عودي طفلك على إثبات ذاته

عندما يصلُ الطفلُ إلى نهاية العامِ الثاني، وبدايةِ العام الثالثِ تولَدُ ذاتُه، فيدركُ أنه شخصٌ آخَرُ منفصلٌ عن الأم، ويتزامنُ ذلك مع قدرتِه على استعمالِ اللغة، وظهورِ مجموعةٍ من السلوكياتِ التي تدلُّ على ميلهِ إلى إثباتِ ذاتهِ وتأكيدِ وجودها، من قَبيل: قولُه لكلمةِ (لا) بكثرةٍ، وميلُه للعنادِ والرفض، كرفضِ الطعامِ، ورفضِ لباسٍ مُعين، ورفضِ غسلِ اليدينِ بعد الأكلِ، ورفضِ النوم.. ميلُ الطفلِ إلى الرفضِ دليلٌ على وجودِ أزمةِ نموٍّ وصراعٍ داخلي مع أمّه والآخَرينَ الحميمينَ، سرعان ما تتلاشى عندما يكونُ التواصلُ بينهما طيباً ومبنياً على أسُسٍ من الاحترامِ والتفهُم لطبيعةِ الطفلِ والمرحلةِ التي يمرُّ بها.
وأيضاً من علاماتِ ميلِ الطفلِ لإثباتِ ذاته، إدراكُه لنفسِه كشخصٍ بين أشخاصٍ آخَرين، ويبدأ في استيعابِ قواعدِ العلاقاتِ الاجتماعيةِ؛ كالتعاونِ والمشاركةِ والرغبةِ في كسبِ قبولِ ورضا الوالدَين، والمحيطين به عموماً، والتلاعبِ بمشاعرِ وأحاسيسِ الأم؛ من أجلِ التحكمِ في المواقفِ لتلبي طلباتِه ورغباتِه.
وتلعبُ الأم دوراً أساسياً في توجيهِ الطفل؛ ليتمكنَ من تجاوزِ أزمةِ الميلادِ النفسي والصراعِ والرغبةِ في الرفض، وليتعلمَ كيف يعتمدُ على نفسِه، ويتحملُ مسئوليتَها ومسئوليةَ علاقتِه بالآخَرين.
خلال تلك الأزمةِ قد يتعاملُ الكثيرُ من الأمهاتِ والآباءِ؛ كردِّ فعلٍ لتصرفاتِ أطفالِهم، فتميلُ أساليبُهم التربويةُ للسلبيةِ، والقسوةِ والعنفِ والتهديدِ وسحبِ الحبِّ والصراخ.
وهي أساليبُ لا تجدي نفعاً، وتجعلُ الطفلَ يستمر في عنادِه ورفضِه، بل والأكثرُ من ذلك؛ قد تظهرُ لديهِ مشاكلُ سلوكيةٌ أخرى؛ كالعدوانيةِ والانسحابِ والخوفِ ونوباتِ الغضب.. نظراً لأنّ الصراعاتِ ستصبحُ حتميةً بينَه وبينَ والدَيهِ في مِثلِ هذه الحالات.