Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
مقالات

معركةُ “سيفُ  القدسِ” و ظاهرةُ “نزار بنات” وَجهانِ لعملةٍ واحدةٍ

بقلم :الكاتبة سميرة نصار

لم تأخذْ غزةُ النفسَ العميقَ الذي تحتاجُه بعدَ معركةِ “سيف القدس”؛ هذه المعركةُ التي لا يقلُّ تأثيرُ نتائجِها على واقعِ القضيةِ الفلسطينيةِ عن تأثيرِ “بدر” الكبرى  في مسارِ الإسلامِ.

لن  أتحدّثَ عن نتائجِها؛  فقد أفردَ لها الكثيرونَ مساحةً من مقالاتِهم وتحليلاتِهم ، ورغمَ عرقلةِ المحتلِّ ومَن يدورُ في فلكِه على إبطالِها وإسقاطِها؛  إلاّ أننا في حقبةٍ متميزةٍ متقدمةٍ اسمُها حقبةُ ما بعدَ معركةِ “سيف القدس”.

ووسطَ صحوةِ الداخلِ والخارجِ مع القضيةِ الفلسطينيةِ بشكلٍ عام؛ وغزةَ بشكلٍ خاصٍّ؛

إلاّ أنّ خنجرًا مسمومًا غرَستْهُ أجهزةُ أمنِ السلطةِ  في خاصرةِ الخليلِ؛ لتُغيّبَ وجهاً  من وجوهِها الواعيةِ  المقدامةِ؛ ولتعلنَ عن قتلِ “نزار بنات” .

“فنزار بنات” لم يرتقِ مع شهداءِ معركةِ “سيف القدس”؛ فهو لم يكنْ مع الشهيدِ “التستري” ورفقائه ،   ولم يسكنْ  عمارةَ “الكولك” ولا عمارةَ “أبو العوف”،  ولم يكنْ مع شهداءِ الإقدامِ في نفقِ “الفخاري” في خانيونس ، ولم يتدرّبْ على راجماتِ الصواريخِ، ولم يحفرْ “نزار” نفقاً؛ ولكنه  كان القريبَ البعيدَ  من هؤلاءِ كلِّهم؛ فقد أتقنَ  _رحمَه الله_ الضغطَ على زنادِ صناعةِ الوَعي ؛ ذاكَ السلاحُ الذي يصعبُ على الكثيرينَ حملُه وإطلاقُ رصاصِه ، “نزار” صدحَ بفَخرِه  بمعركةِ “سيف القدس”،  حشدَ الهِممَ الضفويةَ وغيرَها لمؤازرةِ  غزة؛ وسطَ نيرانِ المعركةِ  دافعَ عن إنجازاتِها .

“نزار” قاتلَ  فسادَ السلطةِ بصوتٍ عالٍ؛ لم يعرفْ المداهنةَ ولا السكوتَ عندَ الحقَّ، ولا التسحيجَ لأيّ نفوذٍ،  دافعَ عن حقوقِ الشعبِ حينما سنّوا قانونَ  الضمانِ الاجتماعي،ودافعَ عن موروثِنا الديني و الثقافي  حينما وقّعتْ السلطةُ على اتفاقيةِ “سيداو” دونَ تحفظٍ،ودافعَ عن المرأةِ أمامَ التمييزِ الوظيفي في القانونِ العاملِ فيه داخلَ السلطةِ الفلسطينيةِ،ما دافعَ عن الانتفاضةِ الأولى؛ واستنكرَ سرقتَها والهرولةَ بتضحياتِ الشعبِ فيها إلي محافلِ مدريد وأوسلو.

دافعَ عن غزةَ مرارًا أمامَ حصارِها الظالمِ الطويلِ؛ وأستنكرَ دورَ السلطةِ في إحكامِ  حلقاتِه،وكان دائماً بالمرصادِ لأي مزايداتٍ حولَ غزةَ في حربِها وتهدئتِها.

دافعَ “نزار” عن فقراءِ شعبِنا أمامَ غلاءِ المعيشةِ في الضفةِ، وسرقةِ خيراتِنا في جيوبِ أربابِ النفوذِ وأصحابِ المناصبِ العليا .

رشّحَ نفسَه لانتخاباتِ المجلسِ التشريعي عبرَ قائمةٍ مستقلّةٍ، الانتخاباتُ التي كان مقرراً إجراؤها في مايو(2021 ) ،فقد أيقنَ أنّ التغييرَ يعني العملَ في ساحةِ سنِّ القوانينِ والتشريعاتِ؛ ولكنْ للأسفِ أبَى الرئيسُ إلّا أنْ يكونَ متواطِئاً على هذا الشعبِ ومصيرِه ؛ وألغَى الانتخاباتِ دونَ أيِّ حساباتٍ وطنيةٍ .

مات “نزار” فقيرًا؛ يسكنُ بيتاً بالإيجارِ؛ مُعلّقاً بالديونِ _كما صرحَ أقرانُه المُقرّبونَ ؛ورغمَ هذا صوتُه كان عالياً؛ وكأنّ الشبَهَ بينَه وبينَ غزةَ كبيرٌ ، تلك المدينةُ التي قهرتْ حساباتِ العدوِّ والمتربصينَ؛ وكان صوتُها عالياً في وَجهِ محتلّها رغمَ فقرِها وقلةِ كَلَئِها.

وكذلك “نزار” صوتُه تَعارضَ بمصالحِ  المتنفّذينَ..  فكان لابدَّ من كتمِه فلا ضَيرَ من قطعِ  لسانِ من قامَ بتعريةِ السلطةِ، والكشفِ عن سوءةِ  فعلِها في السرِّ والعلنِ  ، ومن ثم قامت بخلعِ بُرقُعِ الحياءِ كعادتِها لتتنكّرَ لفعلتِها؛ ومن ثَم  تجيّشُ من رضعَ التسحيجَ لفسادِها؛  ليقفوا في وجهِ ثورةِ روحِ “نزار”.

روحُ “نزار” أكملتْ طريقَ معركةِ “سيف القدس”؛ فوقفَ كلُّ أحرارِ الضفةِ يندِّدونَ بسلطةٍ تقتلُ أعمدةَ الوطنِ !شاءَ اللهُ “لنزار” أنْ يصبحَ مَعلماً يزورُ سيرتَه  كلُّ حرٍّ يحملُ سلاحَ  صناعةِ الوَعي ، فقد ماتَ “نزار” لكنه تركَ مدرسةً  لمُريدِيهِ  ورفقائه.

ماتَ “نزار” وهو يطالبُ بدولةِ القانونِ،  وإصلاحِ مؤسساتِ الدولةِ،  وإزاحةِ السلطةِ الفاسدةِ الظالمةِ عن صدرِ القضيةِ الفلسطينيةِ وعن مستقبلِ أبنائها، ماتَ وما زالت أمانيِّهِ وأمانيِّ الأحرارِ عالقةً في رقابِ مَن خَلفَه.

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى