Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اجتماعيةتحقيقات

قصفُ الأبراجِ السكانيةِ سياسيةُ ترهيبٍ وتركيعٍ غيرُ ناجحةٍ للغزيين

 

قصفُ الأبراجِ الطريقةُ المُرعِبةُ التي ظنّتْ إسرائيلُ أنها من خلالها يمكنُ كسرُ شوكةِ الغزيّينَ، وبثُّ الرعبِ في صفوفِهم خلالَ العدوانِ الأخيرِ، وكسرُ إرادةِ المقاومةِ عبرَ الضغطِ على المدنيينَ، وإرهاقُ وإضعافُ الجبهةِ الداخليةِ للضغطِ على المقاومةِ لتُعلنَ الاستسلامَ ؛ إذْ استمرتْ لعدةِ أيامٍ في تركيزِ قصفِها على الأبراجِ التي تشكّلُ واجهةَ المدينةِ؛ بَيدَ أنّ سقوطَ أولِ برجٍ من الأبراجِ المستهدفةِ؛ رفعَ حصيلةَ الصمودِ الفلسطيني إلى أقصى درجاتِه؛ حتى بات الشارعُ الغزيُّ ينظرُ إلى قصفِ الأبراجِ على أنه مرحلةٌ لتطويرِ مستوى قصفِ المقاومةِ للمُدنِ المحتلةِ والمستوطناتِ المتاخمةِ على حدودِ المُدنِ الفلسطينيةِ وقطاعِ غزة.

مقبرةُ الأحلامِ

مئاتُ الأحلامِ والذكرياتِ والصورِ، وثروةُ العمرِ، دُفنتْ تحتَ ركامِ القصفِ في لحظاتٍ صغيرةٍ؛ لا يمكنُ لعقلٍ بَشريٍّ أنْ يتخيّلَها! لكنّ العدوَّ المُمعِنَ في التخريبِ والتدميرِ والخرابِ مارسَها لمئاتِ المراتِ منذُ انتهاءِ حربِ عامِ (2014) وحتى يومِنا هذا؛ لإدراكِه أنّ قصفَ (60) منزلاً مرةً واحدةً؛ يعني تشريدَ آلافِ الأشخاصِ، وعشراتِ العوائلِ، وحصدَ كلِّ الأحلامِ.

في برج “هنادي” المُطلِّ على شاطئ البحرِ؛ دُفنتْ ستونَ شقةً سكنيةً في لمحِ البصرِ، وباتت كلُّ هذه العوائلِ دونَ مأوَى عشيةَ اليومِ الأخيرِ برمضانَ، في اليومِ الثاني أضحتْ آلافُ العائلاتِ بدونِ مأوَى؛ جرّاءَ استهدافٍ مبرمجٍ لإحداثِ أكبرِ صدمةٍ في الشارعِ الغزيِّ؛ من خلالِ توسيعِ رقعةِ الخسائرِ السكانيةِ، وإصابتِهم بالهلعِ؛ لكنّ ردَّ المقاومةِ بعدَ قصفِ برجِ “هنادي” قلبَ السحرَّ على الساحرِ؛ إذ جاء ردُّ المقاومةِ عملاقاً مُثلجاً لصدورِ أصحبِ البيوتِ والأبراجِ والخسائرِ الكبيرةِ.

عندَ قصفِ برجِ الجوهرةِ؛ تابعَ الملايينُ منشوراتِ أصحابِ البرجِ؛ التي تقولُ إنّ الاحتلالَ دفنَ ملابسَ العيدِ التي اشتروها لصغارِهم؛ لكنهم سيقومونَ بشراءِ ملابسَ جديدةٍ للاحتفالِ بعيدِ الفطرِ مجدّداً، وبالفعلِ صبيحةَ العيدِ تناقلَ روّادُ مواقعِ التواصلِ الاجتماعي صوراً لأهالي الأبراجِ السكنيةِ؛ وهم يحتفلونَ بالعيدِ من أمامِ أحلامِهم وأملاكِهم وذكرياتِهم التي دفنتْها الطائراتُ الحربيةُ.

ملايينُ الدولاراتِ

وبحسبِ وزارةِ الأشغالِ العامةِ والإسكانِ؛ خلّفَ العدوانُ واقعاً إنسانياً صعباً؛ بلغَ عددُ الوحداتِ السكنيةِ المتضررةِ (16800) وحدةٍ سكنيةٍ ، فيما بلغَ عددُ الوحداتِ السكنيةِ التي تعرضتْ للهدمِ الكُلّي والأضرارِ غيرِ الصالحةِ للسكنِ (1800) وحدةٍ سكنيةٍ؛ منها (1000) وحدةٍ بشكلٍ كاملٍ ، فيما تعرضتْ (5) أبراجٍ سكنيةٍ تتوسطُ مدينةَ غزةَ للهدمِ الكُلي، فيما بلغَ عددُ المرافقِ والمقارِّ الحكوميةِ التي تعرضتْ للتدميرِ (74) مقراً حكومياً ومنشأةً عامةً؛ تنوّعتْ بينَ مقراتٍ شُرطيةٍ ومرافقَ خدماتيةٍ، وتعرّضتْ (66) مدرسةً لأضرارٍ..، كما تعرضتْ (3 )مساجدَ للهدمِ الكُلي، وقرابة (40) مسجداً لأضرارٍ طفيفةٍ، كما وتعرضتْ كنيسةٌ واحدةٌ للأضرارِ، فيما لحقُ دمارٌ واسعٌ بالبنيةِ التحتيةِ، ومرافقِ وشبكاتِ المياهِ والصرفِ والصحي.

وبحسبِ المختصينَ، فإنّ الأهدافَ الإسرائيليةَ وراءَ قصفِ الأبراجِ والمباني السكنيةِ، وإنّ إسرائيلَ تسعَى إلى كسبِ المعركةِ سريعاً، وكسرِ إرادةِ المقاومةِ، فـ”سياسةُ” استهدافِ الأبراجِ، تسعَى إلى ضربِ الحاضنةِ الشعبيةِ للمقاومةِ الفلسطينيةِ، ورفعِ فاتورةِ المعركةِ، وحسمِها سريعاً، وليستْ هذه السياسةُ الإسرائيليةُ جديدةً برأيِّهم؛ بل كانت الأبراجُ في غزةَ ضِمنَ الأهدافِ الإسرائيليةِ خلالَ مختلفِ الحروبِ السابقةِ على القطاعِ.

يقولُ المختصُّ في الشأنِ الإسرائيلي عاهد فروانة :” إنّ الاحتلالَ استهدفَ الأبراجَ في بدايةِ التصعيدِ الحالي ومبكراً جداً؛ بمعنَى أنه بدأ من حيثُ انتهى في حربِ (٢٠١٤) كوسيلةِ ضغطٍ على أبناءِ شعبِنا الصامدِ.”
ويضيفُ: إنّ قواتَ الاحتلالِ تطبّقُ ما يسمَّى بنظريةِ الضاحيةِ؛ بمَعنى استهدافِ أكبرِ عددٍ من المباني في أقلِّ فترةٍ لإحداثِ الصدمةِ، إلى جانبِ الضغطِ الاقتصادي؛ لِما تمثِّلُه هذه الأبراجُ من مقراتٍ للكثيرِ من الشركاتِ والمؤسساتِ، وأيضاً معاقبةُ الإعلامِ الفلسطيني؛ لِما يقومُ به من دورٍ مُهمٍّ في فضحِ الجرائمِ الإسرائيليةِ؛ خاصةً وأنّ معظمَ وسائلِ الإعلامِ توجدُ مقراتُها في الأبراجِ.”

جرائمُ حربٍ

وأكّدَ أنّ الاحتلالَ بدأ مبكراً؛ لأنه لا يريدُ أنْ تستمرَّ هذه الجولةُ طويلاً، وليستعيدَ الردَعَ الذي تآكلَ كثيراً، وإذا ما استمرَّ في هذه السياسةِ؛ فهو يريدُ إعادةَ غزة عشراتِ السنينَ إلى الوراءِ؛ حتى تظلَّ مهمومةً بمشاكلِها الاقتصاديةِ والإنسانيةِ.”

من جانبِها اتّهمتْ مراكزُ حقوقيةٌ قواتَ الاحتلالِ الإسرائيلي بارتكابِ جرائمَ على قاعدةِ العقابِ الجماعي والانتقامِ من سكانِ قطاعِ غزة.

المركزُ الفلسطيني لحقوقِ الإنسانِ في غزة، أكّدَ أنّ قواتَ الاحتلالِ دمّرتْ المزيدَ من المنازلِ السكنيةِ، على رؤوسِ قاطنيها؛ لتقضيَ على أُسرٍ كاملةٍ، واستهدفتْ البِنَى التحتيةَ وسطَ المدنِ، والأحياءَ المكتظةَ بالسكانِ، والأراضيَ الزراعيةَ؛ إلى جانبِ استهدافِ منشآتٍ حكوميةٍ، ومواقعَ لفصائلِ المقاومةِ؛ لتُحيلَ القطاعَ بأسرِه إلى مكانٍ غيرِ آمِن.

وجدّدَ الحقوقيونَ تحذيراتِهم بأنّ المدنيينَ هم الذين يدفعونَ الثمنَ جراءَ حالةِ التصعيدِ، مؤكّداً أنّ استمرارَ الاحتلالِ الإسرائيلي في شنِّ هجماتٍ محدّدةٍ على مناطقَ سكانيةٍ مأهولةٍ، واستخدامَ الأسلحةِ على قاعدةِ الانتقامِ الجماعي يشكّلُ مخالفاتٍ جسيمةً لاتفاقياتِ “جنيف” الأربعة لعامِ (1949)، ترقَى إلى جرائمِ حربٍ.

صِفةُ المنتصرِ

وحذّروا من ازديادِ تدهورِ الأوضاعِ الإنسانيةِ للمدنيينَ الفلسطينيينَ في قطاعِ غزةَ؛ سواءٌ النازحينَ أو المهدّمةُ بيوتُهم، والذين باتوا بلا مأوَى، أو افترَشوا الأرضَ في مراكزِ الإيواءِ، وسطَ ظروفٍ تتردَّى فيها أوضاعُهم الإنسانيةُ.

ويرى الكاتبُ والمحلّلُ السياسي “إبراهيم المدهون”، أنّ استهدافَ إسرائيل للأبراجِ والبناياتِ المدنيةِ بغزة، ينطوي على تحقيقِ عدّةِ أهدافٍ؛ أولُها هو الضغطُ على المقاومةِ عبرَ تأليبِ المَدنيينَ، وخلقُ شريحةِ متضررةٍ من العملِ المقاومِ، وطبقةٍ معاديةٍ له.

وبيّنَ أنّ الهدفَ الثاني هو “الادّعاءُ أنّ الأبراجَ تضمُّ قطاعاتٍ لها علاقةٌ بدعمِ المقاومةِ، من ناحيةِ وسائلِ الإعلامِ وغيرِها، أمّا الهدفُ الثالثُ فهو الادّعاءُ أنّ الأبراجَ تُخفي تحتها منصاتِ صواريخَ، أو قواعدَ تابعةً للمقاومةِ؛ لتبريرِ قصفِها، برغمِ يقينِها بعدمِ وجودِ ذلكَ.

مشيراً إلى أنّ توَجُّهَ إسرائيلَ للأهدافِ المدنيةِ يُثبِتُ أنها لا تملكُ بنكَ أهدافٍ للقواعدِ الصاروخيةِ والعسكريةِ؛ وهو من أكبرِ الأدلةِ على فشلِ إسرائيل في مقارعةِ المقاومةِ، وأنّ قصفَ الأبراجِ مؤشّرٌ على أنّ إسرائيلَ مَعنيةٌ بوَقفِ إطلاقِ النارِ؛ لكنها لا تريدُ الخروجَ من المعركةِ إلاّ باليدِ العليا، وبصفةِ المُنتصِرِ.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى