْ ليس ذلك التأخيرُ الذي كان في المرّةِ الأولى، هل لاحظتَ الفرقَ؟ أنه كبير جداً؟ لماذا؟ السببُ هو في كيفيةُ تفاعُلِكَ وردّةِ فعلِك تجاهَ الحدثِ.

أنت في الحقيقةِ لا تستطيعُ أنْ تتحكّمَ في (10%) من الأحداثِ؛ ولكنّ الباقي (90%) يعتمدُ على ردودِ أفعالِك.

عندما يقولُ لكَ أو يصفُك شخصٌ ما بعباراتٍ سلبيةٍ أو مستفِزة ؛ٍفلا تكنْ كالإسفنجِ تمتصُّ، بل دعْ الهجومَ ينسابُ مثلَ الماءِ في الوعاءِ، ولا يجبُ أنْ تتركَ الفرصةَ للتعليقاتِ السلبيةِ أنْ تؤثّرَ فيكَ أو في تصرفاتِك، تفاعلْ معها بحنكةٍ؛ ولا تجعلْها تفسدُ يومَك الجميلَ؛ لأنه رُبما يترتبُ على ردّةِ الفعلِ الخاطئةِ أنْ تفقدَ صديقاً أو وظيفةً، أو أنْ تشعرَ بالضغطِ النفسي.

كُن جميلاً دائماً، ترى الدنيا جميلةً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى