Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
رياديات

صاحبةُ أولِ منجرةٍ مُحترِفةٌ

"أبو شباب": عيونُ النساءِ مختلفةٌ في صناعةِ الأثاثِ؛ تَحكمُها المساحةُ والاحتياجُ والتفاصيلُ

 

“الحاجةُ أصلُ الاختراعِ”، هذا تحديدًا من وضعِ تحريرِ “أبو شباب” داخلَ ورشةِ نجارةٍ صغيرةٍ؛ تمتلِكُها هي وزوجُها في واحدةٍ من أبرزِ صوَرِ تحدِّي البطالةِ؛ التي تضربُ بعُمقٍ واقعَ الشبابِ الفلسطيني داخلَ قطاعِ غزة، الذي يعاني الأمرَّينِ جرّاءَ الانقسامِ الفلسطيني والحصارِ الإسرائيلي.

على مقربةٍ من منزلِهما في مخيمِ خانيونس جنوبَ قطاعِ غزة؛ تعملُ تحرير (32)عاماً و زوجُها “أيمن الشامي” (36 عاماً)، بينَ الآلاتِ الكهربائيةِ، والأخشابِ المتراكمةِ، والنشارةِ المتطايرةِ، دونَ خوفٍ أو رهبةٍ؛ متحدِّيةً كلَّ الظروفِ الاقتصاديةِ التي يُمكِنُ أنْ تُعرقل  استمرارَها بالعملِ.

منجرةُ شام

تقولُ لـ” السعادة”: أردتُ أنْ يكونَ لي مشروعٌ متميّزٌ؛ فاتّجهتُ لاستثمارِ هوايةِ الرسمِ التي أُتقِنُها، ومهارتي في التصميمِ، والاستفادةِ من تجربةِ والدي في عملِ النجارةِ؛ ليكونَ لي عملٌ خاصٌّ”.

في قطعةِ أرضٍ لا تزيدُ مساحتُها عن (200) مترٍ؛ أقامت “تحرير” بمساعدةِ زوجِها وتشجيعِ والدِها وَرشتَها؛ بدأتْ بأخشابٍ رخيصةِ الثمنِ، وبعضِ الأدواتِ اليدويةِ غيرِ المُكلِفةِ، ثُم زوّدتْها بالآلاتِ اللازمةِ للقصِّ والتقطيعِ والدِّهانِ، بدأتْ بإنتاجِ قِطَعِ أثاثٍ؛ ونشرِ صوَرِها على صفحتِها على “الفيس بوك” باسم “منجرة شام”؛ وسرعانَ ما حازت إعجابَ الزبائنِ الذين أقبلوا على منتجاتِها.

وتتابعُ: التفكيرُ بالمشروعِ لم يكنْ صعبًا؛ فأنا أكبرُ إخوتي؛ واعتدتُ منذُ الصِّغرِ أنْ أكونَ عصاميةً في كلِّ شيءٍ، والدي عوّدني ألّا أنتظرَ مساعدةً من أحدٍ، فطبيعةُ شخصيتي مبادِرةٌ قادرةٌ على الإدارةِ والتنظيمِ، ولَديَّ قدرةٌ على اتخاذِ القراراتِ المناسبةِ والقويةِ،؛ وأتمتعُ بإرادةٍ وقوةِ شخصيةٍ تؤَهِلُني لأيِّ مسؤوليةٍ.

وتضيفُ أبو شباب لـ”السعادة”:” بدأتُ عملي في مهنةِ النجارةِ منذُ عامِ (2012)؛ عندما كنتُ أعيشُ ظروفًا اقتصاديةً صعبةً مع زوجي وأطفالي؛ فاقترحتُ علي والدي وزوجي أنْ أدخُلَ عالمَ النجارةِ؛ لتكونَ مصدرَ رزقٍ لي ولعائلتي، والحمدُ للهِ ثِقةُ والدي كانت في مكانِها، فسرعانَ ما استجابَ لرغبتي؛ وبدأ يُغدِقُ عليَّ بأسرارِ المهنةِ وفنونِها.

وتنوِّهُ: عملُ النِجارةِ ليس صعبًا؛ هو فقط يحتاجُ إلى بعضِ المعرفةِ والفنِّ والتركيزِ، وما دُمنا نمتلكُ عقلًا؛ فنحن قادرونَ على كلِّ شيءٍ”.

صعوبةُ البداياتِ

وتُتابعُ: بدايةُ كلِّ عملٍ صعبةٌ؛ وهذا ما حدَثَ معي نظراً لعدمِ وجودِ إمكاناتٍ ماديةٍ لشراءِ الموادِ والأجهزةِ؛ مبيِّنةً أنها  قامت بأولِ عملٍ بالاشتراكِ مع زوجِها؛ وكان صناعةَ طَقمِ  كراسي من خشبِ المشاطيحِ! باستخدامِ أدواتٍ بسيطةٍ؛ مِثلَ الشاكوشِ والمساميرِ والمنشارِ اليدوي”.

وتابعت، بعدما أنهينا صناعةَ (طقمِ الكراسي)؛ وضعناهُ في منزلِنا؛ ما أثارَ إعجابَ الكثيرِ من الأقاربِ والأصدقاءِ! ومنذُ تلكَ اللحظةِ بدأتْ الطلباتُ.. وبدأتْ منجرةُ “شام” تعملُ بِطاقَتِها الإبداعيةِ ضِمنَ المُتاحِ من الموادِ والأجهزةِ.

وتستطردُ: طلباتُ الزبائنِ الكثيرةُ دفعتني إلى الاتِّجاهِ إلى تكبيرِ المنجرةِ؛ والاقتراضِ لشراءِ المعدّاتِ التي تساعدُني في إنجازِ جميعِ أعمالي؛ منها (منشارٌ آليٌّ، وجيكسون، وديسك)، ثُم تقدّمتُ إلى المؤسساتِ الداعمةِ للمشاريعِ الصغيرةِ؛ بعدَ دراسةِ جدوَى للانطلاقِ في ورشةٍ حقيقةٍ بمعِدّاتٍ حديثةٍ؛ وهي التي أمتلِكُها اليومَ.

تنتجُ “تحرير” في ورشتِها كلَّ ما يلزمُ البيتَ من أثاثٍ، كراسي، وموائدَ، وقِطَعِ زينةٍ، وهدايا، وأَسِرّةٍ، وتَجزِمُ بأنّ مهارتَها في الفنِّ سهّلتْ عليها كثيرًا؛ فهي ترسمُ تصميمَ الديكوراتِ على الورقِ أولًا؛ ثُم تبدأُ بتطبيقِه على الخشبِ.

تضيفُ: “مشروعي بالأساسِ هو إعادةُ تدويرِ لخشبِ المشاطيح -صناديقُ نقلِ البضائعِ- وأخشابُ الأشجارِ التالفةِ، إضافةً إلى الخشبِ الفاخرِ، وكانت لديَّ رؤيةٌ بأنْ تُناسبَ منتجاتي كافةَ مستوياتِ الدخلِ؛ على أنْ تكونَ جميعُها بشكلٍ جذابٍ وجميلٍ، وذَوقٍ فنيٍّ عالٍ”.

وتؤكّدُ “تحرير” أنّ عملَها في مهنةِ النِجارةِ سهّلَ على النساءِ التواصلَ معها من خلالِ صفحتِها على “الفيس بوك”، وطلبَ ما يريدونَ ويناسبُ بيوتَهُنّ، فأصبحنَ يتواصَلنَ معها، ويصوِّرْنَ المكانَ المطلوبَ تأثيثُه ومن ثَم تضعُ هي تصوُّرَها لتصميمِ الديكورِ المناسبِ وفقًا لمساحةِ المكانِ ودخلِ العائلةِ.

عيونٌ مختلفةٌ

وترَى “تحرير” أنّ عيونَ النساءِ مختلفةٌ في رؤيتِها لقِطعِ الأثاثِ، فهُنَّ يرَينَ تفاصيلَ المكانِ، والحاجةَ المطلوبةَ، ويعرِفنَ كيفيةَ استثمارِ المساحاتِ، لا نتعاملُ مع الأثاثِ كقطعةٍ جميلةٍ فقط؛ بل تَناسُبِ المكانَ وفقًا لمساحتِه وألوانِ البيتِ أيضًا.

وبيّنتْ أبو شاب، أنّ زوجَها “أيمن” له دورٌ كبيرٌ في دعمِها معنوياً منذُ بدايتِها في مهنةِ النجارةِ، حيثُ أنه يعملُ معي يومياً داخلَ الورشةِ قرابةَ ثماني ساعاتٍ في مَهامٍّ محدَّدةٍ واضحةٍ؛ حقيقةً لا يُمكِنُني فِعلَها دونَ وجودِه جانبي.

وكشفتْ أبو شاب، أنّ أهمَّ التحدياتِ التي واجهتْها؛ انقطاعُ التيارِ الكهربائي بشكلٍ مستمر؛ والذي كان دائماً يعملُ على تأخيرِ عملِها بشكلٍ دائم، ولكنّها استطاعتْ حلَّ هذه المشكلةِ بشكلٍ جزئي؛ من خلالِ شراءِ ألواحٍ من الطاقةِ الشمسيةِ؛ بالإضافةِ إلى عدمِ وجودِ تمويلٍ ماديّ تستطيعُ الاعتمادَ عليه في شراءِ جميعِ المعدّاتِ دونَ استثناءٍ.

وتطمحُ أنْ تكونَ ورشةُ “شام ” معروفةً على مستوى قطاعِ غزة، وتتمنّى فتْحَ معرِضٍ كبيرٍ لها؛ تَعرضُ من خلالِه جميعَ منتَجاتِها، داعيةً جميعَ الخرّيجينَ والخريجاتِ، وجيوشِ البطالةِ إلى طرْقِ أبوابِ أحلامِهم وهواياتِهم وطموحِهم.. لأنّ العملَ الحُرَّ يجعلُكَ سيّدَ نفسِك، ويغنيكَ لنهايةِ الحياةِ.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى