
بقلم الدكتورة / حكمت المصري
مستشارة اسرية وتربوية
الحياةُ الزوجيةُ بينَ الأزواجِ هي عَقدٌ شرعيٌّ تَحكُمُه مجموعةٌ من المبادئِ والأُسُسِ القائمةِ على التفاهمِ والموَدّةِ والرحمةِ والحبِّ؛ من أجلِ أنْ تدومَ هذه العلاقةُ التي باستقامتِها يستقيمُ المجتمع .
فالحبُّ، والرحمةُ شرطانِ أساسانِ من شروطِ الحياةِ الزوجيةِ السعيدةِ، التي وإن توَفّرتْ بكُلِّ معانيها؛ توَفّرتْ السعادةُ بكُلِّ ألوانِها، وجمالِها.
لذلك إنْ رأيتَ علاقةً زوجيةً ناجحةً بينَ اثنينِ؛ فاعلَمْ أنه ليس شرطًا أنهما مُتّفِقانِ في جميعِ الأمورِ ، ولكنْ تأكّدْ أنّ واحداً منهما يتحمّلُ الآخَرَ، فالخصائصُ الفسيولوجيةُ والنفسيةُ بالتأكيدِ ستكونُ مختلفةً بينَ الزوجِ والزوجةِ؛ ويُمكِنُ أنْ يؤثّرَ اختلافُها سلباً في الأشهرِ الأولى من الزواجِ؛ إذا لم يتَعهّدْ ويتفِقْ كلٌّ من الزوجينِ على تَجاوُزِ الهفواتِ وعيوبِ الآخَرِ؛ وخاصةً في السنواتِ الأولى من الزواجِ؛ لتكوينِ الأُسرة .
لذلك كان حرِيَّاً بنا في زاويةِ (بيوت منوّرة)؛ أنْ نسلّطَ الضوءَ على بعضِ و أهمِّ الوسائلِ الواجبِ توَافُرُها للحصولِ علي حياةٍ سعيدةٍ بينَ الأزواجِ، و التي نَذكرُ منها ..
المرونةُ والسلاسةُ في التعاملِ: فعلى الزوجينِ إدراكُ أنّ ظروفَ الحياةِ قد تَضطَّرُّهم في بعضِ الأحيانِ للتنازلِ.. أو تغييرِ نمطِ وأسلوبِ المعيشةِ التي اعتادوا عليها؛ لذلكَ فتجهيزُ أنفُسِهم لِتَقبُّلِ واقعِ الحياةِ الزوجيةِ الجديدةِ؛ هذا أمرٌ مُهِمٌ لتحقيقِ الحياةِ السعيدة .
جميلٌ أنْ يكونَ هناك اهتماماتٌ مشترَكةٌ بينَ الزوجينِ؛ فهذا له دَورٌ حيَويٌّ في تحقيقِ التقاربِ والتآلفِ بينَهما؛ لذلكَ يمكِنُ استغلالُ فترةِ الخطوبةِ في البحثِ عن صفاتٍ مشترَكةٍ بينَهما وتَعزيزِها.
كما يقولونَ، الخلافاتُ الزوجيةُ هي مِلحُ الحياةِ؛ لكنْ من المُهمِّ الحرصَ على حلِّ الخلافاتِ الزوجيةِ والأُسريةِ _أوّلاً بأولٍّ_ بينَ الأزواجِ أنفُسِهم، وعدمُ التزامِ الصمتِ حيالَها؛ لأنها متى تراكمتْ صعُبَ حلُّها.. ففي الحياةِ الزوجيةِ كلُّ المشاكلِ قابلةٌ للحلِّ بسهولةٍ؛ بشرطِ أنْ ينظُرَ الزوجانِ إلى المشاكلِ على أنها قضيةٌ أخذٍ وعطاءٍ؛ لا قضيةَ انتصارٍ وهزيمةٍ.
في كلِّ علاقةٍ زوجيةٍ ناجحةٍ تَجِدُ أحدَ الأزواجِ أو كِلَيهِما جميلَ الخُلقِ والتربيةِ والطِّباعِ؛ تجِدُه يعتذرُ عندما يخطئُ؛ ويعتذرُ في الوقتِ المناسبِ؛ وهذا الأسلوبُ لا يُعَدُّ تنازُلاً في ظِلِّ الحفاظِ على حياةٍ هادئةٍ ومستقرّة .
إدارةُ الحياةِ الزوجيةِ ليستْ عمليةً سهلةً بينَ الأزواجِ؛ بل هي إدارةٌ بالمشارَكةِ؛ لِذا ينبغي أنْ تسودَ بينَ الأزواجِ المشارَكةُ والتعاونُ والتشاورُ في حلِّ المشكلاتِ، واتّخاذِ القراراتِ المتعلقةِ بحياتِهم .
في حالِ حدَثَ خلافٌ بينَ الأزواجِ؛ وكان الزوج مُخطِئاً.. فعلَى الزوجةِ أنْ يتَّسِعَ صدرُها لتَقَبُّلِ اعتذارِ زوجِها لها؛ فبِتلكَ الطريقةِ ستَكسِبُ وُدَّهُ وحُبَّهُ ، فالتسامحُ عاملٌ مُهمٌّ للمُضيِّ قدُماً للحفاظِ على حياةٍ زوجيةٍ سعيدةٍ؛ فيجبُ أنْ لا يَبقَى الفردُ مُستاءً من أمرٍ يُمكِنُ تغييرُه؛ لأنّ ذلكَ يوقِفُ العلاقةَ ويمزّقُ روابطَها.
جميلٌ أنْ يَعلمَ الزوجُ بأنّ الزوجةَ ليستْ بحاجةٍ فقط إلى النفَقةِ والسَّكَنِ؛ لكنّها أيضاً بحاجةٍ إلى كلمةٍ جميلةٍ، وقلبٍ حَنونٍ، وعاطفةٍ تملأُ قلبَها، ورحمةٍ تُنسيها تعبَها وتضحيتَها؛ لذلك فلْيكُنْ الإطراءُ من قِبلِ الزوجينِ لبعضِهما البعضِ نهجاً وأسلوبَ حياة.
القناعةُ في الزواجِ أساسُ السعادةُ: كلّما اقتنعَ الزّوجُ بزوجتِه من جميعِ النواحي؛ كان سعيداً في زواجِه، وكذلك الزوجةُ.. ، فالقناعةُ كَنزٌ لا يفنَى .
اختلافُ الزوجينِ في الطباعِ لا يؤدّي بالضرورةِ لظهورِ خلافٍ شخصيٍّ بينَهما؛ طالما كلٌّ منهما يتقبّلُ الآخَرَ على ما هو عليه.
من أجملِ ما يميِّزُ العلاقةَ الزوجيةَ؛ هو شعورٌ كلِّ طرَفٍ بأهميةِ الآخَرِ، وتقديرِه للظروفِ المحيطةِ به، والتغاضي عن النواقصِ؛ فذلكَ ما يُعزِّزُ التقارُبَ بينَ الطرَفينِ.
اهتمامُ الزوجينِ بالمَدحِ والثناءِ بالكلماتِ المُحبَّبةِ؛ عندَ أداءِ أيِّ عملٍ إيجابيٍّ جديدٍ أو مُمَيّزٍ تُجاهَ الآخَرِ؛ يُنَمِّي مشاعرَ الحُبِّ في الحياةِ الزوجيةِ؛ ولِضمانِ استمرارِ الأُلفةِ والمحبةِ بينَ الزوجينِ؛ ينبغي أنْ يركّزَ كلٌّ منهما على النقاطِ الإيجابيةِ في الآخَرِ، لا العكسِ.
مساعدةُ الزوجةِ ببعضِ الأعمالِ المنزليةِ دليلٌ على الإيجابيةِ والنضجِ، ولَنا في نبيِّنا محمدٍ_ صلى الله عليه وسلّم_ أُسوَةٌ حسَنة.
من المُهِمِّ إيجادُ أجواءٍ من المرَحِ في الحياةِ الزوجيةِ؛ بحيثُ لا تكونُ رتيبةً بسببِ اقتصارِها فقط على المسؤولياتِ المختلفةِ للحياةِ والأبناءِ.
بهذه الخطواتِ يُمكِنُ للأزواجِ تخَطِّي جميعِ المشكلاتِ التي من شأنِها أنْ تؤثِّرَ سَلباً على حياتِهم الزوجيةِ؛ لأنّ الأصلَ في الحياةِ الزوجيةِ الاستقرارُ والمحبةُ والرِّضا .