الطفلُ الكَتومُ

لعلَّ ما يؤرّقُ أمومةَ الأمِّ ؛ طفلٌ بجانبِها فاقدُ الاتصالِ بها ؛ هادئٌ كتومٌ ؛ يكتُمُ مشاعرُه فلا يتحدثُ عمّا يُحزِنُه أو ما يُفرِحُه ؛ وغالباً ما يحبُّ الاستقلاليةَ والخصوصيةَ في حياتِه , فيَبتعدُ عن الحديثِ عنها لأيِّ أحدٍ ؛ يميلُ للَّعبِ لوحدِه؛ ويجدُ المتعةَ في ذلكَ , صمتُ الطفلِ الذي يكتُمُ مشاعرَه , أفكارَه , رغباتِه ؛ وأشياءَ كثيرةً؛ قد يكونُ في بعضِ الأحيانِ غطاءً لمَخاوفَ , قلقٍ، مشكلاتٍ , صدماتٍ , حزنٍ , غضبٍ ؛ لذلكَ عليكِ عزيزتي الأم تحديدَ سببِ صمتِ الطفلِ .
عليكِ تحديدَ الأسبابِ الحقيقةِ التي تدفعُ الطفلَ للصمتِ؛ مِثلَ (الخوفِ , القلقِ , مشكلاتٍ أسريةٍ، مدرسيةٍ…) ومعالجتَها؛ حاوِلي أنْ تتقبَّلي شخصيةَ طفلِكِ كما هو , واحترمي خصوصيتَه , وعدمَ اللجوءِ إلى دفعِه للحديثِ دفعاً؛ بل توجيهِه نحوَ الحديثِ باحترامٍ و راحةٍ نفسيةٍ و بالتدريجِ , كذلكَ عدمَ مقارنةِ الطفلِ بغَيرِه من الأطفالِ طليقي اللسانِ؛ فلِكُلِّ طفلٍ إمكاناتُه وخصوصياتُه؛ بل حاوِلي أنْ تجعلي هذه النماذجَ قدوةً ودافعاً إيجابياً له؛ كأنْ يتعلّمَ منها عن طريقِ التفاعلِ معها هو بنفسِه؛ وملاحظتِها و التعلّمِ والاقتداءِ بها , حاولي عزيزتي الأم أنْ تُخصِّصي وقتاً يومياً للاستماعِ للطفلِ بكُلِّ اهتمامٍ ؛ دَعيهِ يتحدثُ عن يومِه , مدرستِه , أصدقائه , هواياتِه؛ و حاولي ألّا تقاطعيهِ أثناءَ الحديثِ، وحاولي أنْ تقلِّلي من طولِ الفترةِ التي يشاهدُ فيها الطفلُ التلفازَ والألعابَ الإلكترونيةَ , والأجهزةَ الذكيةَ؛ لأنها تعزّزُ اللغةَ الاستقباليةَ لدَى الطفلِ، و تُقلِّلُ اللغةَ التعبيريةَ , فتَجعلُه يميلُ إلى استقبالِ اللغةِ؛ ويتجنّبُ تعبيرَها , دَعيهِ يتفاعلُ مع أقرانِه أطفالِ جيرانِه؛ سيَتعلّمُ منهم الكثيرَ لُغوياً , حاوِلي أنْ تلعَبي معه لعباً (حُراً ) و دعيهِ يضعُ قواعدَ للُّعبةِ؛ فاللعبُ فرصةٌ ذهبيةٌ للتعرّفِ على أفكارِه ونموِّه الفكري , وأخيراً أنصحُكِ عزيزتي الأم بالقصةِ أو الحكايةِ؛ وهي إستراتيجيةٌ رائعةٌ للتعرّفِ على أفكارِه ومشاعرِه , اطلُبي منه أنْ يلخّصَ القصةَ أو يُعيدَها من بَعدِكِ , اطلُبي منه أنْ يَصِفَ بعضَ أحداثِ أو شخصياتِ القصةِ , ما رأيُّه؟ وما شعورُه تُجاهَهم؟ ستُدرِّبُه هذه الطريقةُ على الوَعي بذاتِه؛ والتعبيرِ عنها بشكلٍ أفضلَ .