Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
مقالات

فقه الحياة

أولُ مرّةٍ أَكونُ "حَماية"!

بقلم الكاتبة :سميرة نصار

ما أشبَهَ الأمسَ باليومِ! تذكّرتُ يومَ أمسِ البعيدِ؛ حينما دخلتُ إلي بيتِ حماتي لتلبيةِ دعوةِ الغداءِ الأول؛ وأنا بنتُ التاسعةَ عشرَ عاماً أصغرُ عائلتِها سِنّاً، المُدلّلةُ المعتزّةُ بنفسِها واختياراتِها، والتي كان يفخرُ عمي (حماي) باختيارِه صاحبةَ الحسَبِ والنّسَبِ لابنِه البكرِ عروساً ، كنتُ حينَها أرتدي فستاناً سُكّريَّ اللونِ (الأفوايت ) المُزيّنَ بالبروشِ الذهبي، والذي أحتفظُ به في خزانةِ ملابسي منذُ ثلاثةِ وعشرينَ عاماً  ونيِّف؛ لجمالِه وجمالِ ذكرياتِه .

وفي يومِ أمسِ القريبِ، دخلتْ عروسُ ابني “عبد الرحمن” بيتَنا لتلبيةِ دعوةِ طعامِ الغداءِ؛ هي وأهلُها الكرامُ، الفتاةُ التي ارتضيناها بحَسَبِها وخُلُقِها؛ ليَسكُنَ قلبُه بها، وليبنيا معًا بيتَ الأنسِ والرضا في السراءِ والضراءِ، وارتدتْ حينَها  فستاناً جميلاً أحمرَ؛  شهدَ معها هذا اللقاءَ، وهذا الموعدَ؛ وسيَبقَى طوالَ العمرِ فستانَ هذا اليومِ ، فخلالَ تجهيزاتِها لزفافِها؛ وبعدَ الزفافِ ستبتاعُ أجملَ  وأشيَكَ منه؛ بل وأحدثَ؛ ولكنّ هذا الفستانَ جميلٌ بذكرياتِه؛ ستَنقُلُها لخليلاتِها وبناتِها كما فعلنَ سابقاتِها..

فارتباطُنا ببعضِ قِطعِ ملابسِنا ليس لجمالِها؛ وإنما لجمالِ ذكرياتِها، ومَعزَّةِ الأشخاصِ الذين عاشوا معَنا تلك الأحداثَ.

فالمرأةُ فينا يعيشُ في قلبِها أولُ لقاءٍ، وأولُ هديةٍ، وأولُ تذكارٍ، وأولُ اهتمامٍ بما تهتمُ ؛ فهي كينونةٌ من المشاعرِ والذكرياتِ المختلفةِ التي لا يَحسُّها سواها.

لم يكنْ هذا اليومُ يوماً مُقدَّراً في قلبِ العروسينِ فَحَسْبُ؛ بل هو يومٌ طفَا على سطحِه الجمالُ والكمالُ؛ فلَفحَ كلَّ الوجوهِ التي دعَوناها لتعيشَه معنا .

فقطعةُ سُكّرٍ ستَدخُلُ إلى بيتِنا؛ ليُصبِحَ لَديَّ ثلاثُ أميراتٍ؛ أتحسَّسُ في وجودِهِنَ البناتِ والصديقاتِ؛   فتصبحُ شريكةَ مجالسِ البناتِ الخاصةِ،  وحفلاتِ سمَرِنا الليليةَ  العائليةَ، التي نُذهِبُ بها متاعبَنا وغصّاتِ أمزِجةِ  الناسِ المختلفةِ في أعمالِنا..

بُنَيَّ الغالي : يا جمالَ حظِّها بكَ! و يا حُسنَ أقدارِها التي قَدّرتْ لها هذا الارتباطَ  الأَبدِيَّ! فكُن لها  الحبيبَ والصديقَ والرفيقَ؛   لترى في عينَيكَ الدنيا بأكملِها.

عروستَنا الجميلةَ، يا حظَّنا بكِ! ويا جمالَ الاجتهادِ والاختيارِ! كوني له صيفَه المُنعِشَ، وشتاءَه الدافئَ،  وربيعَه المُزهِرَ، وخريفَه الهادئَ؛ ليرَى فيكِ حوريّةَ الأرضِ .

طالَما كنتُ أردِّدُ عبارةَ “ساقَها الأدبُ، واختصرَتْ فصولاً من الكُتب”، “مَن أطعمَ ولدي تمرةً؛ سقطتُ حلاوتُها في فمي”،  فهي لدَيَّ قاعدةُ حياةٍ، تراني أُقَدِّرُ كلَّ مَن أَحَبَّ أولادي، أو أسدَى لهم معروفاً بالنصحِ و الإرشادِ و العلمِ،  أو حتى بابتسامةٍ  تَظهرُ على محيّاهُم، أو نكتةٍ أظهرتْ ثناياهُم ، أُحبُّ أصدقاءَهم وأصحابَهم، وأنا في الأغلبِ لا أعرفُ وجوهَهم؛ وإنما لجمالِ عوالقِهِم، وطِيبِ رفقَتِهم، فما بالُكَ بِمَن ستَضُمُّه بحلاوةِ طبعِها، وطِيبِ عَيشِها، وجمالِ روحِها، ورجاحةِ عقلِها..

فنصيبُ السَّعدِ الأكبرِ لِقلبَيكُما، ونصيبُ السَّعدِ الكبيرِ لقلبي؛ كلَّما أراكُما، أو أنطِقُ بكلمةِ  (كِنَّتي)؛هذه الكلمةُ الجديدةُ في قاموسي وأحاديثي؛ فلأولِ مرّةٍ سأكونُ “حَماية”؛  لن أقولَ إنني سأكونُ أُمّاً؛ فالأمُّ لا يُبدِّلُها أيُّ مخلوقٍ على وجهِ تلكَ المَعمورةِ؛ وإنّما “حماية” بقلبِ أُمٍّ …أتمنَّى أنْ ننجحَ معًا؛ لتبقَى عائلتُنا العائلةَ الذهبيةَ، كما أَحبَّ بعضُهم أنْ يُطلَقَ عليها ..

ولأَولِ مرَّة “حماية”..

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى