Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
تقارير

حياةُ الأسرى داخلَ السجونِ في رمضانَ؛ رسائلُ صمودٍ وكرامةٍ  

انتهاكاتٌ وتضييقياتٌ مُتزايدةٌ

في الوقتِ الذي تحتارُ قلوبُنا وعقولُنا؛ كيف نختارُ الطريقةَ التي نستقبلُ فيها رمضانَ؟ تحتارُ إدارةُ السجونِ الإسرائيليةِ في الطريقةِ التي يُمكِنُ من خلالِها التنغيصُ على الأسرى الفلسطينيينَ داخلَ السجونِ باستقبالِ فرحةِ رمضانَ، فلا احترامَ لِقُدسيةِ الشهرِ الفضيلِ ومكانتِه لدَى المسلمينَ، ولا مراعاةَ لاحتياجاتِ الأسرى وظروفِهم جرّاءَ صيامِهم عن الطعام.

داخلَ زنازينَ وغُرفِ السجنِ التي تفتقرُ لمعظمِ مقوّماتِ الحياةِ، يقبعُ نحوُ (4400) أسيرٍ،\؛ منهم (36) أسيرةً، فيما بلغَ عددُ المعتقَلينَ الأطفالِ والقاصرينَ في سجونِ الاحتلالِ نحوَ (140) طفلاً، وعددِ المعتقَلينَ الإداريينَ إلى نحوِ (440) معتقَلاً.

وتفيدُ الإحصاءاتُ الرسميةُ أنّ من بينِ الأسيراتِ (22) أمّاً، لـ (79) ابناً وابنةً؛ حيثُ تَحرمُ بعضَهنّ من زيارةِ أبنائهِنّ، كما وتَحرمُ الأسيراتِ الأمهاتِ من الزياراتِ المفتوحةِ، ومن تَمكينِهِنَّ من احتضانِ أبنائهِنّ، أو لقاءِ أبنائهِنّ الأسرى الموجودينَ معهُنَّ داخلَ السجونِ.

زاخرٌ بالذكرياتِ

وعلى الرغمِ من المعاناةِ الكبيرةِ؛ ومرارةِ الحياةِ؛ وقسوةِ الأحداثِ؛ وتصاعُدِ إجراءاتِ السجانِ القمعيةِ بحقِّ الأسرى؛ إلّا أنهم يسعونَ إلى تناسي ما بهم من همومٍ، والتعالي على ألمِهم، وإخفاءِ حزنِهم أمامَ السجّانِ، فيؤدّونَ الشعائرَ الدينيةَ حسبَ المُمكنِ، ويستمتعونَ بفضائلِ الشهرِ الكريمِ رغمَ أنفِ السجّانِ، ويتفنّنونَ في صنعِ الأطعمةِ والحلوياتِ الخاصةِ، ويستغلونَ أوقاتَهم فيما يفيدُهم، ويَتلونَ القرآن.

“وليد الهودلي”، أسيرٌ محرّرٌ، قضَّى (18) عاماً في سجونِ الاحتلالِ، يقولُ لـ”السعادة”: “إنّ استعدادات الأسرى تتركزُ في الإقبالِ شِبهِ الكاملِ على النشاطِ الروحي، أهمُّها قراءةُ القرآنِ، والدعاءُ، وإعدادُ برنامجٍ إداريّ يوفّرُ أجواءً رمضانيةً هادئةً، مع تنظيمِ الوجباتِ على وَجبتينِ “إفطارٍ وسحورٍ”؛ بدَلاً من ثلاثِ وجباتٍ.

ويضيفُ:” يتطوّعُ مجموعةٌ من الأسرى لتنظيمِ برنامجِ الأسرى خلالَ الـ (30) يوماً؛ حيثُ يتمُّ تخصيصُ وقتٍ للمسابقاتِ الثقافيةِ؛ ويتمُّ طرحُ العديدِ من الأسئلةِ؛ مقابلَ جوائزَ معيّنةِ؛ كالعصائرِ، والدفاترِ، والأقلامِ؛ كما تُلقَى أسئلةٌ تَخصُّ القضيةَ الفلسطينيةَ، ومعلوماتٌ عامةٌ، وهناكَ وقتٌ للأمسياتِ الترفيهيةِ، وآخَرُ لحلقاتِ تدريسِ القرآنِ، وحِفظِه، وفهمِ أحكامِه؛ وهنا نكتشفُ المواهبَ من خلالِ المعلوماتِ التي يمتلكُها الأسيرُ، أو من خلالِ الأصواتِ الجميلةِ في قراءةِ القرآنِ”.

ويتابعُ: يتطوّعُ آخَرونَ للطبخِ؛ حيثُ يتمُ إعادةُ عملِ الطعامِ المقدّمِ من إدارةِ مصلحةِ السجونِ، وإعطاؤهُ مسحةً من فنونِ الطبخِ الفلسطينيةِ؛ فعلى سبيلِ المثالِ: فإنّ الإدارةَ تقدّمُ يومَ الجمعةِ جزءاً من الدجاجِ للأسرى، يتمُّ تنظيفُه، ووضعُ الأرُزِّ بداخلِه، ليصبحَ مقلوبةً؛ إضافةً إلى إعدادِ الحلوياتِ من خلالِ الخبزِ الموجودِ لدَيهِم، ثم توضعُ تحتَ البلاطةِ الكهربائيةِ لساعتينِ أو ثلاثٍ، لتتَحمّرَ؛ ثم يُعِدّوا لنا الكنافةَ، والعوامةَ، والقطايفَ”.

ويستطردُ: أهمُّ ما يميزُ رمضانَ؛ أنه زاخرٌ بالذكرياتِ..، حيثُ يجتمعُ أسرى الغرفةِ في المساحةِ الواقعةِ بينَ الحمّامِ و”الأبراش”، وعلى طعامٍ اختارَه السجّانُ لهم، وهنا تُداهمُ ذكرياتُ المائدةِ التي يجتمعُ عليها الأهلُ والأقاربُ؛ كذلك تأتي صلاةُ التراويحِ محمّلةً بذكرياتِ المساجدِ الجميلةِ المكيّفةِ، والتي تلتقي بها مع مَن تُحبُّ، بينما تلك الصلاةُ بين الأبراشِ، وتحتَ حرابِ الاحتلالِ ومُنغّصاتِه”.

خصوصيةٌ روحانيةٌ

في حين يقولُ الأسيرُ “يوسف نواجعة”، الذي قضّى (6) أعوامٍ داخلَ السجونِ؛ وأُفرجَ عنه قبلَ عدّةِ أشهرٍ: “يتمُّ إعطاءُ دوراتِ تقويةٍ في شهرِ رمضان من قِبلِ أسرى متعلّمينَ؛ حيثُ يقومونَ بتخصيصِ وقتٍ لتدريسِ اللغةِ العبريةِ، والإنجليزيةِ، والروسيةِ؛ إضافةً لتخصيصِ وقتٍ للحديثِ وتبادلِ المعلوماتِ المفيدةِ بينَ كافةِ الأسرى داخلَ السجنِ، والاستفادةِ من خبراتِ كلِّ أسيرٍ، إضافةً لخدمةِ الأسرى المرضى”.

وعن مضايقاتِ الاحتلالِ، قال نواجعة: “كنا نتعرّضُ للكثيرِ من المضايقاتِ من الاحتلالِ؛ منها منعُ تَجمُّعُ الأسرى؛ وذلكَ من خلالِ إغلاقِ الغرفِ، حيثُ لكُلِّ سجنٍ غُرَفٌ مفتوحةٌ على بعضِها البعضِ، ويجتمعُ الأسرى من كافةِ الغرفِ للمشاركةِ في هذه النشاطاتِ، إضافةً إلى التفتشياتِ اليوميةِ، والمفاجئةِ، وتفريقِ الأسرى أثناءَ قيامِهم بنشاطٍ مُعيّن”.

في حين يقولُ الأسيرُ “عصمت منصور”، والذي قضَّى (20) عاماً في السجونِ، قال إنّ شهرَ رمضان له خصوصيةٌ روحانيةٌ، وعاطفيةٌ، ودينيةٌ. كما يبدأُ الأسرى بتحضيرِ قائمةِ مطالبَ لتقديمِها لإدارةِ السجونِ، منها: تحسينُ جودةِ الأكلِ المقدّمِ من إدارةِ السجونِ؛ إضافةً إلى طلبِ تسهيلِ إجراءاتِ زيارةِ الأهلِ في شهرِ رمضانَ؛ من خلالِ عدمِ التفتيشِ الطويلِ، وتسريعِ عمليةِ الزيارةِ، إضافةً إلى السماحِ بوَضعِ بعضِ المأكولاتِ كاللبنِ في الثلاجةِ، وتوزيعِها للأسرى قبلَ الإفطارِ.

خَلْقُ أجواءٍ..

من جانبِها تقولُ هيئةُ شؤونِ الأسرى والمُحرَّرينَ، أنه ورغمَ الألمِ الذي يعيشُه الأسرى؛ بسببِ ضيقِ المساحةِ وظُلمِ السجّانِ، ومشاعرِ الحزنِ القاسيةِ التي يحياها الأسيرُ وعائلتُه على حدِّ سواء في شهرِ رمضان؛ إلا أنّ الأسرى يحاولونَ التخفيفَ من معاناتِهم تلك؛ من خلالِ خلقِ أجواءٍ كالتي عاشَها الأسيرُ في الخارجِ.

وفي الشهرِ الفضيلِ يزدحمُ برنامجُ الأسرى بالفعالياتِ الثقافيةِ، والمسابقاتِ، وحلقاتِ العلمِ والتدريسِ وغيرِها..، ويحاولونَ انتزاعَ مساحةٍ من الحريةِ من جوفِ السجنِ المليءِ بالكراهيةِ والأحقادِ؛ بأمسياتٍ ترفيهيةٍ متنوعةٍ ومختلفةٍ؛ فيجتهدُ الأسرى لصناعةِ الحلوَى “كالكنافةِ والقطايفِ” من بقايا الطعامِ والخبزِ، وقليلٍ من الموادِ المضافةِ والمتوّفرةِ لدَيهم؛ من أجلِ إدخالِ البهجةِ والسرورِ على أنفسِهم؛ في ظِلِّ رفضِ إدارةِ السجونِ إدخالَ الكثيرِ من الموادِ الغذائيةِ الأساسيةِ التي يطلبُها الأسرى.

ومع اقترابِ موعدِ الإفطارِ؛ يتجمعُ الأسرى في حلقاتِ الذكرِ والدعاءِ وقراءةِ القرآنِ؛ بينما ينشطُ المسئولونَ عن الطبخِ لإنهاءِ الطعامِ _وخاصةً الشوربةَ_ لتكونَ بدايةَ الصائمِ، في حين يقومُ بعضُهم بتوزيعِ التمورِ، ومع أذانِ الإفطارِ الذي يتولاه أحدُ الأسرى في القسمِ؛ يسارعُ الأسرى في كلِّ غرفةٍ لأكلِ التمرِ؛ وشُربِ الشوربةِ المُعدّةِ لهم والإفطارِ، ويؤدّون صلاةَ المغربِ ومنها لصلاةِ التراويحِ.

وأوضحتْ الهيئةُ، أنّ إدارةَ سجونِ الاحتلالِ الإسرائيليةَ تمارسُ كلَّ أنواعِ المضايقاتِ بحقِّ الأسرى في هذا الشهرِ الفضيلِ؛ للتنغيصِ عليهم ومضاعفةِ معاناتِهم ومنها: منعُ تجمُّعِ الأسرى من خلالِ إغلاقِ الغرفِ ، وتتعمدُ الإدارةُ إجراءَ التفتشياتِ اليوميةِ، والمفاجِئةِ، وتفريقَ الأسرى أثناء قيامِهم بنشاطِ مُعين، وإزالةَ العديدِ من أصنافِ الموادِ الغذائيةِ من (كانتينا) السجونِ “المقصف”، وتقديمَ أصنافِ طعامٍ سيئةِ الكمِّ والنوعِ للأسرى الذين يَقبعونَ في مراكزِ التحقيقِ والتوقيفِ (كعصيون وحوّارة وغيرِها)، بل تَتعمّدُ في كثيرٍ من الأحيانِ تأخيرَ وجباتِ الإفطارِ للمَوقوفينَ في هذه المراكزِ إلى منتصفِ الليلِ.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى