Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
مقالات

بـ “الفَمِ الَمليانِ” علامة فارقة

الاعلامية / فداء المدهون 

لـ”غرزة وخيط “

مَثّلتْ المرأةُ الفلسطينيةُ علامةً فارقةً في تاريخِ الشعبِ الفلسطيني، وفي بناءِ الوَعي نحوَ القضيةِ الأكبرِ؛ فكانت هي نُواةَ بناءِ الجيلِ الذي رفضَ الخضوعَ والمساومةَ؛ ورضعَ حُبَّ الوطنِ، نشأَ وتربَّى على الحقِّ في استردادِ كلِّ شبرٍ من أرضِ الوطنِ؛ وعلامتُها الفارقةُ في الوجودِ والتاريخِ؛ برزتْ في صناعةِ مفهومِ التحرّرِ والصمودِ، ثُم في صناعةِ بصمةِ الفلسطيني الذي لا يغيبُ.. يعيشُ “نيصاً” ويقاتلُ كالبرغوث.

هذه الاستراتيجيةُ في العطاءِ والمشاركةِ لم تأتِ من فراغٍ؛ وإنما جاءت بوَعيِّ المرأةِ الفلسطينيةِ بدورِها وأهميةِ مساندتِها لكُلِّ مقوّماتِ الأسرةِ الممتدّةِ والصغيرةِ؛ فمارَستْ كُلَّ الأدوارِ مجتمِعةً.

في المنزلِ سيدةٌ لا تنكسرُ، لا تنشغلُ، لا تمَلُّ، تربّي وتديرُ وتدبّرُ وتطبطِبُ وتداري؛ ثُم تَخرج منه للمشاركةِ جنبًا إلى جنبٍ مع الرجلِ في النضالِ؛ فيحتفظُ التاريخُ للمرأةِ الفلسطينيةِ بمَحافلَ ومحطاتٍ وأبجديّاتِ نضالٍ ملازِمةً للتاريخِ الفلسطيني؛ ففي ثورةِ (1936) باعتْ حُلِيَّها لشراءِ السلاحِ؛ وقاتلتْ وداوتْ الجراحَ، لم تحتفِ بعظمةِ ما صنعتْ؛ بل كرّستْ جهودَها ووَعيَها وعطاءَها لتُطوِّرَ دورَها النضالي؛ فكانت في كلِّ محطاتِ الثورةِ تقودُ التظاهراتِ؛ وتشاركُ في الانتفاضاتِ؛ وتلمِّعُ أسماءَ النساءِ؛ وهُنَّ استشهادياتٌ وشهيداتٌ وأسيراتٌ وجريحاتٌ.. والسجّلُ حافلٌ أسمائهِنَّ.

لم تكنْ في كلِّ المراحلِ صلبةً؛ فقد بكَتْ لياليَ طويلةً دمعاً ودماً، تحمّلتْ قسوةَ الفقدِ للابنِ والأبِ والحبيبِ؛ وشدّتْ على جراحِها؛ فكانت عمودَ البيتِ التي ترعَى وتُعيلُ أهلَه؛ وتصِلُ بهِم إلى بَرِّ الأمانِ، لم ترفعْ من فَرْطِ صمودِها صورةَ فقيدِها، لم تَنسَ أنْ تجلسَ أمامَ الصليبِ الأحمرِ كلَّ أسبوعٍ؛ لتُطالبَ بالإفراجِ عن الأسرى.

لم تكتفِ المرأةُ الفلسطينيةُ بهذه الأدوارِ؛ بل انطلقتْ للمشاركةِ في معركةِ البناءِ والتحريرِ؛ دوماً لها كلمتُها في بناءِ المجتمعِ، وصناعةِ وَعي الأجيالِ؛ هي الصحفيةُ، والمعلمةُ، والمهندسةُ، والطبيبةُ، وصاحبةُ الأعمالِ، لم تتركْ الفلسطينيةُ مجالاً في العملِ والبناءِ إلّا واقتَحمتْهُ عَنوةً؛ وتميّزت به وباتتْ أسماءُ النساءِ الناجحاتِ في المجالاتِ المختلفةِ يتردّدُ صداها؛ ونَعرفُ حكاياتِها ونشاهدُها، لم تنحصِرْ في محليّةِ الفعالياتِ.. فالفلسطينيةُ خُلقتْ لكُلِّ المحافلِ؛ حتى باتت صوَرُها وهي تستلمُ الجوائزَ التقديريةَ في المسابقاتِ العربيةِ والعالميةِ جُزءاً من الهوامشِ في تاريخِها.

لا ظُلمَ ولا افتراءَ إنْ قُلنا “بالفَمِ المَليانِ:” إنّ المرأةَ الفلسطينيةَ سبقتْ الكثيراتِ في وصولِها إلى مراكزِ التأثيرِ وصُنعِ القرارِ؛ سواءٌ داخلَ أحزابِها أو بتمثيلِها في الوطنِ؛ فوَجدْنا منهنّ عضواتِ المجلسِ التشريعي، وعضواتِ المجالسِ البلديةِ والوزيراتِ، كذلكَ المؤثّراتِ في قيادةِ مؤسّساتٍ في المجتمعِ المَدَني؛ فكانت لها بصْمةُ صناعةِ الوَعيِ والتغييرِ.

حَجزتْ المرأةُ الفلسطينيةُ مكانتَها؛ فكانت في المُقدّمةِ؛ وحاربتْ التحدّياتِ الاجتماعيةَ؛ وقفزتْ عنها؛ وتركتْ لها بصمةً في كلِّ طريقٍ؛ وهذا ما مَيَّزَ الفلسطينيةَ التي لم تَستَسِلمْ لِكُلِّ الصعوباتِ والأزماتِ التي مرَّ بها شعبُها؛ وعمِلتْ لتكونَ صانعةَ التغييرِ؛ وبنَتْ من الحجارةِ سُلّمًا للسيرِ في طريقِ التحريرِ؛ لتظلَّ المرأةُ الفلسطينيةُ أُنموذَجًا استثنائيًا لنساءِ العالمينَ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى