Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
تقارير

عمالُ المنطقةِ الصناعيةِ ينضمّونَ إلى جيوشِ البطالةِ

 

تقرير: السعادة

انتهتْ الحربُ؛ وبقيتْ أوجاعُ سكانِ غزةَ مفتوحةً وكاملةً، فالتجارِبُ الماضيةُ في الحروبِ السابقةِ أعطتْهم عصارةَ خبراتِها ؛ فأصحابُ المصانعِ والعمالُ الذين فقدوا فُرصَ عملِهم يدركونَ جيداً أنّ هذا الفقدَ لن يعودَ..؛ حيثُ ما زالَ أصحابُ المصانعِ المدمّرةِ في عدوانِ (2014) ينتظرونَ الدولَ المانحةَ؛ لتعوِّضَهم عن خسائرِهم الفادحةِ؛ لذا يدركُ أصحابُ هذه المصانعِ أنهم لن يعودوا إلى أوضاعِهم السابقةِ مُطلقاً؛ فقد خسِروا تعبَ السنينَ كاملاً، ومسألةُ التعويضِ تأخذُ وقتاً كبيراً، وغالباً غيرُ مُجديةٍ.

الحياةُ في المنطقةِ الصناعيةِ الأضخمُ والأكبرُ على مستوى القطاعِ، والملاصقةِ تمامًا للسياجِ الأمني في منطقةِ حيِّ الزيتونِ شرقي مدينةِ غزةَ؛ غابت فيها معظمُ مظاهرُ العملُ، وضجيجُ الماكيناتِ، والنشاطُ الحيوي للمصانعِ، والأيدي العاملةً عَقبَ تدميرِ جيشِ الاحتلالِ الإسرائيلي لعددٍ منها؛ ما تسبّبَ بقَطعِ أرزاقِ آلافِ العمالِ.

ضربةٌ مُوجِعةٌ

إياد ونهاد السوافيري؛ يقولانَ لـ “السعادة” من فوقِ بقايا مصنعِهما الواقعِ في المنطقةِ الصناعيةِ على الحدودِ مع إسرائيلَ شرقَ القطاعِ: “وضعْنا كلَّ ثقلِنا وما نملكُ من مالٍ في المصنعِ؛ على اعتبارِ أنه في المنطقةِ الصناعيةِ كمَكانٍ آمِنٍ ومَحميٍّ دولياً”. ويضيفانِ مُستغربَينِ: “كنا على يقينٍ بأنه لن يطالَ المصنعَ أيُّ أذًى، فهو أكبرُ مصنعٍ للأثاثِ هنا”.

يستدركُ أحدُهما قائلاً: خسِرْنا الملايينَ بأقلِّ من نصفِ ساعةٍ، سننتظرُ التعويضاتِ الماليةَ؛ عندما تبدأُ مرحلةُ إعادةِ الإعمارِ، مُعرِبًا عن أملِه في أنْ يُعيدَ ” بناءَ المصنعِ، وألّا تعيقَ إسرائيلُ إدخالَ الآلاتِ الضخمةِ”، مُضيفاً: “قتلوا الأملَ لدَينا ولدَى مئاتِ العوائلِ التي تعتاشُ من المصنعِ؛ حيثُ فقدوا عملَهم رُبما لشهورٍ.. ورُبما لسنواتٍ لا أحدَ يعرفُ متى تبدأُ إعادةُ الإعمارِ الحقيقةِ، وهل فعليّاً سيَتمُّ تعويضُنا بالخسائرِ التي فقدناها! أَم سنكونُ أمامَ تعويضٍ لا يُغني ولا يُسمِنُ من جوعٍ، ولا يعيدُ ما فقدناهُ وفقدَه العمالُ معنا!

في حين يروي “نعيم السكسك” مديرُ مخزنِ شركةِ السكسك للأنابيبِ البلاستيكيةِ والأدواتِ الصحيةِ؛ حيثُ أتت النيرانُ على (150) طناً من المنتجاتِ البلاستيكيةِ؛ في خسائرَ قُدّرتْ بأكثرَ من مليونِ دولارٍ، كيف أنّ حريقاً اشتعلَ قربَ مصنعِه في المنطقةِ الصناعيةِ في بدايةِ الحربِ.

ويقولُ: “اعتقدْنا أنه عن طريقِ الخطأ”. ويضيفُ: “لكنْ قبل ثماني ساعاتٍ من بدءِ التهدئةِ أبلغَني الحراسُ أنّ حريقاً شبَّ في المصنعِ؛ لكنّ الجيشَ الإسرائيليّ رفضَ إدخالَ الصليبِ الأحمرِ أو الدفاعِ المَدني إلى الموقعِ لإخمادِه!

ويسردُ السِّكسك لـ “لسعادة”:” طبيعةُ عملِ شركتِه التي توفّرُ نحوَ تسعينَ في المائةِ من الأنابيبِ مختلفةِ الأحجامِ، والضروريةِ لمشروعاتِ البنيةِ التحتيةِ، لافتاً إلى توريدِ جزءٍ من بضاعتِه إلى الضفةِ الغربيةِ.

وينوّهُ: عندما ضربوا مصنعَنا؛ فهذه ضربةٌ موجِعةٌ للاقتصادِ والصناعةِ في فلسطينَ، هذه أهدافٌ لا علاقةَ لها بالأمنِ، ولا بالفصائلِ، ولا بالصواريخِ، المنطقةُ الصناعيةُ متّفَقٌ عليها مع إسرائيلَ، مؤكّداً أنّ خطوطَ الإنتاجِ في المصنعِ تستطيعُ العملَ فوراً؛ لأنّ الماكيناتِ لم تتضرّرْ؛ نستطيعُ إنتاجَ (2000) طنٍ شهرياً من أنابيبَ مختلفةٍ وخزّاناتِ المياهِ؛ لكنّ إنتاجَنا الفعليَّ حالياً فقط مائةٌ وخمسونَ طناً.

مَحميّةٌ دولياً

أمّا “منير عوض” مديرُ مصنعِ “أبو اسكندر” للبلاستيكِ، الذي نقلَ قبلَ شهرٍ تقريباً إلى المنطقةِ الصناعيةِ البلح؛ نظرًا لتوفُّرِ الطاقةِ بها على مدارِ الساعةِ، والحمايةِ الدوليةِ المتفقِ مع إسرائيلَ عليها لحمايةِ المنطقةِ الصناعيةِ؛ ما دفعَنا لجَلبِ ماكيناتٍ حديثةٍ”.

ويضيفُ: “يوم (15) مايو أبلغَنا العاملونَ بقصفِ المصنعِ؛ فتَوجَّهنا له؛ وإذْ بسياراتِ الدفاعِ المَدني لم تستطعْ دخولَه من شدّةِ الحريقِ! وبعدَ ساعاتٍ كان المصنعُ قد احترقَ بالكاملِ؛ بما فيه من موادٍ خامٍ وماكيناتٍ وآلياتٍ، حتى الحطامِ لا يصلحُ خُردةً”!

ويوضّح: “احترقَ (20) بالونًا (خام) خاص بصناعةِ أكياسِ البلاستيك، وماكيناتُ “رول وقص”، وأخرى للطباعةِ على الأكياسِ، لصالحِ المحالِّ والشركاتِ بغزة”، مؤكدًا أنّ (20) عاملاً في المصنعِ باتوا بلا عملٍ؛ مُبينًا أنّ خسائرَ مصنعِه تزيدُ عن نصفِ مليونِ دولارٍ؛ مُعرِبًا في الوقتِ ذاتِه عن أملِه بتعويضٍ سريعٍ للتمَكُّنِ من عودةِ العملِ به مُجدّدًا.

انعكاسات خطيرة

وتعرّضتْ قرابةُ (350) منشأةً اقتصاديةً بفعلِ العدوانِ الإسرائيلي؛ توزّعتْ ما بين مصانعَ ومحلاتٍ تجاريةٍ، ومخازنَ ومَرافقَ أخرى؛ وفقَ إحصائيةٍ رسميةٍ للإعلامِ الحكومي في غزة؛ عِلماً بأنّ المنطقةَ الصناعيةَ أُنشِئتْ العام (1996)؛ بالاتفاقِ مع إسرائيلَ، بعدَ عامينِ من تأسيسِ السلطةِ الفلسطينيةِ؛ لتكونَ أولَى المدنِ الصناعيةِ في الأراضي الفلسطينيةِ، على مساحةِ نحوِ (500) ألفِ مترٍ مربّع؛ وتضمُّ مجموعةً كبيرةً من الشركاتِ الصناعيةِ والتجاريةِ المحليةِ والعالميةِ، والمؤسساتِ الدوليةِ، والهيئاتِ الحكوميةِ والبنوكِ؛ ويعملُ فيها نحوُّ عشرةِ آلافِ عاملٍ.

ومن بينِ أبرزِ المنشآتِ مصنعُ (كوكا كولا) وآخَرُ للبسكويتِ، والسكاكرِ، وللمنظفاتِ، والشامبو، ومصنعُ للأنابيبِ البلاستيكيةِ. وعندَ مدخلِ المنطقةِ المغلقةِ توجدُ مخازنُ مساعداتٍ غذائيةٍ تابعةٌ لوكالةِ غوثِ وتشغيلِ اللاجئينَ (أونروا)؛ تمّ تزويدُ المنطقةُ الصناعيةُ بمشروعِ الطاقةِ الشمسيةِ للكهرباءِ بقُدرةٍ إنتاجيةٍ تبلغُ (7.3) ميغاوات.

المختصُّ في الشأنِ الاقتصادي “محمد أبو جياب”؛ يؤكّدُ أنّ العدوانَ الإسرائيلي كان له “انعكاساتٌ خطيرةٌ على القطاعِ الصناعي بغزة؛ إذ تسبّبَ بتدميرِ قرابةِ(  ؟ ) منشأةً صناعيةً بشكلٍ مباشرٍ؛ منها ما يزيدُ عن (17) منشأةً احترقتْ بالكاملِ”.

ويوضّح أبو جياب أنّ “قرابةَ (16) منشأةً صناعيةً ومخزناً دُمِّرَ في المنطقةِ الصناعيةِ؛ منها (6 )منشآتٍ بشكلٍ كاملٍ؛ تختصُّ في الصناعاتِ البلاستيكيةِ والغذائيةِ والغازيةِ، ومخازنَ ملابس”.

ويلفتُ إلى أنّ هذا الاعتداءَ الإسرائيلي هو الأولُ من نوعِه على المدينةِ الصناعيةِ بغزةَ؛ كَونها تحظَى بحمايةٍ دوليةٍ، وملاصقةً للجدارِ مع الاحتلالِ؛ الذي يراقبُ ويشاهدُ عن كَثبٍ كلَّ ما يدورُ داخلَها، معتبرًا ذلك عدوانًا مباشرًا على الاقتصادِ الفلسطيني.

ويشيرُ إلى فقدانِ قرابةِ (5) آلافِ عاملٍ عملَهم بالكاملِ، وتدميرِ وتَضرُّرِ مئاتِ المحلاتِ والمخازنِ التجاريةِ”؛ مُبينًا أنّ ذلك يُعمِّقُ الأزمةَ الاقتصاديةَ التي تعيشُها غزة قبلَ العدوانِ؛ “نتيجةً للحصارِ وتفَشّي “كورونا” والحروبِ الماضيةِ، وعقوباتِ السلطةِ الفلسطينيةِ، وتراجُعِ التمويلِ الدولي”.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى