Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
مقالات

مشكلتُنا أننا لا نُدرِكُ..

 

الصحفية : مريهان أبو لبن

هل ندركُ ما بداخلِنا..؟ هل ندركُ ما يدورُ في عقولِنا ..؟ هل ندركُ قيمةَ الأشخاصِ حولَنا ومَن يحبُّنا ومن يَكرهُنا..؟ هل ندركُ مكانتَنا وقيمتَنا لذَواتِنا ..؟ الإدراكُ أنْ تفهمَ شخصيَّتَك؛ وتدركَ ما لها وما عليها؛ فهذا يَضعُنا في أماكِنِنا الصحيحةِ؛ ويَجعلُنا نعيشُ حياتَنا بوَعيٍّ وفَهمٍ وإدراكٍ ..

الإدراكُ يعني الوَعيَ لذاتِك؛ وتقديرَك لنفسِك ولِلآخَرينَ، فتُحدِّدُ مسارَكَ في الحياةِ، وتختارُ علاقاتِكَ، وتُغربِلُ الأشخاصَ المُزعِجينَ والأنانيّينَ؛ فتَعرِفُ معادنَ الناسِ، ومَن يستحِقُّ أنْ يكونَ في حياتِك..وَعيُكَ يرسمُ لكَ حياةً تشتري فيها نفسَك وراحتَك وكرامتَك؛ فَمِن هناكَ تضمنُ بقاءَك بلا خلافاتٍ أو صراعاتٍ أو مناكفاتٍ ..

مشكلتُنا أننا لا نُدرِكُ النِّعَمَ التي بينَ أيدينا؛ ولا نتذوّقُ جمالَها؛ وحينَ نفتقِدُها نحاولُ استعادتَها؛ ولكنْ بعدَ فَواتِ الأوانِ.. فلماذا لا نُدرِكُ قيمةَ الأشياءِ إلّا بعدَ فَقدِها؟ رُبما لأننا تَعوَّدْنا عليها؛ ولم نَعُدْ نَلتفتُ لها، ولماذا نَضعُ أنفُسَنا في مُعتَرَكِ البحثِ عنها؟ _وقد كانت متوَفّرةً_ ثُم نحاولُ استِعادتَها بعدَ فقدانِها؛ ونحن من ضيَّعناها بأيدينا؛ لأنّنا لم نُدركْ قيمتَها ونحافظْ عليها!

عندما تعيشُ حياتَكَ مُدرِكاً لطبيعةِ الأشخاصِ حولَكَ؛ وقتَها تستطيعُ أنْ تُميِّزَ مَن هم الأقربُ والأَحَبُّ لقلبِكَ وروحِكَ ؛ فتُدرِكُ مكانةَ الأشخاصِ.. بعدَما تنفتِحُ بصيرتُك على كُلِّ أفعالِهم الحُلوةِ، ومُبادراتِهِم لإسعادِنا؛ فيُصبحُ كُلُّ شيءٍ مفهوماً وواضحاً ومريحاً؛ حينَ تُدرِكُ مَحبَّتَهم لكَ؛ وأنها غيرُ مشروطةٍ بمصلحةٍ..، ولا مرتبِطةٍ بشروطٍ.. مَحبّةً لشخصِكَ ولنفسِك.. وقتَها ستَعملُ ما بِوُسْعِكَ لِتُعطيَ وتُقدِّمَ  راضياً؛ لأنّ الأرواحَ معَ الإدراكِ تَنسَجِمُ، وتتَآلفُ، وتُعطي بِحُبٍّ وسَخاءٍ في حياةٍ أنتَ صنَعتَها بإدراكٍ ووَعيٍّ؛ لكنْ حينَ لا تُدرِكُ قيمةَ العطاءِ من قِبلِ أشخاصٍ مُقرَّبينَ منك؛ فيُصبحُ العطاءُ كأنّه فَرْضٌ عليهم،  وواجبٌ أنْ يُقدِّموهُ لكَ  مدَى الحياةِ؛ وأنتَ فقط تَستقبلُ العطايا والحبَّ والاحترامَ  دونَ تقديرٍ لعطائهِم.. عندَها تسقطُ من عيونِهم، وتصبحُ رقماً لا قيمةَ له.. وتفقد عطاءَهم؛ لأنك لم تُدركْ قيمتَهم.. وحينئذٍ تَمتَعِضُ وتتَساءلُ مُستَنكِراً: لماذا تَغيّروا! لماذا  جَفَّ العطاءُ! وتَنسَى أنّ للعطاءِ باباً يُغلَقُ؛ إذا لم يَجِدْ من يُقدِّرهُ ويَشكرهُ  عندَ أبوابِه ..

تَذكّرْ أنّ الحبَّ يحتاجُ إلى من يسقيهِ لِيَكبرَ وينموَ ويزدادَ، فلا تُتعِبْ نفسَكَ حينَ تَفقدُ اهتمامَ وحُبَّ الآخَرينَ، بعدَما كنتَ ترتعُ فيه؛ لكنّكَ لم تُحسِنْ الاحتفاظَ به.. فإنْ تُدرِكْ تَقصيرَكَ  وخطأَكَ؛ وتُحاولْ أنْ تُصحِّحَ ما كان.. ذلكَ أفضلُ بكثيرٍ من العيشِ على مَبدأ أنكَ شخصٌ  “كُل مرّة بِفَكّر حالُه بِعمل وبقدِّم..” وتتَغنّى بعبارات “أنا بَعمل .. أنا بَهتَم .. أنا بشو مقصّر ..! أنا بشو غلطت!”. وقد نجدُ البعضَ يعترفُ بخَطَئِه وتقصيرِه؛ ولكنْ للأسفِ دونَ تغيُّر؛ ويبقَى الحالُ ما هو عليه؛ بوَعدِ أنْ يتغيّرَ..؛ ولكنْ تبقَى الوعودُ واهيةً.. وسرعانَ ما تَتَبخّرُ ؛ولا مجالَ للتغيير..!

حتى ما تخسر شخص عزيز عليك؛ افعَلْ لأجله ليَبقَى.. بادِلْهُ نفس المشاعر والعطاء، ما اضلّك العمر تأخد بدون ما تقدّم، وإوعَك تيجي تقدّم بعدَ فواتِ الأوان؛ لأنه التقديم ما حيكون له لازم..عند ما كان لازم تقدّم؛ ما قدّمت..عند ما لازم كنت تساند وتطبطب؛ ما كنت .. عند ما كان محتاج لك؛ ما كنت؛ لأنك ما كنت مدرك لِكُل النّعمِ الّلي بين يديك وخسرتْها.. في أشياء لَمّا تنكسِر ما بتنجبر!

الإدراك يا جماعة نعمةٌ محظوظٌ مَن يستشعرُها؛ حياتُه بِتكون واضحة ومرسومة؛ بِعرف يتعامل مع كلّ الناس؛ ويعطي لكُل شخص قيمته ومكانته؛ بشعر بالراحة والرضا لكُل شيء؛ بتسكُن السكينة قلبه؛ وما بعود خايف ومتوتر؛ لأنه بكل ببساطة عرف ما له وما عليه..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى