Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
مقالات

هاشتاج

الكاتبة :أية أبو طقية

 

“أُمُّ منصور” تَخرجُ ذابلةً لزيارتِه في زنزانتِه؛ وهي تأمَلُ أنْ يَعرِفَها، وفي كلِّ مرةٍ تَعودُ تَجرُّ أذيالَ الحسرةِ ويتشوَّشُ عقلُها بقَولِه “لا إنتِ مش إمّي”! “كيف مِش إمّك”! “آه مش إمي”! لم يَعرفْ “منصور” أمَّه التي ضمّتْهُ على صدرِها مراراً وهي تقولُ “الصبر زين يا منصور” .. منصور -أيضاً- يقولُ أمامَ الفضائياتِ من غيرِ وَعي “الصبر زين” ، يَحفظُها عن ظهرِ قلبٍ ويبكي، وكُلنا يبكي معه .. يدفعُ “منصور” مقابلَ صبرِه هذا، عقلاً بارّاً بأمِّه حافظاً للقرآنِ، ومُتقِناً ثلاثَ لغاتٍ، والأصعبُ في ذلك عقلاً بلاءً على المحتلِّ! “منصور” وفلسطين اليومَ متشابهانِ غريبانِ على بعضِهما، متشابهانِ حين تآكَلا حتى لم يبقَ فيهِما إلا مزيدٌ من الصبرِ ! وغريبانِ حينَ يفقدُ ذاكرتَه الوطنيةَ بأكملِها، وحين تستنطِقُه مذيعتُها بعدَ (17) سنةً عزلةً ليشكرَ الرئيسَ إجلالاً وتبجيلاً على وقفتِه الإنسانيةِ، وتَجاوُبِه المسؤولِ، فلسطينُ غريبةٌ على “منصور”؛ لدرجةِ أنه لا يعرفُ فيها أحداً … “منصور اليوم مُقيدٌ بحريّتِه” .. أُمٌ أخرى أبطأ القَدرُ أنفاسَها، واختنقتْ بنارِ الصبرِ حتى ماتت، فضمَّ حبيبُها شاهدَ قبرِها وهو يسألُها أنْ تَخرُجَ من مَرقدِها هذا، فتعوّضَه حرمانَ (35) سنةً .. خرجَ “رشدي أبو مُخ” من قبرِه الانفرادي؛ فلا أُمُّه تجري نحوَه لتصرخَ ” يمّا يا رُشدي” ولا القَدَرُ مكتوباً ليبقيها سنتينِ زيادةً .. ماتت بحَسرتِها.. ويموتُ اليومَ بموتِها سنواتٍ أخرى .. رواياتٌ مُغيّبةٌ لا عدَّ لها، لم نواصلْ جهدَنا بالتنقيبِ عن ضحاياها داخلَ أمتارٍ لا تصلحُ حتى للتخيّلِ، ولم نبذلْ عقولَنا لإحياءِ مشاعرِهم ورفعِ أسمائهم ودرجاتِهم .. قصصٌ لم نَعتدْ إلّا أنْ نشاهدَ نهايتَها فنَحزنَ أو نفرحَ؛ ثُم تنقضي حتى نرَى الخاتمةَ الأخرى .. قصصٌ جعلناها بتَقاعُسنا أرقاماً

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى