تثمينُ الخدماتِ

سألتُ الأصدقاءَ على فيسبوك: كيف تُقدِّرونَ ثمنَ الخدماتِ أو السّلعِ التي تشترونها؟ الأجوبةُ كانت متنوّعةً؛ لكنّ جُلَّها يتمحورُ حولَ المُخرَجاتِ؛ وهذه بدايةٌ مشجِّعةٌ.
كثيراً ما أرى مشاريعَ صغيرةً تُبتَذَلُ من قِبلِ الزبائنِ؛ ما يودي بالمشروعِ إلى الهاويةِ؛ هذه المشكلةُ ذاتُ شقّينِ: الشقُّ الأولُ يقعُ على عاتقِ صاحبِ المشروعِ؛ الذي لا يَدرسُ سوقَه بشكلٍ جيدٍ؛ ما يؤدّي إلى تسعيرٍ غيرِ واقعي. مشكلةٌ أخرى وهي رؤيةُ صاحبِ المشروعِ للخدمةِ أو السلعةِ من جانبٍ مُفرِطٍ في التفاؤلِ (انحياز تفاؤلي: مشكلةٌ مُتجذِّرةٌ في التخطيطِ للمشاريعِ).
الشقُّ الآخَرُ للمشكلةِ يقعُ على عاتقِ الزبونِ؛ حيثُ يُخطئُ الناسُ كثيراً في تثمينِهم للخدمةِ؛ فينظرونَ إليها من حيثُ مُدخَلاتِ الإنتاجِ دونَ النظرِ في المخرَجاتِ أو القيمةِ المترتبةِ؛ فلو قدّمتْ شركةٌ ما خدمةَ تمريضٍ بيتيٍّ، أو تخطيطِ حفلاتِ زفافٍ؛ يُقلِّلُ الزبونُ بشكلٍ صارخٍ من قيمةِ الخدمةِ؛ قياساً على عددِ ساعاتِ العملِ مثلاً، ويميلُ أيضاً بعضُ الناسِ إلى تسفيهِ الخدماتِ بشكلٍ مَرَضيٍّ دونَ داعٍ؛ (ثمةَ فئةٌ تتلذذُ في ذلك!). الثقافةُ المجتمعيةُ التي تجعلُ من الفصالِ في الشراءِ أمراً محتوماً؛ أيضاً لها أصلٌ في تلكَ المشكلةِ.
رسمَ الرسامُ “بيكاسو” رسمةً على مِنديلٍ ورَقيٍّ في خمسِ دقائقَ؛ فأذهلَ ذلك سيدةً فسألتْه عن السعرِ فردَّ: آلافاً؛ فقالت لكنّكَ رسمتَها في دقائقَ معدودةٍ؛ فردَّ: لكني تدرّبتَ سنينَ طويلةً لأتمكّنَ من فعلِ ذلكَ في دقائقَ.